رأي في الحدث

عبدالله الأيوبي : خطر «كورونا» لا يزال قائما

البحرين،‭ ‬إلى‭ ‬جانبِ‭ ‬جميعِ‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تقريبا‭ ‬رفعت‭ ‬معظمَ،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬جميعَ،‭ ‬القيودِ‭ ‬والإجراءاتِ‭ ‬الاحترازية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بفيروس‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬،‭ ‬فهذه‭ ‬الخطواتُ‭ ‬التي‭ ‬أقدمت‭ ‬عليها‭ ‬البحرين‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬بأي‭ ‬حالٍ‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أن‭ ‬العالمَ‭ ‬تخلصَ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬زوبعةً‭ ‬عالميَّةً‭ ‬غيرَ‭ ‬مسبوقةٍ‭ ‬وألحق‭ ‬أضرارًا‭ ‬بشريَّة‭ ‬واقتصاديَّة‭ ‬كبيرة‭ ‬وهائلة‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منها‭ ‬أيُّ‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬والخدماتيَّة‭ ‬المختلفة،‭ ‬بل‭ ‬وأحدث‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الشلل‭ ‬التام‭ ‬في‭ ‬بعضٍ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات،‭ ‬مثل‭ ‬قطاع‭ ‬الطيران‭ ‬والسفر‭ ‬والسياحة‭ ‬وأوقف‭ ‬جميع‭ ‬البرامج‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية‭ ‬والترفيهية‭ ‬وحوَّلها‭ ‬إلى‭ ‬منصات‭ ‬تفاعل‭ ‬وتواصل‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬القول،‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬فيه‭ ‬انتشار‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬وتحوله‭ ‬إلى‭ ‬جائحة‭ ‬عالمية،‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬من‭ ‬الصعب،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬تقديم‭ ‬إحصاء‭ ‬دقيق‭ ‬لحجمها‭ ‬أو‭ ‬أرقامها‭.‬

خلال‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬الشرسة‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬البشرية‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس،‭ ‬انكبت‭ ‬مراكز‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والطبي‭ ‬على‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬اللقاح‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬أضرار‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬انتشاره،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬اللقاحات،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬الغرض‭ ‬والهدف‭ ‬المطلوب،‭ ‬وهو‭ ‬منع‭ ‬الإصابة‭ ‬بالفيروس،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬تترتب‭ ‬على‭ ‬الإصابة‭ ‬به،‭ ‬وأحدثت‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬أثرا‭ ‬إيجابيا،‭ ‬نفسيا‭ ‬وصحيا،‭ ‬ورفعت‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬التفاؤل‭ ‬والأمل‭ ‬في‭ ‬قرب‭ ‬تخلص‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزوبعة‭ ‬الخطرة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬اللقاحات‭ ‬وثبوت‭ ‬نجاعتها،‭ ‬والتعاطي‭ ‬الإيجابي‭ ‬لنسبة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬اللقاحات،‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬التقليل‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والقيود‭ ‬الاحترازية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التخلي‭ ‬عنها‭ ‬نهائيا‭.‬

تخلي‭ ‬الدول،‭ ‬ومنها‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬البحرين،‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القيود‭ ‬والإجراءات،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ولا‭ ‬يؤكد،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬القول،‭ ‬زوال‭ ‬خطر‭ ‬الفيروس‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬انخفاض‭ ‬التهديد‭ ‬الناجم‭ ‬عنه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬أرقام‭ ‬الإصابات‭ ‬التي‭ ‬تعلنها‭ ‬الدول،‭ ‬وعندنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أيضا،‭ ‬هناك‭ ‬ارتفاع‭ ‬شبه‭ ‬يومي‭ ‬لأعداد‭ ‬الإصابات،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬نهائيا‭ ‬حالات‭ ‬الوفيات،‭ ‬وإن‭ ‬انخفضت‭ ‬أعدادها‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬السابقة،‭ ‬والسبب‭ ‬وراء‭ ‬ذلك،‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الفرد‭ ‬دون‭ ‬غيره،‭ ‬فالتطعيمات‭ ‬متوفرة‭ ‬ومتاحة‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأطفال،‭ ‬وهناك‭ ‬تجاوب‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الأسر‭ ‬والأبناء،‭ ‬لقناعتهم‭ ‬بأن‭ ‬التطعيمات‭ ‬تعزز‭ ‬المناعة‭ ‬لدى‭ ‬الجسم،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تحمه‭ ‬نهائيا‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭.‬

‭ ‬قرار‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬الطبي‭ ‬للتصدي‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭-‬19‭) ‬بإلغاء‭ ‬القيود‭ ‬والإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬إلزامية‭ ‬وتترتب‭ ‬على‭ ‬مخالفتها‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية،‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬تخلي‭ ‬الفرد،‭ ‬مواطنا‭ ‬كان‭ ‬أم‭ ‬مقيما،‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬الطوعي‭ ‬بهذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬فالمصلحة‭ ‬الفردية‭ ‬والأسرية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬تقتضي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام،‭ ‬لأن‭ ‬الفيروس‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائما‭ ‬ومنتشرا،‭ ‬وأن‭ ‬استمرار‭ ‬الإصابات،‭ ‬بل‭ ‬وارتفاعها‭ ‬بين‭ ‬يوم‭ ‬وآخر‭ ‬يؤكد‭ ‬ذلك،‭ ‬ويؤكد‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬الطوعية‭ ‬إلى‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬ومنها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬التقيد‭ ‬بلبس‭ ‬الكمامات‭ ‬واستعمال‭ ‬وسائل‭ ‬التعقيم‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية‭ ‬المختلفة‭.‬

فهذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬مرده‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬عدم‭ ‬التقيد‭ ‬الطوعي‭ ‬بالاحترازات‭ ‬وبالقيود‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬معمولا‭ ‬بها‭ ‬قبل‭ ‬القرارات‭ ‬الأخيرة‭ ‬للفريق‭ ‬الوطني‭ ‬الطبي،‭ ‬فهذه‭ ‬القرارات‭ ‬ألغت‭ ‬الإلزام‭ ‬القانوني‭ ‬بهذه‭ ‬القيود‭ ‬لكنها،‭ ‬أي‭ ‬القرارات،‭ ‬لم‭ ‬تلزم‭ ‬الفرد،‭ ‬موطنا‭ ‬كان‭ ‬أم‭ ‬مقيما،‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬وهنا‭ ‬مكمن‭ ‬الخلل‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات،‭ ‬والتي‭ ‬تجاوزت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬الألف‭ ‬الإصابة،‭ ‬وكأنها‭ ‬تنذرنا‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬المربع‭ ‬الأول‭.‬

الجميع‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬متشوق‭ ‬نحو‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬وممارسة‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بنفس‭ ‬درجة‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬قبل‭ ‬ظهور‭ ‬وانتشار‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬وقد‭ ‬تمت‭ ‬هذه‭ ‬العودة‭ ‬بالفعل‭ ‬حيث‭ ‬فتحت‭ ‬الأبواب‭ ‬أمام‭ ‬ممارسة‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الترفيهية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والدينية‭ ‬المختلفة،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬العودة،‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬إلزامية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الفترات،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الفيروس‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬موجودا‭ ‬ومنتشرا،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬خفت‭ ‬درجة‭ ‬خطورته‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬التطعيم‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطورة‭ ‬تبقى‭ ‬قائمة‭ ‬ويبقى‭ ‬الإصابة‭ ‬بالفيروس‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬تهديدا‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحاشيه،‭ ‬فهذه‭ ‬مسؤولية‭ ‬الجميع،‭ ‬فهم‭ ‬المطالبون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بالمساعدة‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الالتزام‭ ‬الطوعي‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬مفروضا‭ ‬بقوة‭ ‬القانون‭ ‬والإجراءات‭ ‬الإدارية‭ ‬الإلزامية‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى