أحمد الجارالله : بعير إيران قصم ظهر لبنان
يخطئ رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بطرقه أبواب بعض العواصم سعياً إلى حل أزمة بلاده مع دول الخليج العربية، فيما الحل عنده في بيروت، وليس في أي مكان آخر، لذا فما حصده من اجتماعاته في غلاسكو البريطانية، لن يصرف لا في الكويت التي التقى رئيس مجلس وزرائها، ولا في باريس حيث تعهد له الرئيس ماكرون السعي إلى إعادة ترتيب العلاقات اللبنانية – الخليجية، أو مع انجيلا ميركل، أو رئيس الوزراء البريطاني وغيرهم.
قبل أي أمر آخر لا بد من التأكيد، على ما بات معروفاً، أن تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي ليست هي السبب، فمثل هذه المواقف يمكن الرد عليها بمقالة في صحيفة، لكن ما قاله القرداحي كان القشة التي قصمت ظهر البعير العميل الإيراني “حزب الله” المهيمن بأمر من طهران على القرار اللبناني، حيث لا كلمة لرئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة، ولا النواب والوزراء، فكل هؤلاء واقعون تحت تأثير تهديدات حسن نصرالله ومن لف لفه ممن يستقوون بإيران على بقية الشعب.
الإجراءات لم تتخذ من عبث، وهي ترجمة، تأخرت كثيراً، للموقف الدولي القاضي بعزل لبنان، فالعواصم الخليجية تحمَّلت من بيروت ما لم تتحمله أي عاصمة أخرى، وكانت تراهن على صحوة تؤدي إلى كف شر ذلك الحزب الإرهابي عنها، غير أن هذا لم يحدث، بل أمعن نصرالله، ليس فقط في شتم وسب ومهاجمة دول الخليج، بل بفتح معسكرات حزبه مأوى لتدريب بحرينيين وسعوديين وكويتيين على تنفيذ عمليات إرهابية في بلادهم، ومساعدة الحوثيين في إجرامهم، وارتكاب جرائم إرهابية كثيرة، في العراق وسورية، والكويت والبحرين، وإرساله خلايا تجسس إلى الإمارات.
إضافة إلى كل ذلك جعل من لبنان منصة لتهريب المخدرات إلى دول “مجلس التعاون”، وأقام شبكات غسل أموال، فيما في المقابل لم تحرك المؤسسات الرسمية اللبنانية ساكناً، بل كانت تخضع دائماً لهذا الحزب، ولا تزال، وهو ما جعل دول الخليج كافة تتخذ قراراً مصيرياً خلاصته: إما الإبقاء على هذا الباب الذي تأتي منه رياح السموم، أو تقفله إلى أن يستعيد لبنان سيادته وحرية قراره.
لم تتدخل المنظومة الخليجية يوماً بالشأن اللبناني إلا بما يفيد اللبنانيين، بل لا تزال حريصة عليهم لعلمها أن منظومة المافيا والميليشيات الحاكمة هي المسؤولة وليس الخمسة ملايين مواطن الذين يعانون اليوم أزمة معيشية واقتصادية لم يمر بمثلها هذا البلد منذ 170 عاماً، لذا فإن على ميقاتي، أن يعمل على ترتيب بيته الداخلي، ولا يراهن على سراب الوعود التي سرعان ما تذهب طي النسيان بعد انتهاء اللقاءات، فما كتب قد كتب، ولن يتغير طالما أن لا شيء في لبنان تغير.
يبقى القول إن هذه الدولة، العزيز شعبها على شعوب المنطقة، لم تعد تمثل أي أهمية، سياسية واقتصادية لدول “مجلس التعاون”، وأي مساعدة تقدم لها تذهب إلى العدو الذي يصوب علينا نيرانه، ولهذا نكرر القول: لا تطرق يا سيد ميقاتي الأبواب الخطأ، فأنت تعرف المطلوب، والمشكلة مع البعير الإيراني الذي يجعر يومياً بأحقاده علينا، وليست مع الشعب اللبناني، فوفر جهدك لحل أزمتك مع حزب الشيطان، ثم اتصل بدول الخليج.