رأي في الحدث

عبدالله بشارة : تحديات تاريخية تنتظر الكويت

تشرفت، في الأسبوع الماضي، بلقاء سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد، فوجدته بصحة عالية، متابعاً التفاصيل، واعياً لمختلف التوجهات، وواعداً بمستقبل دعائمه الكفاءة والنزاهة، ولأن وقته ثمين فقد أشار بإيجاز عن تصورات المستقبل، خرجت بثقة بأن القادم سيحضر معه نهجاً واقعياً يجمع توطيد الأمن بانطلاق التنمية، بأجواء فيها عزم على التنفيذ والإنجاز.

وبعدها التقيت بسمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، المتابع لما يدور داخلياً وخارجياً، والمتيقظ للمؤشرات حول النظام الأمني والاقتصادي الجديد الذي سيحمل منطقة الخليج إلى واقع غير مسبوق، وكان الاهتمام الكبير إعطاء أولوية للتنسيق بين دول مجلس التعاون لاتخاذ موقف موحد أو على الأقل متقارب، تلتقي حوله في الجلسات المشتركة مع زوار الخليج القادمين من واشنطن ومن مصر والأردن والعراق، وفق ما يتردد حول الاجتماع الذي سيضم الرئيس الأميركي بايدن ودول مجلس التعاون، واجتماع آخر بين الرئيس الأميركي وقادة مصر والأردن والعراق، بالإضافة إلى قيادات مجلس التعاون.

من المتابعة الإعلامية وما تنقله الأخبار من تصريحات الرئيس بايدن ومن أقوال مساعديه، حول التفكير الأميركي لصد مناورات إيران وتطويق طموحاتها ووقف مغامراتها، مع خطوط عامة ترسم خريطة أمنية للحفاظ على الاستقرار والسكينة في دول المجلس وفي المنطقة.

لا شك بأن هذا المشروع أفرزته التطاولات الإيرانية على سيادة بعض الدول، فلم تتوقف المساندة الإيرانية لمساعدة قيادة الحوثيين في اليمن عبر إطلاق الصواريخ على المنشآت السعودية، دون اعتبار للسيادة أو احترام للأمن في المملكة العربية السعودية، مع استمرار فنون التحريض وإثارة النعرات الطائفية داخل دول المجلس، وفوق ذلك، ترسيخ الوجود السياسي والاستراتيجي الإيراني داخل البيئة السياسية العراقية، وإبقاء التأزم وديمومة الخلافات والانشقاقات، ويتم ذلك وسط تصريحات إيرانية دبلوماسية تجميلية حول الرغبة في علاقات مثمرة مع دول المجلس قائمة على المصالح المشتركة وتبادلية الثقة في طيب النوايا وحسن الجوار.

وتواصل الدبلوماسية الإيرانية عمليات التودد والتجميل، بينما تساهم في تأجيج الوضع داخل اليمن بدعم الحوثيين ومساعدتهم في سلبية المواقف تجاه مساعي الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المدمرة، جلبت الجوع وقضت على وسائل العلاج وشردت الملايين وأفقرت الدولة وسببت الانشقاقات.

وفوق ذلك، يبقى النفوذ الإيراني مسيطراً على «حزب الله» في لبنان، مستفيداً من طاقاته في شل المصالح اللبنانية وإبراز الأهداف الإيرانية مكانها، وتحويل مسؤوليات «حزب الله» نحو حماية ما تريده إيران داخل لبنان وفي المنطقة.

وغير ذلك، تتجه إيران بقوة نحو السلاح النووي، متحدية قرارات الأمم المتحدة والتزاماتها وفق معاهدة التخلص من الأسلحة النووية التي وقعت عليها إيران.

والواضح أن الرئيس الأميركي بايدن يتوجه إلى المنطقة حاملاً هذا الملف المقلق لجميع الأطراف، الأعضاء في الأمم المتحدة وخارجها، ومدعوماً بموقف من جميع الأحزاب والتجمعات الأميركية، وأتصور بأنه نال موافقة معظم دول المنطقة، حول برنامجه المقترح، وخلاصته تشييد نظام أمني إقليمي مدعوماً من التحالف الغربي للحفاظ على استقرار المنطقة، وصون سيادة دولها.

ومن الواضح أن إسرائيل لن تكون بعيدة عن هذا التوجه، لاسيما أن الرئيس بايدن سيصل إلى المملكة العربية السعودية قادماً من إسرائيل بعد التوافق معها حول الترتيبات الأمنية الإقليمية.

والموضوع الآخر الذي يقلق الرئيس بايدن هو دبلوماسية النفط، وما أصابها من خلال مقاطعة الصادرات الروسية إلى الدول الغربية، وما نتج عنها من نقص كبير في احتياجات العالم من الطاقة، الأمر الذي فرض التوجه نحو دول المجلس، وبالذات المملكة العربية السعودية، والإمارات والكويت، لتعويض العالم بزيادة حجم الانتاج فيها، امتثالاً لحجم المسؤولية التي تتحملها دول الخليج لتأكيد السلام العالمي وحماية الازدهار الاقتصادي.

ولدول الخليج تجربة عاشتها في بداية السبعينيات عندما فرضت دول الخليج حظراً نفطياً على الولايات المتحدة عام 1973، دعماً لموقف مصر في نضالها لتحرير سيناء.

وعشت شخصياً تلك التجربة عندما عقدت الجمعية العامة دورتها الخاصة بمبادرة من الرئيس الجزائري الهواري بومدين لإعلان نظام اقتصادي عالمي جديد، تتوازن فيه الأسعار وفق طلبيات السوق، وليس وفق ما تريده شركات النفط.

وكانت النتيجة أن الطاقة سلعة استراتيجية عالمية تديرها الدول المنتجة تراعي فيها هذه الدول تلبية احتياجات الأسرة العالمية من النفط.

هذا مسح للقضايا التي ستشهد المنطقة معالجتها خلال الأسابيع القادمة، وتبقى الأسئلة عن مواقف الدول الخليجية من هذا التصور الأمني الاقتصادي، فلا مفر من التنسيق والتشاور لتقريب مواقف دول المجلس، لاسيما حول المخطط الأمني الذي يرسم تاريخاً جديداً لخريطة المنطقة.

هناك حقائق حياة لا يمكن تجاهلها، أبرزها حماية مصالح الدول وتأمين سلامتها، الأمر الذي يتفوق على كل اعتبار، وهناك حساسيات مزمنة لابد من التعامل معها وفق منطق المصالح مع تقبل التبدلات في المواقف، انسجاماً مع املاءات البقاء، والتذكير بأن هناك حدودا لتحمل أثقال الالتزام، مع الأمل بأن يسود التوافق المداولات ذات البعد التاريخي التي ستشهدها مدينة جدة.

تجمع الخيرين.. في انتخابات «الهلال الأحمر»

أجمع الناخبون لاختيار مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر على الحفاظ على المجموعة التي تدير الجمعية منذ سنوات مسلحين بسجل باهر من الإنجازات، تنوعت في جغرافيتها وفي طبيعتها، بعضها متعب، فيه احتمالات المخاطر، وبعضها معقد في دروب الوصول إليه، مأخوذين بالهمة الإنسانية التي تستوطن أفراد هذه الهيئة، الذين شكلوا عنواناً إنسانياً لدولة الكويت، ولنا جميعاً في ممارستهم الإنسانية، عرضوا سحر القيم التي تجذبهم لهذه المأمورية التي تحملوها متطوعين مندفعين لا توقفهم مخاطر ولا احتمالات الانزلاق إلى أوضاع فيها احتمالات التهلكة.

يظل الطبيب الإنسان، هلال الساير، حاملاً عبء التوجيه بابتسامات وبشعور متدفق من الارتياح، لا يتوقف متردداً أمام أثقال المسؤولية، مشرفاً بنفسه، مدققاً بالتفاصيل، متعالياً على المتاعب، ومصمماً على إتمام المهمة أينما تكون ومهما كانت غلاظتها، مستنداً إلى فريق يشاركه الإيمان بالرسالة، ومنسجماً مع تحمله الأورام التي تفرزها طبيعة المهام التي على جدول أعمال الجمعية، وأبرزها التصدي للأهوال التي تعيش فيها تجمعات بشرية عطلت حياتها حروب داخلية وخلافات بين قياداتها، وصراعات الطموحات ونزاعات الأقاليم، وخيبات قادتها، وعدم لياقتهم للقيادة..

أعرف نجمة جمعية الهلال الفدائية اللامعة، مها البرجس، التي تجد السرور في صحبة المحتاجين، وترتاح لدعواتهم المخلصة وتعطيها الأولوية، غير عابئة بإغراءات الاسترخاء التي توفرها أجواء العائلة، ومتقبلة ازعاجات الأسفار معتمدة على رافعة الإيمان برسالتها، مثل الآخرين المتطوعين، تستخلص الراحة والبهجة من فرحة المحتاجين.

وسعدنا باختيارها لمنصب نائب رئيس الصليب والهلال الأحمر، الذي فازت به بجدارة وتثمين من الدول لقدرة تحملها وحجم عطائها وتبقى وردة باسمة لكل محتاج.

لابد من التحية المخلصة لأعضاء مجلس إدارة جمعية الهلال، الذين لم يترددوا في مواصلة العمل في الرحلات الإنسانية الشاقة، مدركين بأن حصاد جهودهم مضمون للكويت ولأهلها، وأحيي التجديد لقائمة الكوماندوس التي اعتادت على المخاطر وروضت المتاعب، المحسن حمد البحر والراسخ في صموده عبدالله الحميضي، والورود التي لا تعبأ بالأشواك: مها البرجس، وفوزية النصار ووفاء القطامي، والمحسن الهادئ وليد النصف، وعاشق المتاعب أنور الحساوي، ومايسترو المسيرة الدكتور هلال الساير..

ويأتي الاعجاب الطاغي من حجم قناعة المجموعة وعمقها، وما يصاحبها من همة وإصرار على التواصل في المسار المجهول، فالمسار لن يتوقف، والمنبع لن يجف، وتأتي سعادة هذه المجموعة من رضا زوار الحيرة ومن بعث الأمل لدى المحتاجين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى