تقرير يكشف مواقع إنتاج المخدرات بسوريا ومحاولة ميليشيا ألاسد نشرها بالمناطق الخارجة عن سيطرته والعالم
لا تزال حكومة ميليشيا أسد تسعى بكل جهدها لمحاولة تغطية نفقات حربها على شعبها بأشكال عدة منها عقد صفقات مشبوهة مع من تزعم أنهم يقفون في صفها ويدعمونها، كما حدث مع الاحتلال الروسي أو الميليشيات الايرانية، أو عن طريق الدخول في سوق المخدرات وتصديره للخارج كون سوريا تشكل معبراً لهذه التجارة القادمة من أفغانستان وإيران.
وبحسب تقرير تحليلي أجراه مركز “الحوار السوري” فقد نشطت شبكات التهريب التي تشرف عليها شخصيات مقربة من حكومة ميليشيا أسد بغطاء من بعض الفروع الأمنية، وقامت بإنشاء ورش لتصنيع المخدرات، كما ازداد نشاطها بشكل ملحوظ مع انطلاق الثورة السورية، عندما انخرط العديد من تجار المخدرات ومهرّبيها في عمليات قمع المتظاهرين، وأسسوا لاحقاً ميليشيات مسلحة شاركت في العمليات العسكرية لصالح الأسد.
ولفت التقرير إلى أن عصابات وشبكات تهريب المخدرات زاد نشاطها منذ عام 2013، وأصبحت أحد مصادر تمويل العمليات العسكرية لميليشيا أسد التي سبق لها أن تورطت في مثل هذه التجارة خلال الحرب الأهلية بلبنان بمساعدة شخصيات عسكرية وأمنية مقربة من حكومة ميليشيا أسد وحققت أرباحاً هائلة منها.
التحول من مركز عبور إلى دولة مصدّرة
وبيّن مركز “الحوار السوري” في تقريره أنه بعد عام 2013 بدأت ميليشيات أسد بتصدير الكبتاغون بالتزامن مع الانكماش الاقتصادي في البلاد بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية والفساد داخل حكومة ميليشيا أسد، حيث تحولت مصانع الكيمياويات في مدينتي حلب وحمص إلى مصانع لهذه الأقراص، في حين أوضحت مصادر أن ميليشيا أسد والميليشيات الموالية استخدمت المخدرات مع عناصرها، ولا سيما في الصفوف الأمامية لتشجيعهم على الصمود.
وأشار المركز إلى أن ميليشيا أسد نقلت عام 2018 تجارة المخدرات إلى مرحلة جديدة؛ حيث ارتفع حجم المخدرات المصادرة القادمة من سوريا في الأعوام 2018-2020 ما بين 6-21 ضعفاً وذلك بالمقارنة مع عام 2011، كما تزايدت أعداد ورش التصنيع المحلي بهدف التجارة، إضافة لعمليات التهريب ونقل المخدرات القادمة من لبنان أو من إيران، وأصبح إخفاء شحنات المخدرات أكثر تطوراً من الناحية التقنية.
وتابع أنه تم رصد 50 موقعاً حالياً لتصنيع المخدرات في سوريا، حيث يوجد قرابة 14 مركزاً لتصنيع الكبتاغون، و12 لتصنيع الكريستال ميث، و23 لتصنيع الحشيش، في حين استطاعت تلك الميليشيات اختراق المناطق خارج سيطرتها أيضاً بسبب حالة الضعف الأمني هناك، وقيامها بتجنيد خلايا وشبكات للترويج وتصنيع المخدرات، مشيراً إلى أن المواد المخدرة تتجه من سوريا إلى ثلاثة أماكن رئيسة هي (شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية وأوروبا).
أماكن زراعتها والميليشيات الحليفة
وبحسب التقرير فإن ميليشيا “حزب الله” الداعمة للأسد قامت بالاستيلاء على المناطق الحدودية في ريف حمص وريف دمشق وتحويل أرضها الخصبة إلى زراعة الحشيش، بدل استثمارها في تأمين المواد الغذائية اللازمة، كما قامت حكومة ميليشيا أسد بدعم المتورطين في إدارة شبكات التجارة، حيث أصبح عدد منهم أعضاء فيما يسمى “مجلس الشعب” الأمر الذي أمّن لهم حصانة سياسية من شأنها أن تسهّل أعمالهم غير القانونية.
وكانت تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” بيّن أن معظم عمليات إنتاج وتوزيع المخدرات تتم بإشراف الفرقة الرابعة في ميليشيا أسد، كما انخرط في هذه التجارة مجموعة رجال أعمال يتمتعون بصلات وثيقة بالأسد وميليشيا “حزب الله” وفق تحقيق آخر لصحيفة “تايمز” اعتمدت فيه إلى إفادات مسؤولين أمنيين في عشر دول وخبراء في تجارة المخدرات.
أرقام وشهادات صادمة
وأضاف المركز أن حجم اقتصاد المخدرات في سوريا يُقدّر بـ 16 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل 3 أضعاف ميزانية حكومة ميليشيا أسد لعام 2022، فيما خلصت تحليلات أفاد بها مركز التحليلات العملياتية والأبحاث (COAR) إلى أن أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا صادرت ما لا يقل عن 173 مليون حبة كبتاجون و12.1 طن من الحشيش المصدرة من سوريا عام 2020، مقدراً القيمة السوقية لهذه الكمية المصادرة بما يقارب 3.46 مليارات دولار.
ولفت المركز إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا أسد أصبح انتشار حالات التعاطي والإدمان فيها بين الطلاب أمراً شائعاً جداً، ولا سيما في المدارس الإعدادية والثانوية وبعض النوادي الرياضية، إضافة للجامعات وسط غياب أي اهتمام حكومي حقيقي بضبط هذه الظاهرة وحماية الأطفال أو الشباب، فيما تشير بعض الشهادات إلى أن ثمّة سياسة تسعى إلى توريط الأطفال والمراهقين بتشجيعهم على الإدمان ثم تحويلهم إلى مروّجين وبائعين.
الاتجار بالمخدرات للتحايل على قانون قيصر
وأشار التقرير التحليلي إلى أن حكومة ميليشيا أسد تستمر في رعاية تجارة المخدرات لتأمين السيولة النقدية، حيث تُمكّن المتورطين فيها من الالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة في قانون “قيصر”، ومن المتوقع ارتفاع عملية تصنيع المخدرات وتهريبها في المستقبل لزيادة العائد المادي من جهة، ولإجبار الدول الإقليمية ودول الجوار على إعادة العلاقات مع حكومة ميليشيا أسد من أجل ضبط الحدود وإيقاف مرور هذه الشحنات من جهة أخرى.