رأي في الحدث

محمد يوسف : الانتكاسة الدرامية

في كل عام تتكرر الحكاية، وفي كل عام نشهد انحداراً في الذوق العام للقنوات التلفزيونية التي تعتقد أن إبداعها في «حشوها» الدرامي يجب أن يتركز في شهر رمضان المبارك.

رمضان ليس مسلسلات، مقولة تتردد دون أن تسمعها المحطات التي لا تكلف نفسها عناء البحث والتقصي وإبراز الوجه الجميل لمجتمعاتنا العربية، تعلمت إداراتها أن تكون اتكالية، تنتظر تلك «المهلوسة» حتى «تفبرك» قصة تستمر 30 حلقة، تسرق أحداثاً من السينما الهندية، وتقتبس أفكاراً من «هوليوود»، وتنقل صفحات من كتب لأشخاص لم يسمع بهم أحد، وتقوم بتركيب خلطة لا نكهة لها ولا ارتباط بينها وبين الجمهور المستهدف، أو تفتح أذرعها لمنتج يحمل برنامجاً «معلباً» لا يضيف شيئاً، لكنه يسيء، لعدم فهم ذلك المنتج اهتمامات وميول من سيخاطبهم، وتعرض الغث والسمين بدعوى أنها تريد أن ترضي جميع المشاهدين.

بعض الذين أنتجوا وأخرجوا ومثلوا المسلسلات يظنون أنهم يمكن أن ينافسوا «نتيفلكس»، فتجدهم يتبنون أجندتها، ويذهبون بجمهورهم في بلادهم وخلال شهرهم الفضيل إلى «متاهات» الفكر الإباحي، سواء في المشاهد أو الكلمات والتصرفات، وتنتبه الجهات الحامية للمجتمع بعد أن «يفوت الفوت»، حيث تكون الحملات الدعائية قبل وأثناء رمضان أكثر انتشاراً من الاعتراضات، ويستغل الفضاء المتسع للتهرب من المسؤولية.

تلك صفعات توجه إلى المشاهدين، ومن بينها تظهر محاولات من بعض القنوات لتقديم محتوى جيد، وقد نجحت بعض البرامج، ولا أقول المسلسلات، في جذب نسب عالية من المتابعين، وكسبت إشادات، وطرحت تساؤلات، ليت مديري القنوات يفكرون فيها، ويستثمرون «ميزانياتهم» الخيالية في إنتاج ما يثري هذا الشهر الكريم ولا يسيء إليه!

الناس بحاجة إلى ما يربطهم بمجتمعهم، ويضيف إلى ثقافتهم، ويوصل الأجيال الجديدة بجذور أوطانهم، أما من يريد أن يذهب إلى «النكد» و«السحر والخزعبلات» وتخيلات مؤلفين غير مؤهلين، فذلك يعرف إلى أين يذهب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى