رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم : «ضبط النفس».. الأسطوانة المشروخة من الغرب حين يُهزم الحوثيون!

كما‭ ‬كنا‭ ‬نتوقع‭ ‬دائمًا‭.. ‬كلما‭ ‬تقدمت‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬بقيادة‭ ‬السعودية‭ ‬لدعم‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والجيش‭ ‬اليمني،‭ ‬وحققت‭ ‬انتصارات‭ ‬عسكرية‭ ‬كبيرة‭ ‬ضد‭ ‬الانقلابيين‭ ‬الحوثيين‭ ‬المدعومين‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬نجد‭ ‬أصواتًا‭ ‬تصدر‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬تطالب‭ ‬بضرورة‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬وإيقاف‭ ‬القتال‭ ‬لتوصيل‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭! ‬ولم‭ ‬نسمع‭ ‬منهم‭ ‬أي‭ ‬صوت‭ ‬لضبط‭ ‬النفس‭ ‬وإيقاف‭ ‬القتال‭ ‬حين‭ ‬يحقق‭ ‬‮«‬الحوثيون‮»‬‭ ‬انتصارات‭ ‬في‭ ‬المعارك‭!‬

هذه‭ ‬الإسطوانة‭ ‬الغربية‭ ‬المشروخة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬تكررت‭ ‬منذ‭ ‬يومين‭ ‬أيضًا،‭ ‬حين‭ ‬شن‭ ‬تحالف‭ ‬دعم‭ ‬الشرعية‭ ‬غارات‭ ‬جوية‭ ‬على‭ ‬معسكرات‭ ‬ومعاقل‭ ‬المليشيا‭ ‬الحوثية‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي،‭ ‬وذلك‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬الهجمات‭ ‬الحوثية‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬وصواريخ‭ ‬بالستية‭ ‬استهدفت‭ ‬16‭ ‬موقعًا‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬وتسببت‭ ‬بحريق‭ ‬ضخم‭ ‬في‭ ‬خزانين‭ ‬نفطيين‭ ‬في‭ ‬جدة‭ ‬ليسا‭ ‬ببعيدين‭ ‬عن‭ ‬حلبة‭ ‬لسباق‭ ‬الفورمولا‭ ‬للسيارات‭ ‬الذي‭ ‬تستضيفه‭ ‬السعودية‭.‬

وتجلت‭ ‬مواقف‭ ‬الإسطوانة‭ ‬المشروخة‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬حين‭ ‬كتب‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬مكتب‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ ‬هانس‭ ‬جروندبرج‭ ‬على‭ ‬تويتر‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬منخرط‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬ويواصل‭ ‬جهوده‭ ‬نحو‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬هدنة‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ويكرر‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬التصعيد‭ ‬ويرحب‭ ‬بكل‭ ‬خطوات‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‮»‬‭! ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ضبط‭ ‬النفس‮»‬‭! ‬ومن‭ ‬الدوحة‭ ‬حذر‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬‮«‬آفاق‭ ‬مقلقة‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ ‬الغارق‭ ‬في‭ ‬الحرب‮»‬‭! ‬وقال‭ ‬مدير‭ ‬البرنامج‭ ‬أخيم‭ ‬شتاينر‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬منتدى‭ ‬الدوحة‭ ‬‮«‬إن‭ ‬البلد‭ ‬الفقير‭ ‬معرض‭ ‬بالفعل‭ ‬لخطر‭ ‬‮«‬النسيان‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬تستقطب‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬اهتمام‭ ‬العالم‮»‬‭!‬

لاحظوا‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬مسؤولين‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والتي‭ ‬تتباكى‭ ‬على‭ ‬الحالة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬صدرت‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬شنّ‭ ‬تحالف‭ ‬دعم‭ ‬الشرعية‭ ‬بقيادة‭ ‬السعودية‭ ‬هجوما‭ ‬على‭ ‬معسكرات‭ ‬ومعاقل‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭! ‬وهو‭ ‬حق‭ ‬شرعي‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬العسكري‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬ديدنهم‭ ‬المعتاد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تحقق‭ ‬قوات‭ ‬دعم‭ ‬الشرعية‭ ‬انتصارات‭ ‬في‭ ‬اليمن‭! ‬وقد‭ ‬استمرت‭ ‬هذه‭ ‬الإسطوانة‭ ‬المشروخة‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬تقريبا،‭ ‬والحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يدركها‭ ‬الكثيرون‭ ‬حاليا‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الغرب،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬بريطانيا‭ ‬أو‭ ‬أوروبا‭ ‬أو‭ ‬كندا،‭ ‬لا‭ ‬يطالبون‭ ‬الحوثيين‭ ‬بوقف‭ ‬القتال‭ ‬حين‭ ‬يكونون‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يحققون‭ ‬انتصارات‭ ‬في‭ ‬جبهات‭ ‬من‭ ‬المعارك‭.. ‬فقط‭ ‬ترتفع‭ ‬أصواتهم‭ ‬حين‭ ‬يحقق‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬انتصارات‭.. ‬بتعبير‭ ‬آخر‭ ‬هم‭ ‬يقومون‭ ‬بتمكين‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬لدعم‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭!‬

ومثلما‭ ‬تكون‭ ‬أوروبا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬مجرد‭ ‬تابع‭ ‬للسياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬كذلك‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬مجرد‭ ‬تابع‭ ‬للسياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬اليمن،‭ ‬وواشنطن‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬أي‭ ‬انتصار‭ ‬يحسم‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬ويكون‭ ‬دحرا‭ ‬نهائيًا‭ ‬للحوثيين‭ ‬ومن‭ ‬خلفهم‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬لأن‭ ‬عين‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حاليًا‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭! ‬رغم‭ ‬تحذيرات‭ ‬كثيرة‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بشأن‭ ‬خطر‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاق‭.‬

كما‭ ‬حذر‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬الدكتور‭ ‬مجيد‭ ‬رفيع‭ ‬زاده‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الدولي‭ ‬الأمريكي‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مؤخرًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬يبرمه‭ ‬بايدن‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬سوف‭ ‬يجلب‭ ‬منافع‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يحكمون‭ ‬إيران،‭ ‬وقد‭ ‬زادت‭ ‬إيران‭ ‬ميزانيتها‭ ‬العسكرية‭ ‬بواقع‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ (‬من‭ ‬15.6‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬17‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭).‬

حين‭ ‬نرى‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تسرع‭ ‬الخطى‭ ‬لإبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬وتمكن‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬تقدر‭ ‬بالمليارات‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬لتصرفها‭ ‬على‭ ‬مليشياتها‭ ‬وأذرعها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن‭ ‬ولبنان،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تعرقل‭ ‬واشنطن‭ ‬والغرب‭ ‬عمومًا‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬انتصار‭ ‬سعودي‭-‬إماراتي‭ (‬عربي‭) ‬ضد‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭!.. ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬باختصار‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬يقفون‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬ويدعمونها‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬والتحالف‭ ‬العربي‭ ‬لدعم‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭!‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬توصلت‭ ‬إليها‭ ‬حكومات‭ ‬وشعوب‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬تجارب‭ ‬سياسية‭ ‬مريرة‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬سياسية‭ ‬وعسكرية‭ ‬وأمنية‭ ‬كثيرة‭ ‬خذلت‭ ‬فيها‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬حلفاءها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى