سوسن الشاعر : اسمَعُوا وعُوا ما يحدث في لبنان
السؤال المهم الذي يطرحه القارئ البحريني ناهيك عن تعاطفنا ومشاعرنا الصادقة تجاه اللبنانيين هو ما الذي يهمنا في موضوع لبنان في البحرين تحديداً؟
يهمنا أن نرى ونسمع ونتابع مصيراً كان مقدراً لنا ومرسوماً لنا، وكان سيتم على أيدٍ بحرينية مثلما هو يتم الآن في لبنان بأيدٍ لبنانية.
يهمنا جداً جداً حتى لا نستهين بالصغيرة ولا نمرر ما يسوّق لنا على أنه أزمات بسيطة، فالمخطط الذي جر لبنان إلى هذه الهاوية لم يبدأ أبداً بهذا الحجم، بل بدأ بتمكين عملاء إيران في لبنان وبمنحهم الامتيازات بحجة «المقاومة»؛ إذ لم يكن مدخل حماية الخصوصية المستخدم في البحرين مقنعاً في لبنان، خاصة أن لبنان فسيفساء من الخصوصيات، فكان لا بد من إيجاد حجة ومنفذٍ آخر يمنح عملاء إيران مساحة صغيرة في البداية كي يتصرفوا خارج حدود الدولة، خارج سلطات جيشها وقضائها ومؤسساتها، فبدأت دولتهم الخاصة صغيرة جداً في حدود بسيطة لا تتعدى مؤسسات خيرية وبعض قطع من السلاح، إنما المهم ألا يمر القانون من جهتهم!!
ثم كبرت دولتهم وصغر لبنان، فكانت هذه النتيجة التي لخصها تقرير للبنك الدولي والذي من أجل إيران ومصلحة إيران وكرامة إيران وأحلام ساسة إيران يعيش نحو 80% من سكان لبنان تحت خط الفقـر على خلفية تضخم مـتـسارع وشحّ في الأدوية والمحروقات وتقنين حاد للتغذية بالتيار الكهربائي، وسط رفع الدعم تدريجياً عن الأدوية والطحين.
واستنزف الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ فـي العالم منذ عام 1850 احتياطات مصرف لبنان، وأفقد الليرة أكثر من 90 في المائة من قيمتها.
وبحسب آخر البيانات الصادرة عن الحكومة اللبنانية فإن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت بأربعة أضعاف، وقال البنك الدولي إنه تقريباً في عام واحد فقط بلغ معدل التضخـم 131.9% خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021. وحذرت منظمة «سايف ذي تـشـيـلـدرن» فــي أكـتـوبـر مــن أن الأطـفـال فـي لبنان لا يأكلون بانتظام لأن أهلهم يعانون من أجــل تـأمـيـن الــمــواد الـغـذائـيـة الأساسية لهم.
كل تلك التضحيات اللبنانية لأن جرذ الضاحية حاكم لبنان الفعلي مستعد لأن يقدم كل ما في لبنان من أرض وما عليها (كرمال) وليه الفقيه، وتحالف مع طغمة من الفاسدين للإمساك بخناق لبنان، فلا يجدون منفذاً ولا متنفساً إلا الموت وهو لا يمانع! وهذا ما يفكر به كل من يوالي فقيههم في أي مكان، وهذا ما يفعله هادي العامري في العراق والبطاط سابقاً وما يفكر به من كان عندنا في البحرين وهو مقيم عند أسياده الآن في إيران.
تخيّلْ لبنانَ الصغيرَ الذي لا تزيد مساحته عن عشرة آلاف كم مربع يتحدث فيه اللبنانيون الآن عن التقسيم!! يقولون لجرذ الضاحية خذ الجنوب والضاحية وحلّ عن سمانا، واللبنانيون بسنتهم، بشيعتهم، بمسيحييهم، بدروزهم قادرون على العيش المشترك بعيداً عنك، إذ إن أصغر لبناني الآن يعرف أنه لا سبيل للخلاص من الهيمنة الإيرانية إلا بحرب أهلية، أو بدخول الجيش اللبناني على خط المواجهة مع سلاح الحزب، أي لبنان في مواجهة إيران بالمعنى الأصح. فخلاص اللبنانيين لن يكون إلا بسقوط نظام الملالي، فهم الآن رهينة لديه.
لذلك نحن نتابع المآل الذي آل إليه حال اللبنانيين لنتذكر أن «الدولة» التي نعيش تحت ظلها في مملكة البحرين تتطلب اليقظة التامة وعدم الاستهانة بأي تطاول عليها أو خروج من تحت مظلتها دستورياً أو قانونياً تحت أي حجة أو ذريعة، فالحجج متنوعة لكن الهدف واحد وجودهم خارج إطار الدولة.