رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم : جذور المشكلة هناك في «واشنطن» وليس مع الحوثيين وحدهم

ندد‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬بأشد‭ ‬العبارات‭ ‬بالاعتداءات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الشائنة‭ ‬التي‭ ‬شنها‭ ‬ضد‭ ‬أبوظبي‭ ‬المتمردون‭ ‬الحوثيون‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬صدر‭ ‬بالإجماع،‭ ‬وشدد‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ (‬ضرورة‭ ‬تحميل‭ ‬المنفذين‭ ‬والمدبرين‭ ‬والممولين‭ ‬والمخططين‭ ‬مسؤولية‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬وإحالتهم‭ ‬إلى‭ ‬القضاء،‭ ‬وحض‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬انسجاما‭ ‬مع‭ ‬التزاماتها‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬بشكل‭ ‬كثيف‭ ‬مع‭ ‬حكومة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وكل‭ ‬السلطات‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭).‬

هل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬رغم‭ ‬أهميته‭ ‬للإمارات‭ ‬طبعا‭ ‬سوف‭ ‬يردع‭ ‬الحوثيين‭ ‬عن‭ ‬تكرار‭ ‬هجماتهم‭ ‬الإرهابية‭ ‬ضد‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية؟‭ ‬طبعا‭ ‬كلا‭.. ‬لأن‭ ‬المتمردين‭ ‬الحوثيين‭ ‬ينفذون‭ ‬أجندة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬تماما‭ ‬مثلهم‭ ‬مثل‭ (‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭) ‬و‭(‬الحشد‭ ‬الشعبي‭) ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬فهم‭ ‬أذرع‭ ‬إيرانية‭ ‬وليست‭ ‬معارضة‭ ‬سياسية‭ ‬سلمية‭ ‬في‭ ‬أوطانهم،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحوثيين‭ ‬لن‭ ‬يلتزموا‭ ‬بقرار‭ (‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭) ‬الأخير‭ ‬بشأن‭ (‬الإمارات‭) ‬بل‭ ‬سوف‭ ‬يواصلون‭ ‬هجماتهم‭ ‬الإرهابية‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬وسوف‭ ‬يواصلون‭ ‬القرصنة‭ ‬البحرية‭ ‬ضد‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬أيضا‭.‬

وهذا‭ ‬يأتي‭ ‬ضمن‭ ‬سياق‭ ‬تعامل‭ (‬واشنطن‭) ‬والإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬بقيادة‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬مع‭ ‬أذرع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بالليونة‭ ‬والتغافل‭ ‬والتجاهل‭ ‬للهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الحوثيون‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬وتهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬المنافذ‭ ‬الحوثية‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وإذا‭ ‬اعترضت‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تهريب‭ ‬أسلحة‭ ‬إيرانية‭ ‬واحدة،‭ ‬ومصادرتها،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬عشرات‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬تهرب‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وتصل‭ ‬بأمان‭ ‬إلى‭ ‬أيدي‭ ‬الحوثيين‭!‬

لذا‭ ‬من‭ ‬السذاجة‭ ‬المراهنة‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬العسكري‭ ‬لردع‭ ‬الحوثيين،‭ ‬بسبب‭ ‬بسيط‭ ‬هو‭ ‬أن‭ (‬واشنطن‭) ‬تريد‭ ‬استرضاء‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ (‬فيينا‭) ‬لإبرام‭ ‬صفقة‭ ‬جديدة‭ ‬حول‭ ‬ملفها‭ ‬النووي‭ ‬ويحقق‭ (‬بايدن‭) ‬مكسبا‭ (‬صوريا‭) ‬أمام‭ ‬الناخبين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭!‬

هذه‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الاسترضائية‭ ‬لإيران‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬يتمادون‭ ‬في‭ ‬غيهم‭ ‬وهجماتهم‭ ‬الإرهابية‭ ‬ضد‭ ‬الأهداف‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬وهذه‭ ‬مسألة‭ ‬أقرها‭ ‬مؤخرا‭ (‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭) ‬بنفسه‭ ‬ضد‭ ‬سياسات‭ ‬الرئيس‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬إزاء‭ ‬إيران،‭ ‬وكشفت‭ ‬لجنة‭ (‬آر‭.‬إس‭.‬سي‭) ‬وهي‭ ‬أكبر‭ ‬تجمع‭ ‬محافظ‭ ‬في‭ (‬الكونجرس‭) ‬أنها‭ ‬أرسلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬رسائل‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ (‬بايدن‭) ‬طالبة‭ ‬معلومات‭ ‬حول‭ ‬عدم‭ ‬تطبيق‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬إيران‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬إجابات‭! ‬وقالت‭ ‬اللجنة‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ (‬إنه‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬أصبحت‭ ‬إيران‭ ‬أغنى‭ ‬وأقوى‭ ‬وأقرب‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭).‬

من‭ ‬جهته‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬النائب‭ ‬الجمهوري‭ (‬جيم‭ ‬بنكس‭): ‬‮«‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفنية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬عقوبات‭ ‬الرئيس‭ (‬ترامب‭) ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬فإنها‭ ‬تقوم‭ ‬ضمنا‭ ‬بتخفيف‭ ‬العقوبات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عدم‭ ‬التنفيذ‭ ‬لإقناع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬الفاشل‭.. ‬ولسوء‭ ‬الحظ‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التكتيك‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬إرادة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المماطلة‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬وتصعيد‭ ‬الاستفزاز،‭ ‬وهذا‭ ‬يشمل‭ ‬رعاية‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬الأمامية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.. ‬وهذا‭ ‬جعل‭ ‬إيران‭ ‬أكثر‭ ‬عدوانية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬كلام‭ ‬صريح‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ (‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭) ‬بحق‭ ‬سياسة‭ ‬إدارة‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬مواجهة‭ ‬الاستفزازات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإيرانية‭ ‬فهل‭ ‬نتوقع‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بردع‭ ‬القفاز‭ ‬الإيراني‭ ‬الحوثي‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬لوقف‭ ‬هجماته‭ ‬الصاروخية‭ ‬الإرهابية‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات؟‭.. ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬رفضت‭ ‬إدارة‭ (‬بايدن‭) ‬إدراج‭ (‬الحوثيين‭) ‬ضمن‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬سابقا‭ ‬الرئيس‭ (‬ترامب‭) ‬قبيل‭ ‬رحيله‭ ‬عن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬ويبرر‭ (‬بايدن‭) ‬ذلك‭ ‬لتفضيله‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي،‭ ‬الذي‭ ‬يوجب‭ -‬بحسب‭ ‬قوله‭ ‬مؤخرا‭- (‬وجود‭ ‬طرفين‭) ‬في‭ ‬الحوار‭!!‬

إذن‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬مع‭ ‬الحوثيين‭ ‬وحدهم،‭ ‬ولكن‭ ‬جذور‭ ‬المشكلة‭ ‬الحقيقية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬أمريكا‭ ‬المتماهي‭ ‬والمحتضن‭ ‬للممارسات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وهجمات‭ ‬أذرع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بحجة‭ ‬كسب‭ ‬ود‭ ‬واسترضاء‭ ‬إيران‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ردعها‭! ‬المشكلة‭ ‬الحقيقية‭ ‬هناك‭ ‬في‭ (‬واشنطن‭) ‬وليست‭ ‬مع‭ (‬الحوثيين‭) ‬في‭ ‬صنعاء‭.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬جذر‭ ‬المشكلة‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى