مال واعمال

أردوغان يلجأ إلى الفائدة بعدما رفضها لأنها «ربا محرمة»

«سنواصل خفض الفائدة. لا تتوقعوا مني أي شيء آخر، كمسلم سأستمر في فعل ما هو مطلوب، هذا هو الحكم».. بهذه التصريحات بدأ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حربه ضد الفائدة، مستغلًا النزعة الدينية وتأثيرها على الشعب، وذلك على الرغم من تحقيق الدولار الأمريكي أرقامًا قياسية ضد الليرة التركية، حيث كانت تنهار العملة المحلية بمرور كل دقيقة!

من الخارج، كان يبدو من الوهلة الأولى أن الرئيس أردوغان ضد الفائدة، ويعمل على تخفيضها حتى يصل بها إلى مستوى «صفر» وبذلك يكون قد حقق في دولته مفهوم أن «الربا» حرام، إلا أنه مع مرور الأيام وتجاوز الدولار 18 ليرة تركية، بدأت موازين الأمور تتغير تدريجيًا، أو بمعنى آخر أدرك الرئيس خطورة الوضع، حيث أصبحت العملة التركية بلا قيمة أمام العملات الأجنبية، نتيجة تخفيض سعر الفائدة.

الربا من الخفاء

في مفاجأة لم يكن الشعب التركي يتوقعها، تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي في 20 ديسمبر إلى 12.89 ليرة تركية، بعد أن تخطى حاجز الـ18 ليرة، حيث أعلن الرئيس أردوغان أن حكومته ستطلق أداة مالية جديدة ستتسبب في تراجع الدولار والتضخم.

الآلية المالية الجديدة «الودائع بالليرة التركية المحمية بالعملة الأجنبية» التي أطلقها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للسيطرة على سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية، هي بمثابة نظام يهدف إلى الربا ولكن بشكل خفي نوعًا ما، حيث يعد الرئيس المواطنين الذين سيحولون ودائعهم بالبنوك من ودائع بالعملات الأجنبية إلى ودائع بالليرة التركية، بأنه سيتم دفع الفرق لهم في حال تقلب سعر صرف الدولار!

وتتلخص الآلية في «إذا كانت أرباح المودعين في المصارف بالليرة أكبر من زيادة سعر الصرف، فإنهم سيحافظون على أرباحهم، أما في حال كانت أرباح سعر الصرف أكبر فعندئذ سيتم دفع الفرق للمواطن». وهنا يناقض الرئيس أردوغان نفسه، ففي البداية أكد أنه باعتباره مسلمًا لن يعمل على زيادة الفائدة، ومن جهة أخرى يعد المواطنين بدفع الفرق في حال ارتفاع سعر الصرف.. فماذا يُسمى هذا؟

مشايخ أردوغان ينقلبون عليه

خالف المجلس الأعلى للشؤون الدينية التركية، الرئيس أردوغان، بتأكيده أنه لا يجب إيداع الأموال عن علم وطيب خاطر في حسابات الودائع بفائدة، وأن الفائض المتراكم على حسابات الودائع يُدعى فائدة وحرام شرعًا.

ووفقًا لما ذكره موقع «بيزيم تي في» أجاب المجلس الأعلى للشؤون الدينية على سؤال «هل يجوز إيداع الأموال في حسابات الودائع لأجل؟»، بقوله: «يجب ألا نودع الأموال عن علم وطيب خاطر في حسابات ودائع بفائدة. الفائض (العائد) المتراكم على حسابات الودائع يُعد فائدة وحرام شرعًا». 

جماعة إسماعيل أغا: «الرئيس أعلن الحرب على الله» 

من جهة أخرى أكد عضو جماعة إسماعيل أغا التركية المعروفة بولائها للرئيس التركي، فاتح كالندر، أثناء إجابته على سؤال بخصوص «الودائع بالليرة التركية المحمية بالعملة الأجنبية»، أن هذه الممارسة فائدة وغير مسموح بها وفقًا للإسلام.

كان أحد المواطنين على الموقع الإلكتروني الخاص بجماعة إسماعيل أغا، طرح سؤالًا حول نظام الإيداع الجديد الذي أعلن عنه أردوغان، فكان الجواب على سؤاله: «هذا عمل لا يصلح للمسلم أبدًا، فهو مصلحة مطلقة، وبمثابة إعلان الحرب على الله».

ونصح فاتح كالندر، في سياق ذلك، المواطنين الراغبين في حماية أموالهم بعدم صرف دخلهم من الفوائد لأنفسهم، وذلك وفقًا لما ذكره موقع «كرت» التركي.

آلية أردوغان هبة..

خرج الكاتب بجريدة «يني شفق» التركية، خير الدين كرمان، ليبرر ما يفعله الرئيس أردوغان ولينفي أن الآلية الاقتصادية «ربا»!

 برر خير الدين كرمان، العالم اللاهوتي والمعروف بـ«مفتي القصر»، ما يفعله الرئيس أردوغان، بقوله: «هذه العوائد ليست فوائد بل على العكس تعتبر هبة»، وذلك وفقصا لما ذكره موقع «بيرجون» التركي.

وأضاف كرمان: «عندما بدأت أسعار الذهب والعملات الأجنبية في الارتفاع بسرعة كبيرة بسبب ألعاب أولئك الذين خططوا للإطاحة بأردوغان. بدأت حينها تلك الدوائر في حك أيديها، ومنهم من بدأ في التخطيط للسيطرة على السلطة والبعض للانتقام والبعض لاستغلال الموقف. مع اتخاذ التدابير في الوقت المناسب، دخلت الأسعار طريق التطبيع (الاستقرار). وهذه المرة، نشأ الجدل حول ما إذا كانت مدفوعات الحكومة فائدة. يرى بعض المعلمين أن مدفوعات الدولة فائدة. أنا لست مع هذا الرأي، أنا أقول إن مدفوعات الحكومة (هبة)».

«ليس هبة بل استغلال للدين»..

اعتبر رئيس حزب المستقبل التركي، أحمد داود اوغلو، آلية الرئيس أردوغان الاقتصادية الجديدة، ما هي إلا سوى استغلال للدين وليست هبة.

وقال داود اوغلو في سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتمايع «تويتر»، «تعاني بلادنا من ثالث أكبر أزمة عملة خلال الخمسين سنة الماضية بسبب سياسات الجهلة المطبقة فقط من أجل العناد. الحكومة التي تحاول التستر على الكارثة التي سببتها سياستها الخاطئة باستغلال قيمنا الدينية، تلجأ إلى حجة الهبة حتى لا تقول فائدة».

وأردف: «في الإسلام، الهبة أو الهدية بمعنى الدفع بمقدار أكثر تكون ممكنة بثلاثة شروط: اختيارية، ليست مضمونة مقدمًا، تُدفع من جيب الشخص الخاص.لا يمكن أن يكون العائد (الفائدة) الإضافية المُعدلة بالعملة الأجنبية على الودائع المصرفية هبة، لأنها إجبارية ومضمونة سلفًا. حوالي 300 ألفًا من الخزينة المكونة من ضرائب 84 مليون مواطن تُدفع لمودعي الطبقة العليا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى