رأي في الحدث

فوزية رشيد : أرادوا أن ينبذوا السعودية فنبذتهم!

{‭ ‬قد‭ ‬يعتقدُ‭ ‬كثيرون‭ ‬خاصةً‭ ‬في‭ ‬الغربِ‭ ‬أن‭ ‬قوةَ‭ ‬السعوديةِ،‭ ‬تنبعُ‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إمكانياتِها‭ ‬الماديَّةِ‭ ‬وثرواتِها‭ ‬النفطيَّةِ‭ ‬وثقلِها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬مكانتِها‭ ‬العربيَّةِ‭ ‬والإقليميَّةِ‭ ‬والإعلاميَّةِ‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬الأحداث،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬صحيح،‭ ‬ولكن‭ ‬الأهم‭ ‬منه‭ ‬جميعاً‭ ‬أن‭ ‬أرضَ‭ ‬الجزيرةِ‭ ‬العربيَّةِ،‭ ‬والمساحةَ‭ ‬الجغرافية‭ ‬فيها‭ ‬المعروفة‭ ‬اليوم‭ ‬بالسعودية،‭ ‬هي‭ ‬أرضٌ‭ ‬باركها‭ ‬اللهُ،‭ ‬واختارها‭ ‬لتكونَ‭ ‬منبعَ‭ ‬كل‭ ‬رسالاته‭ ‬السماوية‭ ‬الأشهر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ستكشفه‭ ‬الأثريات‭ ‬وقراءتها‭ ‬الجديدة‭ ‬الصحيحة‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬تتكشفُ،‭ ‬وأنها‭ ‬الأرضُ‭ ‬التي‭ ‬بنى‭ ‬اللهُ‭ ‬فوقها‭ ‬‮«‬بيتَه‭ ‬الحرام‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬آدم‭ ‬أو‭ ‬بداية‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬العاقل،‭ ‬وأنها‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬نزل‭ ‬عليها‭ ‬آخر‭ ‬الرسالات‭ ‬النبوية،‭ ‬والنبي‭ ‬الذي‭ ‬التصق‭ ‬اسمه‭ ‬بالله‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭ ‬في‭ ‬الشهادتين،‭ ‬كأول‭ ‬ركن‭ ‬لدين‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهو‭ ‬دين‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭! ‬ومادامت‭ ‬السعودية‭ ‬محافظة‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬مع‭ ‬الله،‭ ‬فلا‭ ‬غالب‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬مهما‭ ‬كثر‭ ‬أعداؤها،‭ ‬وخبثت‭ ‬خططهم‭ ‬ونواياهم،‭ ‬ومهما‭ ‬كادوا،‭ ‬والتاريخ‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يعادي‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬يرتّد‭ ‬عداؤه‭ ‬عليه،‭ ‬ويرتد‭ ‬مكره‭ ‬وكيده‭ ‬عليه‭ ‬بأسوأ‭ ‬مما‭ ‬يعتقد‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭ ‬وبعدها‭ ‬وفي‭ ‬عامه‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬شنّ‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬حملات‭ ‬خطابية‭ ‬مشحونة‭ ‬بالكراهية‭ ‬ضدّ‭ ‬السعودية‭ ‬وضد‭ ‬وليّ‭ ‬عهدها‭! ‬لينساق‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب،‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬لحظة‭ ‬الحقيقة،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ليعلن‭ ‬مسؤولوه‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وفي‭ ‬‮«‬البنتاجون‮»‬‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬ليست‭ ‬مفتاح‭ ‬المنطقة‭ ‬بل‭ ‬مفتاح‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬تعاملت‭ ‬برصانتها‭ ‬وهدوءها‭ ‬المعتادين،‭ ‬لتقلب‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬مختلفة‭ ‬الطاولة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬وليحاول‭ ‬الأخير‭ ‬الاتصال‭ ‬مرات‭ ‬عديدة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬استجابة،‭ ‬وليتسارع‭ ‬أرفع‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬الحرمين‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لمعالجة‭ ‬الثغور‭ ‬التي‭ ‬تسببوا‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬جدار‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والسعودية‭! ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الزيارة‭ ‬المرتقبة‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬للسعودية،‭ ‬منتصف‭ ‬يوليو‭ ‬الشهر‭ ‬القادم‭!‬

{‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الزيارة‭ ‬ستقوم‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬ذات‭ ‬الرؤية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والعنجهية‭ ‬المعتادة،‭ ‬فحتماً‭ ‬النتيجة‭ ‬ستكون‭ ‬مخيبة‭ ‬لآمال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ومن‭ ‬سيأتي‭ ‬معه‭!‬

وبهذه‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬أثارت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬اللغط،‭ ‬توضح‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أراد‭ ‬وعمل‭ ‬بكل‭ ‬قوته‭ ‬على‭ ‬نبذ‭ ‬السعودية‭ ‬وولي‭ ‬عهدها،‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬سيقوم‭ ‬بزيارتها‭ ‬بعد‭ ‬محاولات‭ ‬مضنية‭! ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬ذاق‭ ‬بنفسه‭ ‬معنى‭ ‬‮«‬النبذ‮»‬‭ ‬حين‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬أراد‭ ‬نبذها،‭ ‬فأصبح‭ ‬يركض‭ ‬لينال‭ ‬وصالها‭!‬

{‭ ‬ولعل‭ ‬السيناريو‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الأمر‭ ‬يتكرر‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬الخطاب‭ ‬العدائي‭ ‬تجاه‭ ‬السعودية،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬قضية‭ ‬‮«‬خاشقجي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تخلّى‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬أثاره‭ ‬حولها،‭ ‬ليحولها‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬السعودي‭ ‬نفسه،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬انتهى‭ ‬قضائياً‭ ‬من‭ ‬الأمر‭ ‬برمته،‭ ‬ثم‭ ‬ليأتي‭ ‬لزيارة‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للتقرّب‭ ‬وتصحيح‭ ‬الأخطاء‭ ‬أو‭ ‬الخطايا‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬السعودية‭ ‬ومصر‭ ‬والمنطقة‭! ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬ورقة‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬باعهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تراكمت‭ ‬الخسائر‭ ‬على‭ ‬تركيا‭ ‬من‭ ‬المتاجرة‭ ‬بهم‭!‬

وذات‭ ‬الأمر‭ ‬يتكرر‭ ‬مع‭ ‬باكستان‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬جديد،‭ ‬وبعد‭ ‬التصريحات‭ ‬أو‭ ‬التحركات‭ ‬الساذجة‭ ‬لمن‭ ‬سبقه،‭ ‬وجاء‭ ‬ليؤكد‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬باكستان‭ ‬والسعودية‭!‬

إن‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬تختط‭ ‬خطاً‭ ‬خاصاً‭ ‬ومختلفاً‭ ‬عما‭ ‬سبقه،‭ ‬أوصلت‭ ‬رسائلها‭ ‬إلى‭ ‬الجميع،‭ ‬وخلاصتها‭ ‬أنها‭ ‬تعمل‭ ‬وفق‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬والمصالح‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وأن‭ ‬تحالفاتها‭ ‬محكومة‭ ‬بما‭ ‬يفيد‭ ‬استقلاليتها‭ ‬وقوتها‭ ‬ونموّها‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬للوصول‭ ‬إليه،‭ ‬وفق‭ ‬خطة‭ ‬ورؤية‭ ‬2030‭!‬،‭ ‬ولذلك‭ ‬هي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬تحالفاتها‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬كالصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬تفهم‭ ‬أمريكا‭ ‬هذا‭ ‬التوجّه‭ ‬الجديد،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مفهومها‭ ‬الساذج‭ ‬في‭ ‬التحالف‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ (‬أمريكا‭ ‬تأخذ‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭)! ‬فإن‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬السعودية،‭ ‬بل‭ ‬والعلاقات‭ ‬مع‭ ‬الخليج‭ ‬ومصر‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬لن‭ ‬تشهد‭ ‬أي‭ ‬تقدّم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬خطرة‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬يسمي‭ ‬نفسه‭ ‬حليفاً‭ ‬للسعودية‭ ‬والخليج‭! ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬زمن‭ ‬الاستفراد‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالعالم،‭ ‬تنهار‭ ‬أحجاره‭ ‬حجراً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬وعالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬يطلّ‭ ‬بتأثيره‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭!‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى