أوبك تحذّر الاتحاد الأوروبي من مخاطر حظر النفط الروسي
حذّرت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الاتحاد الأوروبي من خطر فرض حظر على النفط الروسي، وفق ما ذكر الخميس مسؤولون في المنظمة، بينما تسود مخاوف من اضطرابات شديدة في إمدادات الطاقة للعالم وقلق كبير من حدوث هزات عنيفة في أسواق النفط العالمية.
وتتوقع روسيا أن يبلغ سعر برميل النفط 300 دولار على الأقل في حال فرض حظر على نفطها بينما لا توجد بدائل لتعويض فجوة كبيرة في المعروض النفطي ستنجم عن توقف الإمدادات من روسيا.
وتعتبر خطوة الاتحاد الأوروبي الذي يستورد معظم احتياجاته من الطاقة خاصة منها الغاز، من روسيا، مجازفة ستكون عواقبها خطيرة بينما لا يملك التكتل الأوروبي خططا لتعويض إمداداته من موسكو.
وقالت مصادر في أوبك، إن مسؤولين بالمنظمة يعتقدون أن حظرا محتملا من جانب الاتحاد الأوروبي لنفط روسيا بسبب غزوها أوكرانيا من شأنه إلحاق الضرر بالعملاء وإنها أبلغت بروكسل بمخاوفها حيال الأمر.
وحاولت دول كبرى من أعضاء أوبك مثل السعودية والإمارات التزام الحياد بين الغرب وروسيا، بينما نأت أوبك+ التي تضم روسيا بنفسها عن الملف الأوكراني تماما في اجتماعات تحديد السياسات.
وفرض الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد بقوة على الخام الروسي، بالفعل عقوبات قاسية على موسكو بما شمل تجميد أصول بنكها المركزي. ويناقش التكتل ما إذا كان سيفرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي وكيفية تطبيق ذلك.
وقالت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون على تويتر، إن مسؤولين من أوبك من بينهم الأمين العام للمنظمة محمد باركيندو اجتمعوا معها في 16 مارس/آذار لمناقشة “الأوقات الاستثنائية” التي تواجه أسواق الطاقة.
وقال أحد المصادر في أوبك إن المنظمة أبدت مخاوفها بوضوح للاتحاد الأوروبي، مضيفا بعد أن طلب عدم ذكر اسمه “إنهم على دراية تامة بالأمر”.
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي لدى طلب تعليق منه على اجتماع 16 مارس/آذار “قدمت أوبك تحليلها للأوضاع في سوق النفط وأبلغتنا بخططها في ما يتعلق بإنتاج النفط. كما قلنا دائما، لا نستبعد أي خيار في ما يتعلق بالعقوبات المقبلة”.
وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 2008 مدفوعة بمخاوف متعلقة بالإمدادات بسبب الأحداث في أوكرانيا مما رفع أسعار الوقود على المستهلكين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع في التضخم لدى تعافي الاقتصادات من تبعات جائحة كوفيد-19.
وروسيا حليف لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وتشارك في ترأس مجموعة أوبك+ للدول المنتجة للخام والتي تعاونت منذ 2017 لتنسيق إمدادات النفط دعما لاستقرار السوق.
وبينما استهدفت الولايات المتحدة وبريطانيا النفط الروسي بعقوبات بالفعل، يعد هذا الخيار حاسما للاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على روسيا لإمداده بنحو 40 بالمئة من احتياجاته من الغاز. وتستورد ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد لوحدها نحو 45 بالمئة من احتياجاتها من الروس.
واختلف وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين بشأن خيار فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي وعلى طريقة التنفيذ أيضا.
وقال المصدر من أوبك إن عدم فرض حظر على النفط الروسي سيشير إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد “مقتنعون بما يفرضه واقع قطاع الطاقة وليس بما يتمنون”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد طلب من الولايات المتحدة ضمانات بضخ ما تحتاجه أوروبا من الغاز في الشتاء القادم، بينما يجري مناقشة فرض عقوبات أو حظر على قطاع النفط والغاز الروسي.
وتعالت أصوات من داخل التكتل الأوروبي للبحث عن بديل للغاز الروسي للخلاص مما وصفوه بـ”الابتزاز” والضغوط الروسية.
وإيجاد بديل للغاز الروسي ليس بالأمر الهيّن ويحتاج وقتا طويلا وترتيبات لا يبدو أن الاتحاد الأوروبي قادر عليها على الأقل في الوقت الراهن.
وكان الرئيس الروسي قد أمهل حكومته ووزارة الطاقة لتنفيذ قرار جعل مدفوعات من وصفها بـ”الدول غير الصديقة” وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي، بالروبل وهي خطوة من شأنها أن تعزز العملة الوطنية الروسية وتحقق أيضا استقلالية مالية وخلاصا من التعاملات بالدولار واليورو وهي خطوة نددت بها الدول الأوروبية وأوكرانيا باعتبارها “حربا اقتصادية”.
ولم تعد روسيا تملك خيارات واسعة للردّ على العقوبات الغربية التي عمّقت أزمة الروبل وهي ورقة من عدة أوراق تلعبها موسكو في الوقت الراهن بينما تقول إنها ملتزمة بتنفيذ تعهداتها واتفاقياتها المتعلق بإمدادات النفط والغاز.
وفشلت الولايات المتحدة وبريطانيا بإقناع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بزيادة إنتاجها للضغط على الأسعار التي ارتفعت بشكل قياسي متراوحة منذ الغز الروسي لأوكرانيا بين 107 دولارات للبرميل و120 دولارا ومن المرجح أن ترتفع أكثر بحسب تطورات التوترات الجيوسياسية.
وثمة اضطرابات أخرى في دول منتجة للنفط من الممكن أيضا أن تفاقم الاضطراب في الإمدادات، فليبيا الدولة العضو في أوبك والتي بلغ إنتاجها في 2021 نحو 1.2 مليون برميل يوميا تشهد انقسامات سياسية حادة قد تتحول إلى اقتتال ما يؤثر حتما على إنتاجها وصادراتها النفطية.
كذلك ترخي الاضطرابات الأمنية في نيجيريا بفعل هجمات إرهابية بظلال قاتمة على إنتاجها النفطي وقدرتها على الحفاظ على صادراتها النفطية بانتظام.
وفي المقابل تتجه الأنظار خاصة الأميركية إلى نفطي فنزويلا وإيران وكلاهما يخضعان للعقوبات، لتعويض محتمل لإمدادات النفط من روسيا بما يعني النفط مقابل رفع العقوبات وهو أمر وارد إلا أنه شديد التعقيد والحساسية.
وبمقدور السعودية والإمارات ضخ نحو 2.5 مليون برميل إضافية من النفط، لكنهما أعلنا التزامهما باتفاق أوبك+ الذي ينص على زيادة تدريجية بنحو 400 ألف برميل يوميا.