أحمد الجارالله : زيارة الأسد إلى الإمارات هل تُنهي حرب شياطين العرب؟
ربحت الإمارات الرهان على أن الواقعية السياسية تُشكِّل مدخلاً لحلِّ الخلافات العربية- العربية، وأن بقاء سورية خارج السرب يعني المزيد من الضعف للأمة كلها، لذا فإن خفض التوترات بين الأشقاء يفتح الأبواب على مقاربات عملية وعلمية لحل أزمات المنطقة، خصوصاً في ظلِّ الظروف الإقليمية المعقدة.
هذا الحرص الإماراتي على عدم تهميش الجهود العربية الساعية لمواجهة التحديات وتجنب شرور الفتن، فتح الباب وبشجاعة لعودة العلاقات مع سورية، وتعزيزها باللقاء بين رئيسها بشار الأسد وكل من نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.
انطلاقاً من هذا جاءت زيارة الرئيس السوري لتكرس القناعة بضرورة التواصل السياسي والانفتاح والحوار على مستوى الإقليم، الذي غاب في أتون الحرب السورية التي سعى إليها بعض شياطين العرب، فإذا كان هؤلاء استغلوا الأحداث العفوية في تونس ليأتوا بالإخوان المسلمين إلى حكمها، فإنهم عمدوا إلى زعزعة أمن مصر بوصفها الدولة الكبرى، التي إذا سقطت تهاوت بعدها المنظومة العربية كلها.
في المقابل اختار أولئك الشياطين كلاً من سورية والعراق وليبيا كي يُشكلوا فكي كماشة لتطويق المنطقة والسيطرة على العالم العربي، ورأوا بالمتطرفين من كل المذاهب والأديان القوة الأساسية لإنجاح مشروعهم، فكان التناغم الإيراني- الإخواني- التركي الذي أفضى إلى حمامات دم في ليبيا والعراق واليمن، وطبعاً سورية.
طوال عقد من السنين واجه النظام السوري مئات آلاف المقاتلين من شتى أنحاء العالم المدعومين من بعض الدول العربية والعُظمى، لكنه استطاع القضاء على معظمها وإعادة الاستقرار إلى بلاده، في وقت أدت الحرب إلى هجرة العقول والنخب المالية والاقتصادية، إضافة إلى ملايين المواطنين الذين أقفلت دول عربية عدة، خصوصاً المنغمسة بالحرب، أبوابها بوجههم، بينما وجدوا في عدد من الدول الأوروبية الملاذ والاهتمام.
اليوم، وإذا كانت بعض القوى الإقليمية ترى أن الظروف الدولية الحالية يُمكن أن تساعدها على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وفتح الجرح السوري، فإن عودة دمشق لتأدية دورها في الجهد الجماعي العربي تُشكِّل رافعة قوية لمواجهة القوى الشريرة، وهو ما ستترجمه في المستقبل القريب نتائج زيارة الرئيس السوري إلى دولة الإمارات الساعية إلى توحيد الجهود العربية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية الكبرى التي لها ما بعدها.
لا بدَّ من الاعتراف بأنَّ الإمارات بدأت العمل جدياً على إعادة سورية إلى دورها العربي، وهي بذلك تُتوِّج الجهود الخليجية الأخرى، التي أدركت مبكراً أنَّ ما يُحاك لتلك الدول يستهدف كلَّ العالم العربي.