عبدالمنعم ابراهيم : الحوثيون.. وتجارة الحرب التي لا تبور في اليمن!
مؤتمر الحوار السياسي حول الأزمة اليمنية الذي استضافته الرياض أفضى إلى تشكيل مجلس رئاسي يقود الحكومة من عدن، وقد رحبت كل الأطراف السياسية المشاركة في المؤتمر بالقرارات الصادرة عنه، وهذا ما شجع الأمم المتحدة لاقتراح هدنة ووقف لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وتم ذلك، بل إن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية كانت أكثر كرما، وقدمت هدنة لمدة شهرين وليس شهر واحد فقط.. ومع ذلك تعرضت هذه الهدنة لخروقات بين حين وآخر.
لكن يجب ملاحظة أن الانقلابيين الحوثيين المدعومين من إيران والممولين عسكريا من الحرس الثوري الإيراني لم يشاركوا في مؤتمر حوار الرياض الأخير، ولم يباركوا ولم يوافقوا على تشكيل المجلس الرئاسي، واضطروا إلى الموافقة على هدنة الأمم المتحدة لمدة شهرين بعد الضربات القوية لقوات التحالف لمعاقلهم في صنعاء والحديدة وصعدة، وذلك بقصد استرجاع أنفاسهم من جديد وتنظيم صفوفهم وتهريب عدد أكبر من الأسلحة والصواريخ والمسيرات الإيرانية استعدادا لما بعد انتهاء الهدنة الأممية.
ومن بين اتفاقات الهدنة بين الحوثيين والأمم المتحدة فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية بشكل محدود، ولكن كالعادة لا يمكنهم المراهنة على الثقة بـ«الحوثيين» الذين دأبوا على استغلال كل المنافذ الأممية مثل المطارات والموانئ لصالح مخططاتهم التآمرية ضد الحكومة الشرعية في اليمن، فقد سبق لهم أن حولوا مطار صنعاء إلى ثكنة عسكرية يطلقون منها الصواريخ البالستية والمسيرات المفخخة ضد المدن والمطارات والمنشآت النفطية والأحياء السكنية في السعودية والإمارات! وكذلك حولوا ميناء الحديدة إلى مركز عسكري مليشياوي يُصدر الألغام البحرية ضد السفن التجارية العالمية، وكان آخرها القرصنة ضد سفينة تجارية إماراتية!
إذن نحن أمام هدنة هشة يحاول الحوثيون الاستفادة منها لاسترجاع ما فقدوه من قوة وتسلح، وأيضاً للاستفادة من فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية لكي يمرروا مخططاتهم التآمرية ضد الحكومة الشرعية.. وكان آخرها ما حدث منذ يومين، إذ قالت «العربية نت»: «بينما كان مقررا أن تقلع يوم الأحد أول رحلة تجارية من مطار صنعاء، عرقلتها مليشيات الحوثي. وقد حمّل وزير الإعلام اليمني (معمر الأرياني) المليشيا المدعومة من إيران المسؤولية الكاملة عن تعثر تشغيل تلك الرحلة التي كان من المقرر أن تقلع من العاصمة اليمنية إلى عمّان بالأردن، ضمن اتفاق هدنة الشهرين التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن مطلع شهر أبريل 2022».
وكشف الأرياني في سلسلة تغريدات على صفحته بتويتر أن الحوثيين لم يلتزموا بالاتفاق الذي ينص على اعتماد جوازات السفر الصادرة عن الحكومة الشرعية، وقال: «نحمّل مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران المسؤولية الكاملة عن تعثر تشغيل أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي إلى العاصمة الأردنية عمّان، والعودة، والتي كان مقرراً انطلاقها يوم الأحد 24 أبريل، جراء عدم التزامها بالاتفاق الذي ينص على اعتماد جوازات السفر الصادرة عن الحكومة الشرعية»، كما أوضح أن المليشيات تحاول فرض 60 راكبا على متن الرحلة بجوازات سفر غير موثوقة صادرة عنها! وأكد أن هناك معلومات عن تخطيطها لاستغلال الرحلات خلال شهري الهدنة لتهريب العشرات من قياداتها، وقيادات وخبراء «الحرس الثوري الإيراني» و«حزب الله اللبناني» بأسماء وهمية ووثائق مزورة.
وطالب الأرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي بالضغط على مليشيات الحوثي لوقف التلاعب بهذا الملف الإنساني، واتخاذ المواطنين في مناطق سيطرتها رهائن لجني مكاسب، من دون اكتراث لأوضاعهم ومعاناتهم المتفاقمة، مُشدّدا على التعجيل بإطلاق الرحلة تنفيذا لبنود إعلان التهدئة برعاية أممية.
وأوضحت «العربية نت» أن الأمم المتحدة كانت قد أعلنت مطلع شهر أبريل الجاري هدنة مدة شهرين، تتضمن إيقاف العمليات العسكرية، والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، إضافة إلى إعادة تشغيل مطار صنعاء بواقع رحلتين أسبوعياً، وفتح المعابر والطرقات في مدينة تعز المحاصرة وعدد من المحافظات. ومنذ إعلان الهدنة لا تزال مليشيا الحوثي تماطل في فتح الممرات والمعابر الإنسانية بين المحافظات اليمنية، وهو ما تعتبره الحكومة الشرعية مطلبا إنسانيا، وإحدى أولويات الهدنة.
إذن مجددا، يعود الحوثيون إلى المراوغة واستخدام الهدنة لكسب الوقت، وتخزين المزيد من السلاح والصواريخ والمسيرات القادمة من إيران ومن حزب الله اللبناني، وبالتالي فإنهم سوف يعودون من جديد إلى الحرب الطاحنة من دون اكتراث للجوانب الإنسانية.. هذه هي حقيقة الحوثيين.. وهذا هو ديدنهم، فهم يتاجرون بالشعب اليمني من أجل مصلحة إيران والحرس الثوري وحزب الله اللبناني.. لماذا؟ لأنهم ببساطة ينتظرون الأموال السخية التي سوف تصل إليهم من إيران بعد إفراج أمريكا وأوروبا عن الأرصدة الإيرانية المجمدة والتي تقدر بمليارات الدولارات الأمريكية بعد توقيع الاتفاق النووي في فيينا.. تلك الأموال الملوثة بدماء الأبرياء هي ما ينتظره الحوثيون في اليمن.. وبالتالي فإن الحرب هي تجارتهم التي لا تبور!