رأي في الحدث

فريد أحمد حسن : مثال الإساءة للقضية الفلسطينية

اعتبار البعض العملية التي نفذها الفلسطيني في بئر السبع الأسبوع الماضي وأدت إلى مقتل أربعة من الإسرائيليين وجرح اثنين طعناً بالسكين بطولة ودليلاً على حيوية القضية واحتسابه شهيداً أمر طبيعي، لكن طبيعي أيضاً اعتبار البعض ما قام به ذلك الشخص جريمة تستدعي الإدانة؛ فالضحايا مدنيون وليسوا عسكريين، دون أن يعني هذا أن قتل العسكريين خارج أرض المعارك حلال.

منفذ العملية ما كان يعرف من استهدفهم وما اختارهم ولكنهم تواجدوا صدفة في طريقه فقتلهم، فهو يعتبر كل من ليس فلسطينياً مشروع انتقام وقتل. لم يلتفت إلى احتمال أن يكون الضحايا جميعهم أو بعضهم من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية وربما من المتعاونين مع الفلسطينيين أو تربطهم بهم صداقات قوامها الاحترام والمحبة.

المشهد الذي بثته بعض الفضائيات بكثير من الفخر وكررت بثه فرحاً ويظهر منفذ العملية وهو يوجه نحو عشر طعنات إلى واحد من ضحاياه أساء للقضية الفلسطينية بدلاً من أن يخدمها؛ فالمشهد جعل العالم يتعاطف مع الضحية؛ لأنه لم يكن له حول ولا قوة واعتبار الفلسطيني مجرماً، وفي هذا خسارة كبيرة للقضية ستتبين خلال المقبل من الأيام.

تعرض الفلسطيني للظلم والقهر ليس مبرراً ليقوم بذلك الفعل. لا أحد يقول إنه لم يظلم ولا أحد يقول بصحة ما فعلته وتفعله إسرائيل في المدن والقرى الفلسطينية، لكن ليس من عاقل إلا ويقول أيضاً إن ذلك الذي جرى أضر بالقضية الفلسطينية وأساء إليها كثيراً.

الغاية التي تحدثت عنها الفضائيات التي أيدت العملية واعتبرت ما قام به ذلك الشخص عملاً بطولياً يستحق الإشادة واعتبره مؤيدوها مثالاً ونموذجاً هي توصيل رسالة مفادها أن غير الفلسطينيين ليسوا في أمان طالما أن القضية الفلسطينية لم تحل بعد، لكن لأن هذه الغاية يمكن تحقيقها من دون إزهاق أرواح أناس ليس بيدهم القرار لذا ليس من التجني القول إن منفذ العملية ومؤيديه أساؤوا إلى القضية الفلسطينية كثيراً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى