بدر خالد البحر: لا عفو عن المدانين بالتخابر مع إيران وحزبها
من المفترض أننا دولة ذات سيادة، ولديها تعريف واضح لما يسمى «الخيانة العظمى»، وعقوبتها الإعدام في كثير من الدول، فبعض الخطايا قد تغتفر، إلا من خان وطنه، وتآمر على زواله، ولا يختلف في الذنب من ارتكب هذه الجريمة ومن دافع عن مرتكبيها علانية، فهم في الخيانة سواسية، وفي قلة الأدب وانعدام الحياء والحقارة زبانية.
نحن نطلقها سهاماً في صدور من يلف ويدور ويحاول تسلق جدران العار، يستجدي العطف ويلمح ويصرح لإرفاق خلية العبدلي بالعفو الأميري! فهل قرأ هؤلاء حيثيات حكم التمييز النهائي والقطعي والبات المنشور في القبس الغراء 23 يوليو 2017! ليرى حجم الخيانة والمؤامرة الخسيسة على الكويت وأهلها ووجودها؟!
لقد فجّرت حيثيات حكم التمييز إدانة جميع المتهمين في خلية العبدلي، وكشفت تدريباتهم في لبنان بتخطيط من دبلوماسي إيراني بالكويت، وضابط بالحرس الثوري ومن خلال حزب الله التابع لإيران، بهدف هدم النظم الأساسية بالكويت، الاجتماعية والاقتصادية، واستهداف المنشآت الحيوية وتفجيرها وإرهاب السلطات والأفراد.
وأشارت المحكمة إلى أن حزب الله درّب أعضاءه من أفراد خلية العبدلي، وكانت علاقة بعضهم مباشرة بأمينه العام، كما أشارت إلى ارتباط الحزب بالأحداث الإجرامية السابقة في الكويت، كخطف طائرة الجابرية، ومحاولة اغتيال الأمير جابر، وخلية التجسس الإيرانية، والتعاون مع مخابرات طهران لتكوين خلايا للتخابر وتهريب الأسلحة والمتفجرات وتخزينها بالكويت، ورصدهم لأهداف عسكرية ونفطية.
والسؤال هنا: لماذا لا نتعلم من أعدائنا؟! فإيران عندما تشم رائحة خيانة لأي مواطن تعلقه على أعمدة إنارة الشوارع وصاريات الكرينات، لتردع بذلك أي محاولة قبل حدوثها. أما نحن، فقد عفونا عن الخونة بعد الغزو، فأمن من جاء بعدهم من الخونة، وراحوا يتخابرون ويتآمرون مع العدو حتى ضبطت خلية التجسس الإيرانية عام 2010، وكان من المضحك والمخزي تصريح وزير الداخلية حينها عندما تطرق إلى إيران قائلاً إنها بالنسبة للكويت «دولة جارة، ويتبادلان الاحترام»! فأيقنت إيران مدى ضعفنا، فزادتنا احتراماً، وأنشأت خلية العبدلي بعد خمس سنوات من التجسس!
سؤالنا الثاني: هل كان أعضاء خلية العبدلي سيتجرأون على اقتراف جريمة كهذه داخل أراضي المملكة السعودية مثلاً؟ بالطبع لا، لأنهم تلقنوا درساً من مآل أسلافهم الكويتيين أعضاء حزب الله الذين جُزّت رؤوسهم بعد مرور شهرين وأحد عشر يوماً فقط من تاريخ القبض عليهم في يوليو 1989 لتورطهم في أحداث تفجيرات الحرم المكي.
إن علينا أن نستحي من أنفسنا لمجرد التفكير بنقاش موضوع العفو عن خونة، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال مساواة من يكنون الولاء للدستور والحكم والوطن ويدافعون عنه، سواء من نواب سابقين فقدوا البوصلة بسبب مصالحهم، أو أصحاب الرأي من الشباب، مساواتهم مع مجرمين عقدوا النية والعزم مع سبق الإصرار والترصد والتخابر مع العدو، ضامرين العداء لتخريب البلاد وقتل العباد!
إننا إن لم نستح من أنفسنا، فلنستح من أرواح زهقت لكويتيين وغيرهم ممن فقدتهم أمهاتهم وفلذات أكبادهم بسبب جرائم إيران وحزب الله، كمن قتلوا بتفجيرات السفارات والمقاهي، ومن قتلوا في موكب جابر الأحمد، وممن أطلقوا الرصاص على رؤوسهم وركلوهم بوحشية من باب الطائرة لتهوي جثثهم وترتطم بالأرض، بمنظر شاهده العالم وشاهدناه حينها على شاشة قاعة الجامعة في كليفورنيا ونحن في صدمة، لنلتفت فنرى دموع الطلبة الأميركان من حولنا تنساب على خدودهم من هول المشهد!
إن تاريخ كل هذه الأحداث والجرائم وردت في مقالاتنا على مدى خمسة عشر عاماً، وبما يقارب ثمانين مقالاً، حذّرنا فيها من خطر سياسات ومواقف إيران وحزب الله وأوردنا أدلة من تقارير مخابرات دولية كما جاء في مقالنا عام 2008 «وتقولون لا يوجد حزب الله في الكويت؟» تفضح تورط وسطاء كويتيين بالتعاون وتهريب ونقل الأموال للحزب، بل وسلطنا الضوء على خطاب الأمين العام للحزب بمقال عام 2006 حين شكر الكويتيين الحاضرين مؤتمر الضاحية لنبين ولاء البعض، كما فضحنا في مقال «إيران تخترق الكويت من خلال وزارة الإعلام»، عام 2008، بكشف معلومات دقيقة من الداخل أذهلت الجميع لخطورتها.
إن الحديث عن اختراقنا طويل جداً، وقد حذّرنا منه الحكومة لعقد ونصف من الزمن، اختراق تمادى إلى تهريب المخدرات، ولكننا اليوم نقف عند منعطف، فالمنطقة تمر بتغيرات خطيرة قد تكلفنا وجودنا، لذلك علينا أن نتعامل بحزم مع ما يحيطنا من أخطار وخيانات ونمارس شيئاً من السيادة، ومنها لا للعفو عن المجرمين الموالين لإيران وحزبها.
ملاحظة: طلب العفو هو اعتراف بالذنب… الأجدر بأصحاب الرأي طلب إلغاء الأحكام إن كنتم تدعون عدم ارتكاب الخطيئة.
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.