محمد يوسف : عنصرية الإعلام الأبيض
كان الغرب يضحك علينا طوال العقود الماضية، عندما يتحدث عن الصحافة والصحافيين والحرية والحقوق، وأخلاقيات المهنة، وعدم الإفلات من العقاب.
هذا ما أثبتته الأيام الماضية من الأزمة الأوكرانية، الإعلام الغربي يتبع تعليمات دُولِه، متجاوزاً كل القيم التي يتغنى بها، والاتحادات والمنظمات العالمية، التي تصدر التقارير الدورية والسنوية، وتُحصى فيها التجاوزات في دول العالم غير الغربية، وتتباكى على «مغرد» شطح في دولة، وتمت محاسبته حسب القوانين المحلية الملزمة، وتصدر بياناً شديد اللهجة، يطالب بعدم محاسبة «فاشنيستا»، لأنها من المؤثرين على منصات التواصل، فقط لأنها خرجت على المألوف، ودعت إلى كسر القواعد المستقرة في مجتمعها، كلها، وأقصد الاتحادات والمنظمات المعنية بالصحافة والصحافيين، وضعت «قوالب» إسمنتية في آذان قياداتها، فلم تسمع شيئاً من الكلام الخارج على أصول وأخلاقيات المهنة، التي لوثها بعض المراسلين التابعين للقنوات التلفزيونية الغربية.
لم نسمع منظمة العفو الدولية «أمنيستي» تقول لهم: إن الألفاظ العنصرية التي استخدمت في مقدماتهم الانفعالية، وهم يغطون لجوء الأوكرانيين إلى دول الجوار كانت «معيبة» و«مخجلة»، و«هيومان رايت ووتش» ربما لا ترى في الكلام، الذي قيل خروجاً على حقوق الإنسان، الذي قرر أولئك المراسلون أنه «مقسوم» على مستويات هم تخيلوها، وهم أعلنوها على الملأ، أما الاتحاد الدولي للصحافيين فهو مشغول في التخطيط لانتخابات شهر مايو المقبل، ولهذا لم يشغل نفسه ببيان «أجوف» كما اعتاد في المناسبات الشبيهة، يستنكر فيه كل أنواع التمييز!
عند أولئك المراسلين العنصريين كان «الدم الأزرق» يغلي، ولم يتمكنوا من تحمل الحالة، التي وصلوا إليها، وفلتت ألسنتهم معبرة عما في نفوسهم، فإذا بالعيون الزرقاء تصبح سمة تميز الأوروبي على العالم الثالث ودوله النامية مثل سوريا وأفغانستان والعراق، فهؤلاء شعرهم ليس «أشقر» مثل الأوروبيين، الذين يقتلون في مدينة متحضرة أو يهجرون!
الأوروبي إنسان لا يستحق القتل والتهجير، مثله مثل كل سكان الكرة الأرضية، فالبشر جميعاً متساوون، ولكنها العنصرية، فهي التي تفرق بينهم!