رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم : ماذا عن الإرهابيين الذين يتمتعون بحصانة غربية؟!

جيد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مساعٍ‭ ‬أمريكية‭ ‬وخليجية‭ ‬لمكافحة‭ ‬تمويل‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬الوسائل‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬تجلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬لائحة‭ ‬الأسماء‭ ‬والكيانات‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الأول،‭ ‬فقد‭ ‬ذكرت‭ ‬شبكة‭ (‬سي‭. ‬إن‭. ‬إن‭) ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬صنفت‭ ‬16‭ ‬اسماَ‭ (‬13‭ ‬فردا‭ ‬و3‭ ‬كيانات‭ ‬باعتبارها‭ ‬منتمية‭ ‬إلى‭ ‬تنظيمات‭ ‬إرهابية‭ ‬متنوعة،‭ ‬وشملت‭ ‬القائمة‭ ‬3‭ ‬أفراد‭ ‬مرتبطين‭ ‬بالحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬و4‭ ‬أفراد‭ ‬وشركة‭ ‬واحدة‭ ‬مرتبطين‭ ‬بتنظيم‭ (‬داعش‭)‬،‭ ‬و6‭ ‬أفراد‭ ‬ممولين‭ ‬منتمين‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ (‬بوكو‭ ‬حرام‭) ‬في‭ ‬نيجيريا،‭ ‬وتنظيمي‭ (‬سرايا‭ ‬الأشتر،‭ ‬وسرايا‭ ‬المختار‭) ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬أن‭ ‬هذين‭ ‬التنظيمين‭ ‬الإرهابيين‭ ‬مقرهما‭ ‬إيران،‭ ‬ويتلقيان‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬وقاما‭ ‬باستهداف‭ ‬أمن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬إرهابية،‭ ‬استشهد‭ ‬وأصيب‭ ‬خلالها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭.‬

وبحسب‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬السعودية‭ (‬واس‭) ‬تتزامن‭ ‬هذه‭ ‬التصنيفات‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬5‭ ‬أعوام‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ (‬مركز‭ ‬استهداف‭ ‬تمويل‭ ‬الإرهاب‭) ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬في‭ ‬عضويته‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وقطر،‭ ‬والبحرين،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬والكويت‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

لكن‭ ‬هل‭ ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬فقط‭ ‬الإرهابيون‭ ‬الذين‭ ‬يعرضون‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬الخليجية‭ ‬للخطر؟‭ ‬طبعاً‭ ‬كلا‭.. ‬وعلينا‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬هو‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬اسم‭ ‬منظمة‭ (‬الحوثيين‭) ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صنفها‭ ‬سلفه‭ (‬ترامب‭) ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭! ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ (‬واشنطن‭) ‬قد‭ ‬وجهت‭ ‬طعنة‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬عبر‭ ‬تشجيعها‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬استهداف‭ ‬صواريخها‭ ‬ومسيراتها‭ ‬المنشآت‭ ‬المدنية‭ ‬والنفطية‭ ‬والمطارات‭ ‬والموانئ‭ ‬في‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭.. ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬أكبر‭ ‬خطأ‭ ‬سياسي‭ ‬ارتكبه‭ ‬الرئيس‭ (‬بايدن‭) ‬بحق‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقدم‭ ‬ضوءا‭ ‬أخضر‭ ‬للإرهابيين‭ ‬الآخرين‭ ‬المدعومين‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬بالعبث‭ ‬بأمن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬امتدادا‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬والعراق‭ ‬حتى‭ ‬الكويت‭ ‬والبحرين‭ ‬والسعودية‭.‬

هناك‭ ‬خلل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬مصطلح‭ (‬الإرهاب‭) ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وبين‭ ‬فهم‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لموضوع‭ ‬الإرهاب،‭ ‬لأن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وأيضاً‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬تعتبر‭ (‬الإرهاب‭) ‬محصوراً‭ ‬في‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬السلاح‭ ‬فقط‭! ‬أما‭ ‬الأشخاص‭ ‬المنتمون‭ ‬سياسياً‭ ‬وفكرياً‭ ‬وإعلامياً‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬فلا‭ ‬ينطبق‭ ‬عليهم‭ (‬الإرهاب‭)!! ‬مثل‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬فرنسا‭ ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬شقه‭ ‬السياسي،‭ ‬وتعتبره‭ ‬إرهابيا‭ ‬في‭ ‬شقه‭ ‬العسكري‭ ‬فقط‭!‬

هذا‭ ‬الاعوجاج‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬وتفسير‭ (‬الإرهاب‭) ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقوي‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬فنحن‭ ‬نعاني‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الفهم‭ ‬المغلوط‭ ‬والكارثي‭ ‬حول‭ ‬خطورة‭ ‬الأفراد‭ ‬المنتمين‭ ‬سياسياً‭ ‬إلى‭ ‬جماعات‭ ‬إرهابية،‭ ‬ولكن‭ ‬الغرب‭ ‬يصنفهم‭ (‬كمعارضة‭ ‬سياسية‭ ‬ديمقراطية‭)!!‬

هل‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬البحرينية‭ ‬المقيمة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والسويد‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ويحظون‭ ‬بحماية‭ ‬حكومات‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬أقل‭ ‬خطراً‭ ‬من‭ (‬مليشيا‭ ‬سرايا‭ ‬الأشتر‭)‬،‭ ‬و‭(‬مليشيا‭ ‬سرايا‭ ‬المختار‭)‬؟‭! ‬فقط‭ ‬تتبعوا‭ ‬مواقف‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬الأفكار‭ ‬الإرهابية‭.. ‬مواقفهم‭ ‬من‭ (‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭) ‬ومواقفهم‭ ‬من‭ (‬فيلق‭ ‬القدس‭) ‬التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬ومواقفهم‭ ‬من‭ (‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬العراقي‭) ‬الموالي‭ ‬لإيران،‭ ‬ومواقفهم‭ ‬من‭ (‬حركة‭ ‬الحوثيين‭) ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬ومواقفهم‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬ومواقفهم‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬إيران‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭.. ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬المعادية‭ ‬للبحرين‭ ‬والسعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬والكويت‭.. ‬تتبعوا‭ ‬مواقفهم‭ ‬هذه‭ ‬فستجدونها‭ ‬كلها‭ ‬مواقف‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬فكر‭ ‬وعقيدة‭ ‬متعاطفة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬إرهابي‭ ‬ومعادٍ‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭!‬

هذا‭ ‬فقط‭ ‬منظار‭ ‬واحد‭ ‬للحكم‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬تسميهم‭ (‬الغرب‭) ‬معارضة‭ ‬سياسية‭ ‬وليسوا‭ ‬إرهابيين‭!! ‬وهناك‭ ‬منظار‭ ‬آخر‭ ‬مهم‭.. ‬وهو‭ ‬التمويل‭ ‬المالي‭ ‬واللوجستي‭ ‬والإعلامي‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المتدثرين‭ ‬بحماية‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغرب،‭ ‬حيث‭ ‬تجد‭ ‬التمويل‭ ‬المالي‭ ‬يصلهم‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وأذرعها‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغرب،‭ ‬كما‭ ‬يأتيهم‭ ‬من‭ (‬الخمس‭) ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬الإيرانية‭ ‬وأحزابها‭ ‬بالمنطقة‭! ‬وهناك‭ ‬عقارات‭ ‬تملكها‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬متاحة‭ ‬لتصرف‭ ‬جماعات‭ ‬بحرينية‭ ‬إرهابية‭ ‬موالية‭ ‬لإيران‭! ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬تمولهم‭ (‬قطر‭) ‬أيضاً،‭ ‬أما‭ ‬المحظوظون‭ ‬منهم‭ ‬فأولئك‭ ‬الذين‭ ‬فازوا‭ ‬بيانصيب‭ ‬حق‭ ‬اللجوء‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية،‭ ‬ولديهم‭ ‬رواتب‭ ‬شهرية‭ ‬وسكن‭ ‬وحصانة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬بريطانية‭!! ‬ولديهم‭ ‬تأمين‭ ‬صحي‭ ‬ومساعدات‭ ‬خدماتية‭ ‬كثيرة‭!!‬

هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يشكلون‭ ‬خطراً‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬البحرين‭ ‬وأمن‭ ‬السعودية‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬لا‭ ‬يصنفهم‭ (‬الغرب‭) ‬كإرهابيين‭!!.. ‬بل‭ ‬سعت‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ (‬أوباما‭) ‬عام‭ ‬2011‭ ‬لدعمهم‭ ‬في‭ ‬محاولتهم‭ ‬الفاشلة‭ ‬لإسقاط‭ ‬النظام‭ ‬الدستوري‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وإنشاء‭ (‬جمهورية‭ ‬إسلامية‭) ‬موالية‭ ‬لإيران‭!!‬

هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬في‭ ‬حصانة‭ ‬غربية‭.. ‬لذلك‭ ‬لن‭ ‬تجدونهم‭ ‬في‭ ‬القائمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬صنفت‭ ‬تنظيمات‭ ‬إرهابية‭ ‬مثل‭ (‬سرايا‭ ‬الأشتر‭) ‬و‭(‬سرايا‭ ‬المختار‭)! ‬فهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬أشخاص‭ ‬فوق‭ ‬الشبهات‭!!‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى