رأي في الحدث

سعود السمكة : ثورة على ثقافة توريث الحكم

ظاهرة الأمير محمد بن سلمان لم تكن مجرد عمل أب يريد أن يتباهى بابنه، بل كانت محاكاة تاريخية تضع خطاً بين عالمين، عالم قديم له احترامه ووقاره ومنجزاته وتراثه وتقاليده بامكانيات مرحلته، وبين آخر جديد مختلف بامكانياته الثورية في ثورة المعرفة، فذاك زمن دولة تصدى لعالمها رجال مرحلتها، واخلصوا بتضحياتهم، وصبرهم وجلدهم، وحكمتهم، ونجحوا بالوصول بدولتهم إلى اعتاب عالم جديد له نسقه، وأساليب إدارته، وأجياله، ونوع تعليمهم الذي قام على طرائق تختلف بأبعادها بما يعد مفاجآت مبهرة إذا ما قورنت بعالم الأمس وما قبله.
فما شهده المجتمع الانساني من تطورات منذ بدايات الألفية الثانية من ثورة علمية وثقافية يعادل حسب ما تنبأ به العلماء ما مقداره سبع مرات من المعرفة الانسانية منذ أن اقتحم الانسان أبواب التعليم النظامي، وبالتالي ما قام به الملك سلمان في هذه النقلة النوعية ليس كما كان يعتقد البعض اصحاب النظرة القصيرة على أنها مباهاة أب بابنه، بل هي عمل قامة من القامات التي تملك ملكة القراءة الصحيحة لمستلزمات الحكم وهو على ابواب هذه الثورة المعلوماتية التي هبطت بوتيرة متسارعة، والتي لا يقوى على مواجهتها إلا المجتمع الذي اعد ابناءه لها الإعداد المناسب لسبر اغوارها، واستخراج نتائجها الايجابية لصالح أمته.
نعم هذا ما قام به الملك سلمان من اعداد لابنه ليس فقط ليتباهى به كأب، انسجاما مع طبائع البشر، بل ليضعه في مسؤولية وشرف الخدمة لوطن وأمته، بدافع إيمانه بأن إدارة هذه الثورة العلمية لا يستطيع مواجهتها إلا الذي تربى في احضانها واجوائها، وارتوى باسرارها، والتعامل مع شفراتها ورموزها.
انظر اليوم إلى الأمير محمد بن سلمان ماذا يفعل، انه يآذار تعليم عصره وثقافة زمنه، وليس ما كان يتوقعه البعض من انه سوف يلهو بترف بعده الأسري، ويستغل مكانته في احضان الحكم وكشاب، بل ها هو الشاب عند حسن ظن من رباه، وللمهمة اعده، يآذار مهماته بفروسية غاية في المسؤولية، والشجاعة التي ترفع من مكانة هيبة الحكم.
فالهيبة العادلة هي أولى عنوان صلاح الحكم، وها هو الرجل ابتدأ من فوق انسجاما مع الحديث الشريف “إن الله يزع في السلطان ما لا يزع بالقرآن” ليحقق أولى مبادئ العدالة “وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا” لكي تطمئن القلوب، ولا يشعر أحد أنه مميز بسبب بعد نفوذه وقوة سلطانه.
ثم ذهب الى الحالة الإقتصادية العامود الفقري للأوطان، ليرفع من شأنها لأنها الحالة الأساسية لرفع شأن الأوطان، ليمد نظره الى العقد المقبل، وليرسم خريطته على الصعيد الميداني بحسابات واقعية خالية من ادنى مبالغة لدرجة أن بانت معالمها قبل نضوجها.
نعم إنها نقلة مسؤولة قام بها ملك حباه الله بنظرة استباقية لمستقبل بلاده على أيدي شبابه ليضمن رفعة وطنه بتميز، وما نشاهده اليوم على يد الأمير محمد بن سلمان ترجمة حرفية لنظرة ملك حباه الله حكمة الاختيار.
إنها إرادة صناعة ازدهار الاوطان، ويا وطن هذا سلمان فتح باب الازدهار والدخول بالمجان، فاسرع الخطى إن أردت أن تستعيد مجدك، فهذه الخطوة المباركة التاريخية التي قادها الملك سلمان هي مفتاح الدخول لمستقبل آمن، فيا وطن افتح ذراعيك للشباب ولا تحاربهم، فبيت الحكم يزخر بالكفاءات التي تملك الابداعات، وما أحوجك يا وطن اليوم لابداعاتهم فأسرع لتقديمهم كي تعود كما كنت مزدهرا.
* * *
آخر العمود:
يا ولاة الأمر لقد آمن المجرمون ومن في قلوبهم مرض العقاب، فالله الله بالوطن، وفعلوا قول الله سبحان بالقصاص القصاص القصاص، وابدأوا بكل المجرمين الذين أدانهم القضاء بأحكام نهائية، وطبقوا الإعدام الجماعي لكل المجرمين المحكومين بالاعدام لينعم الناس بالأمان، فقد زاد الماء على الطحين وأنتم صامتون!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى