رأي في الحدث

السيــد زهــره :مسلسل «الزيارة» الممل جدا

آخر‭ ‬كلام‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭: ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬يقرر‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيتوجه‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭.‬

‭ ‬قال‭ ‬هذا‭ ‬أمس‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬أسبوعين‭ ‬بعدما‭ ‬تحولت‭ ‬فيها‭ ‬الزيارة‭ ‬المفترضة‭ ‬لبايدن‭ ‬للسعودية‭ ‬إلى‭ ‬مسلسل‭ ‬سخيف‭ ‬وممل‭ ‬جدا‭ ‬ومستفز‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حد‭. ‬

المسلسل‭ ‬تطور‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭.‬

‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬أسبوعين‭ ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬بايدن‭ ‬يخطط‭ ‬لزيارة‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يونيو‭ ‬الجاري‭. ‬وترافق‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬بعض‭ ‬تصريحات‭ ‬إيجابية‭ ‬منه‭ ‬ومن‭ ‬مسؤولين‭ ‬أمريكيين‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬السعودية‭ ‬وأهمية‭ ‬العلاقات‭ ‬معها‭.‬

‭ ‬فجأة‭ ‬خرجت‭ ‬المتحدثة‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬البيض‭ ‬لتقول‭ ‬إن‭ ‬بايدن‭ ‬لم‭ ‬يغير‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬وإنها‭ ‬‮«‬منبوذة‮»‬‭ ‬وإن‭ ‬الزيارة‭ ‬لم‭ ‬تتقرر‭ ‬ومازالت‭ ‬موضوع‭ ‬بحث‭.‬

‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬خرج‭ ‬بايدن‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬لو‭ ‬زار‭ ‬السعودية‭ ‬فسيكون‭ ‬هدفه‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬ولمنع‭ ‬الحروب‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ (‬أي‭ ‬كلام‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬خرجت‭ ‬متحدثة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬لتقول‭ ‬إن‭ ‬الزيارة‭ ‬تأجلت‭ ‬الى‭ ‬يوليو،‭ ‬وإن‭ ‬الرئيس‭ ‬مستعد‭ ‬للقيام‭ ‬بالزيارة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬سيخدم‭ ‬المصلحة‭ ‬الأمريكية‭.‬

‭ ‬تلى‭ ‬ذلك‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬والسعودية‭ ‬اتفقتا‭ ‬على‭ ‬طي‭ ‬صفحة‭ ‬خاشقجي،

في‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬مسؤولون‭ ‬أمريكيون‭ ‬رفيعو‭ ‬المستوى‭ ‬استعدادا‭ ‬أمريكيا‭ ‬لـ«إعادة‭ ‬ضبط‭ ‬العلاقات‮»‬‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬وتجاوز‭ ‬قضية‭ ‬خاشقجي‭ ‬بهدف‭ ‬إصلاح‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬العلم،‭ ‬بحسب‭ ‬التقارير‭ ‬المنشورة،‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬أبلغت‭ ‬أمريكا‭ ‬مسبقا‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬انتهى‭ ‬وأغلق،‭ ‬أي‭ ‬ليس‭ ‬مقبولا‭ ‬إثارته‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬بايدن‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬غيره‭.‬

‭ ‬وآخر‭ ‬كلام،‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬بايدن‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يقرر‭ ‬بعد‭ ‬هل‭ ‬سيزور‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يزور‭.‬

‭ ‬مبدئيا،‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬ملاحظات‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نبديها‭ ‬على‭ ‬مسلسل‭ ‬الزيارة‭ ‬الممل‭.‬

‭ ‬أول‭ ‬هذه‭ ‬الملاحظات‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والإعلام‭ ‬الأمريكي‭ ‬أيضا‭ ‬يصورون‭ ‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬بهذه‭ ‬الزيارة‭ ‬يقدم‭ ‬تنازلات‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا،‭ ‬وكما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬يتفضل‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬بها‭.‬

‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬لم‭ ‬تطلب‭ ‬زيارة‭ ‬بايدن‭ ‬ولم‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬أنها‭ ‬معنية‭ ‬بالأمر‭ ‬كثيرا‭ ‬أو‭ ‬قليلا‭. ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬قال‭ ‬بوضوح‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬برمته‭ ‬لا‭ ‬يشغله‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬بعيد‭. ‬ومعروف‭ ‬قصة‭ ‬رفض‭ ‬مكالمات‭ ‬بايدن‭ ‬الهاتفية‭.‬

‭ ‬أمريكا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ألحّت‭ ‬على‭ ‬الزيارة‭ ‬وسعت‭ ‬إليها‭ ‬بكل‭ ‬السبل‭ ‬واستماتت‭ ‬عبر‭ ‬مبعوثيها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تتم‭.‬

الملاحظة‭ ‬الثانية‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬الضياع‭ ‬والتوهان‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بزعيم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬كونه‭ ‬زعيم‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬مثل‭ ‬أمريكا‭. ‬بايدن‭ ‬يبدو‭ ‬تائها‭ ‬وضائعا‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يقرر،‭ ‬هل‭ ‬يزور‭ ‬السعودية‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وماذا‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يصارح‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬والطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالحقيقة‭. ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬ارتكب‭ ‬جرما‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬السعودية‭ ‬وفي‭ ‬حق‭ ‬قيادتها‭ ‬بمواقفه‭ ‬وتصريحاته‭ ‬العدوانية‭ ‬السابقة‭ ‬وإنه‭ ‬أدرك‭ ‬أنه‭ ‬أخطأ‭ ‬وليس‭ ‬أمامه‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تصحيح‭ ‬الخطأ‭.‬

هو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬هذا‭ ‬ويحاول‭ ‬احتواء‭ ‬ازمة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬ليس‭ ‬عن‭ ‬اقتناع‭ ‬شخصي،‭ ‬ولكن‭ ‬لأنه‭ ‬أدرك‭ ‬الثمن‭ ‬الفادح‭ ‬لاستمرار‭ ‬الأزمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭.‬

الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬الكل‭ ‬يعلمها‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬بأمسِّ‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تصحيح‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬السعودية،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬مصداقيتها‭ ‬وهي‭ ‬المطالبة‭ ‬بتقديم‭ ‬دلائل‭ ‬ملموسة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬انهارت‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وبين‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭. ‬والأمر‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬بكثير‭. ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬وإجراءات‭ ‬عملية‭ ‬محددة‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى