عبدالمنعم ابراهيم : على خطى أفغانستان.. «الأسلحة الأمريكية» إلى أوكرانيا ستسقط بيد روسيا!
في الحروب لا يوجد شيء مثالي.. لكن يسعى كل طرف إلى تقليل الخسائر.. وهذا ما تفكر فيه روسيا وأيضا تفكر فيه أوكرانيا في الحرب الراهنة بينهما، وهذا ينطبق أيضاً على المعسكر الغربي المؤيد والداعم للحكومة الأوكرانية ضد روسيا، وخصوصا موقف الولايات المتحدة الأمريكية، فهم أيضاً في حالة ارتباك رغم توقع (واشنطن) المسبق لحدوث الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية، ويمكن أن نكتشف حالة الارتباك السياسي من خلال خبرين نشرا أمس، حيث قالت صحيفة (واشنطن بوست) نقلاً عن مسؤولين امريكيين وأوكرانيين إن سلطات الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لمساعدة رئيس أوكرانيا (فلاديمير زيلينسكي) على مغادرة كييف، حتى لا يقع في أيدي القوات الروسية المتقدمة، وأن المسؤولين الأمريكيين تحدثوا إلى (زيلينسكي) في الأيام الأخيرة حول (قضايا أمنية مختلفة، بما في ذلك حول أكثر الأماكن أماناً بالنسبة إليه لضمان استمرارية عمل حكومته)، ومن جانبه قال مسؤول أوكراني للصحيفة «إن زيلينسكي لم يصدر أوامر بنقله إلى مدينة أخرى، مثل مدينة (لفيف) في غرب أوكرانيا».
إذن هذا يعني أن مصير الرئيس الأوكراني (زيلينسكي) في خطر، وأن حكومته مهددة بالزوال إثر الاجتياح الروسي العسكري لأوكرانيا، وخصوصاً بعد إعلان روسيا (توسيع هجماتها) بجميع الاتجاهات، وهنا تأتي ازدواجية الخبر الثاني الذي نشر أمس أيضاً، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي (انتوني بلينكن) أن الولايات المتحدة ستقدم إلى أوكرانيا مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 350 مليون دولار لصد الهجوم الروسي، وبذلك ترتفع القيمة الإجمالية للمساعدات الأمنية التي قدمتها واشنطن إلى أوكرانيا خلال العام الماضي إلى أكثر من مليار دولار.. كما أجازت الحكومة الألمانية تسليم أوكرانيا 400 قاذفة صواريخ مضادة للدبابات، الأمر الذي يشكل تراجعاً عن سياسة اتبعتها المانيا في الأعوام الأخيرة، تقضي بحظر أي تصدير لأسلحة فتاكة في مناطق نزاعات.. كما قال متحدث باسم الجيش الفرنسي أمس الأول (إن فرنسا قررت إرسال معدات عسكرية دفاعية إلى أوكرانيا)، مضيفاً أن (مسألة تقنية إرسال أسلحة هجومية لا تزال محل بحث).. بدوره أكد حلف شمال الأطلسي (أنه سينشر قوته للرد السريع المكونة من 40 ألف جندي في شرق أوروبا للمرة الأولى في تاريخه). وكذلك فعلت بريطانيا التي قدمت مساعدات عسكرية كبيرة إلى الحكومة الأوكرانية، ومعها دول أوروبية أخرى بضخ الأسلحة والمعدات المتطورة إلى الجيش الأوكراني للتصدي للجيش الروسي في المدن الأوكرانية.
والسؤال الجوهري هنا: إذا كانت (واشنطن) غير واثقة من سلامة وأمن الرئيس الأوكراني (زيلينسكي)، وتفتش له عن مكان آمن، ومدينة آمنة غير (كييف) العاصمة المهددة بالاجتياح العسكري الروسي، فلماذا ترسل أمريكا والدول الأوروبية الأخرى كل هذه الأسلحة والمعدات المتقدمة عسكرياً وتكنولوجياً إلى الحكومة الأوكرانية، رغم معرفة كل هؤلاء بصعوبة وصول هذه المعدات والأسلحة إلى الجيش الأوكراني في ظل الحصار الجوي والبري والبحري الذي تفرضه روسيا على كامل الأراضي الأوكرانية تقريباً؟!
هذا الوضع المتناقض يذكرنا بلحظة الانسحاب العسكري الأمريكي، وكذلك انسحاب قوات حلف (الناتو) من أفغانستان في أغسطس الماضي (2021)، ففي خضم فوضى الانسحاب والإجلاء من مطار كابول تركت أمريكا وألمانيا وبريطانيا ودول أوروبية كثيرة مشاركة في (الناتو) هناك، تركت خلفها أطناناً من الأسلحة والذخائر والمعدات المتطورة والآليات العسكرية لكي تستولي عليها حركة طالبان المتشددة، التي عقدت معها (واشنطن) صفقة الانسحاب من أفغانستان! وفي مشاهد ساخرة صورت قنوات أخبارية أمريكية من الميدان أثناء عمليات الإجلاء من مطار كابول مقاتلين أفغانا من طالبان يرتدون زي الجيش الأمريكي والمناظير السوداء ويمتطون تحت أيديهم بنادي الجيش الأمريكي في آليات وعربات أمريكية! وهذا ما سوف يحدث ويتكرر في أوكرانيا حاليا، فكل الأسلحة الأمريكية والأوروبية والمعدات المتقدمة التي أرسلت إلى حكومة (زيلينسكي) سوف تسقط في يد الجيش الروسي.. صورة سريالية حقا.