بدر خالد البحر: أجرم «حزب الله» بالأمس في اختطاف «كاظمة»
ضمن قرابة المئة عمل إرهابي تعرضت إليها الكويت في الثمانينيات، فقدت فيها أرواح الكثيرين، تمر على الكويت ذكرى سبعة انفجارات، الأحد القادم، الثاني عشر من ديسمبر عام 1983، أحدها في السفارة الأميركية، وقتل فيها المرحوم نجيب أحمد الرفاعي، الذي كان ذاهباً للحصول على فيزا للسفر لنيل الدكتوراه، ظل نجيب في غيبوبة يصارع الموت لأكثر من شهر حتى لفظ أنفاسه، وانفجار في السفارة الفرنسية، وببرج المراقبة في مطار الكويت، ومصفاة نفط، ومحطة كهرباء، وأماكن أخرى حصدت أرواح سبعة أشخاص، واثنين وستين جريحاً، نفّذها الجناح العسكري لجماعة الجهاد الإسلامي بزعامة مجرم «حزب الله» عماد مغنية الذي يحمل جوازاً دبلوماسياً إيرانياً باسم سيد مهدي هاشمي.
وعلى إثر تلك الحوادث، اعتقلت الكويت سبعة عشر إرهابياً، ما أثار حفيظة مغنية، فقام باختطاف طائرة الخطوط الجوية الكويتية «كاظمة» بعد أحد عشر شهراً، في مثل يوم أمس الرابع من ديسمبر 1984، المتجهة إلى كراتشي، فحوّل مسارها إلى إيران، وأجبرها على الهبوط بمطار مشهد، وقُتل فيها أميركيان ضمن مفاوضات إطلاق سراح الإرهابيين المعتقلين في الكويت
يقول مساعد الطيار: بعد اتصالنا ببرج المراقبة، تبين لنا معرفة إیران بكل التفاصيل، وتعرفنا على قائد الإرهابيين عماد مغنية، كما صعدت إلى الطائرة بعد هبوطنا بإيران عناصر إضافية من الخاطفين مدججين بالأسلحة.
أحد المضيفين، الذي كان أيضاً بالصدفة على متن طائرة «الجابرية» التي اختطفت عام 1988، يقول: «إن صورة مغنية لم تفارق عينيّ في كلتا الحادثتين، لا سيما قتله للدبلوماسيين الأميركيين في طائرة (كاظمة)، وقتله بدم بارد لأول راكب كويتي بالجابرية، ثم اقترابه مني بهدوء طالباً أن أحضر له كوباً من الشاي».
انتهى اختطاف «كاظمة» بمسرحية اقتحام الإيرانيين للطائرة وتحرير الرهائن ومساعدة الخاطفين إلى العودة بأمان لربوع «حزب الله» بلبنان وتمويلهم للتدريب على تنفيذ عمليات إرهابية أخرى بالكويت، كان منها اختطاف «الجابرية» بعد أربعة أعوام، والتي قتل فيها كويتيان، ليضاف ذلك إلى سجل قائمة الإجرام البواح لـ«حزب الله»، قائمة تكللت بتأبين كويتيين موالين لإيران، منهم نواب، لمغنية بعد مقتله عام 2008، تأبين تحدى فيه «حزب الله» المواطنين، وأحدث جرحاً غائراً ما زال ندباً في قلوبهم.
إن لك أن تتخيل بعد سلسلة جرائم هذا الحزب، التي طالت حتى أمير البلاد وحصدت الأرواح، فإننا لم نقطع رأس كويتي خائن واحد منهم، أسوة بالسعودية التي اجتثت أعناق ستة عشر مجرماً كويتياً من أعضاء الحزب بعد تفجيرات الحرم، كما كبحت تظاهرات أحداث مكة 1987، فقتل منهم 275 إيرانياً، وهو برأينا ما دفع إيران لأن تتجه بإرهابها نحونا، كوننا «طوفة هبيطة»، فأنشأت خلية تجسس بالكويت بعد التأبين بعامين في 2010، ثم خلية العبدلي المجرمة بعد خمسة أعوام في 2015، ثم مؤخراً، وليس آخراً، خلية تمويل «حزب الله» التي أشارت القبس الأسبوع الماضي إلى القبض على خمسة من أعضائها ليصل المجموع إلى ثلاثة وعشرين متهماً!
ففي مراجعة لجرائم الحزب على مدى ثلاثة عقود ونصف، يتبين لنا أمر مخيف جداً بما لا يدع مجالاً للشك وهو نفوذ «حزب الله» في الكويت، لذلك صار مستحقاً على حكومتنا، أو السلطات الأمنية المختصة، عدم المغامرة بأرواح مواطنين بسطاء، وأن تبين فلسفة تعاملها مع هذا الحزب، الذي حظي المجرمون المدانون فيه بأحكام قضائية على حصانة حفظت أرواحهم منذ قبل الغزو، مما أفقدنا الإحساس بالأمان، نظراً لقدرة هذا الحزب التاريخية على تكرار جرائمه والحفاظ على سلامة أعضائه مع تعريض أرواح الكويتيين للموت، وكأننا ساحة خلفية رخيصة لإيران لتنفيذ مخططاتها وغسل أموالها؟! مما يذكرنا بتصريح رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني منذ ستة أعوام، الذي لا نشك بصحته كما يدعي البعض: «الكويت تشكّل عمقاً إستراتيجياً ولن نتنازل عنه»!
إن بعض ما ذكرناه آنفاً قد حذّرنا منه بمقالاتنا على مدى عقد ونصف العقد، وكأننا قرأنا فنجان خيبتنا، والعياذ بالله، فالتهاون مع «حزب الله» الملطخة أياديه بدماء الكويتيين سيجعلنا عرضة لمعاودة مخططاتهم الإجرامية الكرّة تلو الأخرى بتمويل قياداتهم الإيرانية، كالتي أصابتنا بالثمانينيات من تدمير وقصف وتفجيرات واغتيالات واختطاف سفن وطائرات كالجابرية، ومن قبلها التي مرت ذكراها السابعة والثلاثون يوم أمس طائرة «كاظمة»!
***
نبارك للبنانيين استقالة وزير الإعلام، ونقول لدول الخليج لا لتمويل لبنان حتى بعد الاستقالة، ونقول للبنانيين:
ذهب الحمارُ بأمِّ عمرو…. فلا عادت ولا عاد الحمارُ
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.