فضائح مونديال قطر لا تنتهي .. قطر تستخدم عملاء سابقين لسي آي إيه لإسكات الانتقادات ضدها
مع اقتراب موعد كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر القادم، لا يكاد يتوقف نشر الوثائق التي تلقي الضوء على جانب مظلم جديد من جوانب الفساد التي أحاطت بمنح قطر فرصة احتضان هذا الكأس، وآخرها الكشف عن لجوء الدوحة إلى توظيف عملاء لوكالة المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه” لإسكات الانتقادات ضدها مثلما حصل مع رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، ثيو زوانزيغر، الذي كان من أبرز منتقدي قرار منح كأس العالم 2022 لقطر.
وهاجم زوانزيغر سجل حقوق الإنسان في قطر مشككا في الحكمة من تنظيم الحدث الرياضي الأكثر شعبية بالعالم في هذا البلد الصغير الذي لا يمتلك تقاليد في ميدان كرة القدم.
وقال إن “الثروة الكبيرة لهذا البلد الصغير تنتشر تقريبا مثل السرطان من خلال كرة القدم والرياضة”، حاثا مجلس إدارة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على التراجع عن قراره إجراء المونديال في قطر.
وكانت قطر قلقة للغاية من انتقادات زوانزيغر لدرجة أنها دفعت أكثر من 10 ملايين دولار لشركة يعمل بها عملاء سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية لعملية تأثير سرية استمرت عدة سنوات أطلق عليها اسم “مشروع ريفربيد”، وفقا لوثائق داخلية للشركة.
وتشير السجلات، وفق وكالة الأسوشيتد برس، إلى أن الهدف من العملية كان استخدام التجسس لإسكات زوانزيغر، لكنها فشلت.
واصطدمت مساعي قطر لاحتضان مونديال 2022 باتهامات بالفساد والمخالفات. وقال المدعون العامون الأميركيون في 2020 إن رشاوى دُفعت لأعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا من أجل الحصول على أصواتهم. ونفت قطر باستمرار ارتكاب أيّ مخالفات.
وتقدم الوثائق تفاصيل جديدة حول جهود قطر للفوز بالبطولة، وتحديدا تعاملها مع الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية كيفن تشالكر وشركة غلوبال ريسك أدفايزرز.
واعترف تشالكر في بيان بأن غلوبال ريسك أدفايزرز عملت على مشروع ريفربيد، لكنه قال إنه مجرد “مشروع لمراقبة وسائل الإعلام يعمل فيه متدربون ويشرف عليه موظف واحد بدوام كامل، كان مسؤولا عن قراءة المقالات الإخبارية وتلخيصها”.
وجاء في وثيقة للشركة أن “الهدف الأساسي لمشروع ريفربيد هو تحييد تأثير انتقاد زوانزيغر إسناد تنظيم كأس العالم سنة 2022 إلى قطر ومحاولاته إجبار الفيفا على التراجع عن هذا القرار”.
وتسلط وثائق ريفربيد الضوء على أعمال التجسس، التي لا تستثني اللجوء إلى العنف، والتي يمكن أن يقدمها مقاولون من القطاع الخاص مثل تشالكر للبلدان الغنية كقطر التي تفتقر إلى وكالة استخبارات قوية خاصة بها. وهو اتجاه دفع بعض أعضاء الكونغرس إلى اقتراح ضوابط جديدة على نوع العمل الذي يمكن لمسؤولي الاستخبارات الأميركية تأديته بعد التقاعد.
واستمر مشروع ريفربيد من يناير 2012 إلى منتصف 2014 و”نجح في توظيف شبكة استخباراتية تقليدية معقدة لاستهداف أفراد داخل دائرة نفوذ زوانزيغر وتعديل الميولات المرتبطة بكأس العالم في قطر”، وفقا لإحدى الوثائق.
وكان ذلك بمثابة إنشاء “شبكة مؤثرة” تتكون من أشخاص مقربين من مسؤول كرة القدم الألماني يتولون إبداء وجهات نظر مؤيدة لاستضافة قطر لكأس العالم. وترسل غلوبال ريسك أدفايزرز “مصدرا” للتحدث إلى المؤثرين بطريقة لا يشكّون في أنها حملة مراسلة منسقة.
ويحظى زوانزيغر باحترام كبير في الهيئات المسيّرة لكرة القدم، نظرا لدوره الرئيسي في قيادة إصلاحات الاتحاد الألماني لكرة القدم، أحد أكبر الاتحادات الرياضية في العالم.
وفيما يتعلق بموضوع استضافة قطر لكأس العالم، عبّر عن رأيه بكل وضوح ولم يتردد في مشاركته، بل ذهب إلى حد التشكيك في أخلاقيات مسؤولي الفيفا وسط مزاعم عن شراء الأصوات والفساد.
وكان أرشيف غلوبال ريسك أدفايزرز مليئا بعبارات مبهمة تبدو وكأنها مقتطفات من صفحات رواية بوليسية.
وتفيد سجلات الشركة كذلك أن الموافقة كانت في البداية على ميزانية تقدّر بـ27 مليون دولار لمشروع ريفربيد وأن قطر تأخرت في الدفع ولم تقدم كل المبلغ. وتقول الوثائق إن نقص الأموال أدى إلى تغيير في المهام ونفقات غير ضرورية، مثل الرسوم القانونية والإدارية لإنشاء مكاتب لم تستخدم قط.
وعلى الرغم من الاقتطاع من الميزانية اعتبرت غلوبال ريسك أدفايزرز أن ريفربيد كان ناجحا. وقال التقرير التنفيذي إن المشروع “خفف من انتقادات زوانزيغر” وغيّر “مشاعر المحامي الألماني إلى درجة أنه لم يعد يشكل تهديدا لاختيار قطر لتنظيم كأس العالم 2022”. لكن الشركة كانت مخطئة، حيث صرح زوانزيغر في مقابلة مع وكالة أسوشييتد برس إن “هذا لم يحدث أبدا، بالطبع”.
*العرب