محمد يوسف : كما جاء رحل
تسبب جورج قرداحي في إلحاق ضرر كبير لبلاده وشعبه، وكابر حتى أشبع غروره، وزاد الطين بلة، وفي النهاية ذهب إلى مصيره المحتوم، إلى ما وراء الأضواء.
الخطأ لا يمكن أن يطلق عليه اسم آخر، ولا يمكن تحسينه بأسلوب المسوقين والمعلنين، ولا يمكن تبريره أو ترحيله إلى مرحلة ما قبل وما بعد تسلمه وزارة الإعلام في لبنان.
وكثير من الأخطاء لا يمكن تجاوزها، تصبح بصمة يعرف بها صاحبها، حتى لو كان صاحب تاريخ وشعبية، وجماهير تصفق له، وقد وضع لها السابقون تعريفاً مشهوراً، لأنها لا تحدث إلا مع «المتفذلكين» الذين يعتبرون أنفسهم «فلتات الزمان»، من انتفخت أوداجهم وتراكمت أموالهم، فقد قيل «غلطة الشاطر بألف»، وهذا ما حصل لقرداحي، صعد سلم الشهرة، وقدم أعمالاً إعلامية جعلت اسمه يزن ذهباً، وأصبح نجماً توجه له الدعوات لحضور فعاليات تعنيه ولا تعنيه، وتربع عالياً، وسقط من الأعلى نتيجة غلطة غير محسوبة تبعاتها، فإذا بالشاطر يغطي كل أفعاله الممتدة لعقود بألف غلطة في بضع كلمات!
انطلق قرداحي من الخليج العربي، وليس من مكان آخر، ورحل ليطويه النسيان من نفس المكان الذي جعله نجماً، ومن أراد أن يحتمي بهم لم يحموه، لا حزب المؤامرات، ولا رئيسه جالب الفقر والدمار، ولم ينفعه الذين دفعوه دفعاً إلى ما وصل إليه.
كان بإمكان قرداحي أن يجنب لبنان وشعبه تبعات الكلام الصادر عنه، منذ اليوم التالي لإذاعة حديثه في البرنامج التلفزيوني، خاصة بعد أن علم بحجم الاستياء الشعبي والرسمي في دول الخليج، وفي بلاده، لكنه لم يفعل، قدم مصلحته الخاصة على مصلحة وطنه، وفي كل ظهور لاحق مع الإعلام كان يصر على موقفه المسيء، حتى انتقلت الأزمة منه إلى عموم اللبنانيين، وزاد الانقسام داخلياً، وتعطلت أعمال الدولة.
رحل قرداحي إلى العدم كما جاء من العدم، وعرف متأخراً أنه لا يساوي شيئاً في حسابات الدول، لا هو ولا تلك العصابات المتحزبة التي يأتمر بأمرها.