السيـد زهـــره : يوم هرب سليماني من مصر
هذه الواقعة معروفة منذ سنوات، لكن مسلسل «الاختيار3» المصري الذي يعرض حاليا أعاد توثيقها والتذكير بها. الواقعة تتعلق بالزيارة التي قام بها متخفيا قاسم سليماني للقاهرة اثناء حكم الاخوان المسلمين وما جرى له فيها.
موقع «العربية نت» أعاد التذكير بانه سبق ونشر تفاصيل الواقعة قبل عامين. وسبق ان نشرتها مواقع كثيرة أخرى.
الذي حدث انه في عام 2013 اثناء حكم الاخوان دخل سليماني مصر متسللاً ومنتحلاً هوية سائح إيراني ضمن أفواج سياحية إيرانية، سُمح بها في عهد الإخوان، وكان افراد هذا الفوج السياحي من قيادات الحرس الثوري. كان الهدف من الزيارة هو التآمر مع الاخوان على الجيش المصري وأجهزة الأمن ومساعدتهم على تشكيل حرس ثوري على غرار الحرس الثوري الايراني يكون بديلا لأجهزة الأمن المصرية وتابعا للإخوان.
سليماني التقى بقيادات الإخوان على رأسها خيرت الشاطر، نائب مرشد الجماعة، للتنسيق في عدة أماكن ودارت هذه اللقاءات حول كيفية تشكيل حرس ثوري تابع للرئاسة المصرية، بقيادة الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي، يكون بديلاً للأجهزة الأمنية المصرية وموالياً للإخوان. والتمهيد للإطاحة بكل العناصر غير الموالية لهم في الأجهزة الأمنية وإحلال هؤلاء مكانهم.
الأجهزة الأمنية المصرية رصدت هذه اللقاءات وهذا المخطط كاملا، وأحيطت بالصوت والصورة.
اول ما فعلته الأجهزة الأمنية للتعامل مع هذه المؤامرة انها ألغت قرار الحكومة الإخوانية بالسماح للإيرانيين بزيارة مصر ضمن أفواج سياحية، وحذرت قيادات الإخوان من المضي قدما في هذا الأمر.
المهم انه اثناء زيارة سليماني حدث له ما لم يتوقعه. المفاجأة، أنه خلال اجتماعه مع خيرت الشاطر، فوجئ سليماني بفيديو لاجتماعاته مع قيادات الإخوان وجوازات سفره المزورة التي دخل بها مصر، على هاتفه الشخصي، كما فوجئ برسالة ضمنية مفادها أن لقاءاته مرصودة بالصوت والصورة وأن دخوله مصر كان مرصوداً وموثقاً.
وأصابت المفاجأة سليماني بالذهول وأخبر قيادات الإخوان بما حدث وقطع اجتماعه وقرر المغادرة على الفور ومعه وفد قيادات الحرس الذي رافقه ومن بعدها لم يزر مصر مرة أخرى.
هذه الواقعة بالغة الدلالة وتكشف عن أمور كثيرة لها أهمية تاريخية حاسمة.
بالطبع تكشف عن جانب من جرائم الإخوان بحق مصر والشعب المصري. تكشف الواقعة عن تآمر الاخوان مع دولة اجنبية مثل ايران على الجيش الوطني المصري والأجهزة الأمنية والمصير الأسود الذي كان ينتظر مصر لو استمر حكمهم. وعلى أي حال جرائم الاخوان أصبحت موثقة ومعروفة بكل تفاصيلها.
وتكشف الواقعة عن يقظة المخابرات وأجهزة الأمن المصرية العريقة، وكيف انها بوطنيتها ويقظتها انقذت البلاد واحبطت مخططات إجرامية.
لكن اهم ما تكشف عنه الواقعة يتعلق بموقف إيران الحقيقي من مصر.
من الملاحظ ان إيران تحرص دائما عل التودد الى مصر والإشادة بها بين الحين والآخر وإظهار ان موقفها منها يختلف عن موقفها العدائي من دول الخليج العربية.
هذا ليس صحيحا. ليس صحيحا ان إيران تريد الخير لمصر وحريصة على العلاقات معها على نحو ما يتم تصويره. السبب في ذلك معروف وله طابع استراتيجي بالنسبة لإيران.
ايران تعلم ان مصر هي قلب العروبة وتعلم بدورها القيادي الطبيعي في الدفاع عن الأمن القومي العربي. وهذا بالضبط ما يتناقض مع مشروع ايران الطائفي التوسعي العدواني في المنطقة العربية.
لهذا تعتبر ايران ان احدى مصالحها الاستراتيجية الرئيسية محاولة اضعاف مصر ودورها العربي. وفي هذا الإطار بالضبط اندرجت محاولة التآمر على مصر مع الاخوان وتشكيل حرس ثوري على امل ادخال مصر في نفس دائرة الفوضى والصراع الأهلي كما فعلت في العراق ولبنان واليمن. وأصبح هذا الهدف الايراني اكثر إلحاحا وخصوصا مع تأكيد مصر الدائم في عهد الرئيس السيسي الوقوف الحازم بجانب دول الخليج العربية في مواجهة أي اخطار واعتبار ان امن الخليج هو امن قومي مصري.
ومن حسن الحظ ان القيادة في مصر على وعي كامل بحقيقة النوايا والأهداف الإيرانية وعلى اتم الاستعداد واليقظة للتعامل مع اي مخططات على نحو ما فعلت مع مؤامرة تشكيل الحرس الثوري في عهد الاخوان.