رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم: استفزازات إيران تجاوزت الخليج وامتدت إلى الغرب في عقر داره

تهاونُ‭ ‬الغربِ‭ ‬معَ‭ ‬أنشطةِ‭ ‬إيران‭ ‬المزعزعةِ‭ ‬للأمنِ‭ ‬في‭ ‬المنطقةِ‭ ‬سنواتٍ‭ ‬طويلة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬شجعَها‭ ‬لكي‭ (‬تتفرعن‭) ‬وتقومَ‭ ‬بأعمالٍ‭ ‬استفزازيَّةٍ‭ ‬أكثر،‭ ‬ليس‭ ‬ضد‭ ‬دولِ‭ ‬الخليج‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬تقومُ‭ ‬بأعمالٍ‭ ‬استفزازيَّةٍ‭ ‬للدولِ‭ ‬الغربيَّةِ‭ ‬أيضاً،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬استفزازاتٌ‭ ‬عسكريَّةٌ‭ ‬ضد‭ ‬أمريكا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬واليونان‭ ‬وبلجيكا‭ ‬ودولٍ‭ ‬أوروبيَّةٍ‭ ‬أخرى،‭ ‬فمنذ‭ ‬أسبوعٍ‭ ‬تقريباً‭ ‬تحرشَ‭ ‬زورقٌ‭ ‬تابعٌ‭ ‬للحرسِ‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬بسفنٍ‭ ‬عسكريَّةٍ‭ ‬أمريكيَّة‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج،‭ ‬واقترب‭ ‬الزورقُ‭ ‬الإيراني‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬السفنِ‭ ‬الأمريكيَّةِ‭ ‬بوضعٍ‭ ‬يهددُ‭ ‬بالخطر،‭ ‬ولكن‭ ‬السفن‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬إزاء‭ ‬ذلك‭ ‬الخطرِ‭ ‬الداهم‭ ‬سوى‭ ‬إطلاقِ‭ ‬نار‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬وبعدها‭ ‬غادرَ‭ ‬الزورقُ‭ ‬الإيراني‭ ‬مسارَ‭ ‬السفنِ‭ ‬الأمريكية‭!‬

مثال‭ ‬آخر‭.. ‬اليونان‭ ‬احتجزت‭ ‬سفينةَ‭ ‬شحنٍ‭ ‬نفطيَّةٍ‭ ‬إيرانية‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬موانئها‭ ‬عملاً‭ ‬بتنفيذِ‭ ‬العقوباتِ‭ ‬الاقتصاديَّةِ‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬سوى‭ ‬احتجاز‭ ‬سفينتين‭ ‬يونانيتين‭ ‬أثناء‭ ‬عبورهما‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج،‭ ‬وفي‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬أفرجت‭ ‬اليونانُ‭ ‬عن‭ ‬سفينةِ‭ ‬النفطِ‭ ‬الإيرانية‭ ‬عبر‭ ‬حكمٍ‭ ‬قضائي،‭ ‬وقد‭ ‬يتمُّ‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭ ‬إفراجُ‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬السفنِ‭ ‬اليونانية‭.‬

مثالٌ‭ ‬ثالث‭: ‬كانت‭ ‬إيرانُ‭ ‬تحتجزُ‭ ‬مواطنين‭ ‬بريطانيين‭ ‬من‭ ‬أصولٍ‭ ‬إيرانية‭ ‬منذ‭ ‬فترةٍ‭ ‬طويلة،‭ ‬وكانت‭ ‬بريطانيا‭ ‬تطالبُ‭ ‬بالإفراجِ‭ ‬عنهم‭.. ‬ولكن‭ ‬إيران‭ ‬كانت‭ ‬ترفضُ‭ ‬ذلك،‭ ‬بحجة‭ ‬أنهم‭ (‬جواسيس‭)!! ‬ولم‭ ‬تفرج‭ ‬عنهم‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أفرجت‭ (‬حكومةُ‭ ‬جونسون‭) ‬عن‭ ‬أموالٍ‭ ‬إيرانيَّةٍ‭ ‬مجمدة‭ ‬بالملايين‭ ‬لصالح‭ ‬طهران‭!!‬

مثالٌ‭ ‬رابع‭: ‬قضت‭ ‬محكمةٌ‭ ‬في‭ ‬بلجيكا‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬فبراير‭ ‬2021‭ ‬بسجن‭ ‬دبلوماسي‭ ‬إيراني‭ ‬يدعى‭ (‬أسد‭ ‬الله‭ ‬أسدي‭) ‬بالسجن‭ ‬20‭ ‬عاماً‭ ‬بعدما‭ ‬أُدين‭ ‬في‭ ‬تهمٍ‭ ‬تتعلقُ‭ ‬بالإرهابِ‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تخطيطه‭ ‬لهجومٍ‭ ‬قرب‭ ‬باريس‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يستهدفَ‭ ‬الهجومُ‭ ‬التجمعَ‭ ‬السنوي‭ (‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للمقاومة‭ ‬الإيرانية‭)‬،‭ ‬وأتاحت‭ ‬المعلوماتُ‭ ‬التي‭ ‬زودتها‭ ‬عدةُ‭ ‬أجهزة‭ ‬استخبارات‭ ‬أوروبية‭ ‬لبلجيكا‭ ‬إحباط‭ ‬الهجوم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اعترضت‭ ‬السيارةُ‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنقل‭ ‬المتفجرات،‭ ‬وتوصلت‭ ‬تحقيقات‭ ‬في‭ ‬المخطط‭ ‬استمرت‭ ‬سنتين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ (‬أسدي‭) ‬كان‭ ‬عميلاً‭ ‬إيرانيًّا‭ ‬يعملُ‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬دبلوماسي‭.‬

ويوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬البلجيكي‭ (‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تحتجز‭ ‬مواطناً‭ ‬بلجيكياً‭ ‬منذ‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬بتهمة‭ (‬التجسس‭)!! ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تدرس‭ ‬فيه‭ (‬بروكسل‭) ‬معاهدةً‭ ‬مثيرةً‭ ‬للجدلِ‭ ‬لتبادل‭ ‬السجناء‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬وبعض‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يضغطون‭ ‬على‭ ‬بلجيكا‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدةِ‭ ‬المقترحة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توقيعها‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬والقصد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدةِ‭ ‬هو‭ ‬إفراجُ‭ ‬بلجيكا‭ ‬عن‭ ‬الإرهابي‭ ‬الإيراني‭ (‬أسدي‭) ‬وتسليمه‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬مقابل‭ ‬إفراج‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭ ‬البلجيكي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعملُ‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإغاثة‭ ‬والبالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬41‭ ‬عاماً،‭ ‬أي‭ ‬عقد‭ ‬صفقة‭ ‬تبادل‭ ‬سجناء‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

ورجحت‭ ‬مصادرُ‭ ‬لوكالة‭ (‬فرانس‭ ‬برس‭) ‬بالأمس‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬توقيف‭ ‬العامل‭ ‬البلجيكي‭ ‬في‭ ‬إيران‭ (‬استمرار‭ ‬لسلوك‭ ‬طهران‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬اعتقال‭ ‬الرعايا‭ ‬الأجانب‭ ‬وأخذهم‭ ‬كرهائن‭ ‬لمبادلتهم‭ ‬مع‭ ‬إيرانيين‭ ‬مسجونين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬غربية‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬المعتقلين‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬القيادي‭ ‬الإيراني‭ ‬السويدي‭ (‬أحمد‭ ‬رضا‭ ‬جلالي‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬مدرساً‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بروكسل،‭ ‬واتهمته‭ ‬إيران‭ ‬أيضاً‭ (‬بالتجسس‭) ‬وحكمت‭ ‬عليه‭ ‬بالإعدام‭!‬

ومن‭ ‬اللافتِ‭ ‬في‭ ‬موضوعِ‭ ‬الاعتقالاتِ‭ ‬الإيرانيَّةِ‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬تضغطُ‭ ‬على‭ ‬بلجيكا‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬قانون‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬تبحثُ‭ ‬بشكلٍ‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬عن‭ ‬عقد‭ ‬صفقات‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬لتبادل‭ ‬السجناء،‭ ‬وبموجبه‭ ‬تفرج‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬مواطنين‭ ‬أمريكيين‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إيرانية،‭ ‬مقابل‭ ‬أن‭ ‬تفرج‭ (‬واشنطن‭) ‬عن‭ ‬إيرانيين‭ ‬صادرة‭ ‬بحقهم‭ ‬أحكاماً‭ ‬بالسجن‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭! ‬وقد‭ ‬عبَّر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬أكثر‭ ‬منذ‭ ‬يومين‭ ‬المبعوث‭ ‬الأمريكي‭ ‬الخاص‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ (‬روبرت‭ ‬مالي‭) ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬متوازٍ‭ ‬لتأمين‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬أمريكيين‭ ‬معتقلين‭ ‬في‭ ‬إيران‭.. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬لأنها‭ ‬تأخذ‭ ‬من‭ ‬تفكيرنا‭ ‬الكثير‭ ‬كل‭ ‬يوم‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬آخر‭ ‬نقلت‭ ‬وكالة‭ (‬رويترز‭) ‬عن‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬بيني‭ ‬جانتس‭) ‬أن‭ ‬السفنَ‭ ‬الحربيَّةَ‭ ‬الإيرانيَّةَ‭ ‬قامت‭ ‬بدوريات‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وأن‭ ‬صوراً‭ ‬بالأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬4‭ ‬سفن‭ ‬حربية‭ ‬إيرانية‭ ‬تقوم‭ ‬بدوريات‭ ‬هناك‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬المباحثات‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬حول‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬فهو‭ ‬الآخر‭ ‬يسير‭ ‬لصالح‭ ‬إيران،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ (‬روبرت‭ ‬مالي‭): ‬‮«‬أضافوا‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬مطالب‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي‭.. ‬أمورا‭ ‬كانوا‭ ‬يريدونها‭ ‬في‭ ‬الماضي‮»‬،‭ ‬شملت‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬ما‭ ‬قالت‭ ‬أمريكا‭ ‬والأوروبيون‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬مفاوضات‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭! ‬وقال‭ ‬روبرت‭ ‬مالي‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إيران‭ ‬تقترب‭ ‬بكثير‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الانشطارية‭ ‬لتصنيع‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‮»‬،‭ ‬وذكرت‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أسابيع‭.‬

إذن‭ ‬إيرانُ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تعبث‭ ‬بأمنِ‭ ‬دولِ‭ ‬الخليجِ‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬فقط‭.. ‬إنها‭ ‬الآن‭ ‬تعبثُ‭ ‬بأمنِ‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬واليونان‭ ‬وبلجيكا‭ ‬مثلما‭ ‬عبثت‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬بكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬حين‭ ‬احتجزت‭ ‬سفناً‭ ‬تابعة‭ ‬لكوريا‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬مقابل‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬أرصدة‭ ‬مالية‭ ‬إيرانية‭ ‬مجمدة‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭!!‬

الغربُ‭ ‬لم‭ ‬يكترث‭ ‬بأصواتِ‭ ‬دولِ‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬تطالبُ‭ ‬بلجمِ‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬التدخلاتِ‭ ‬والعبثِ‭ ‬بأمنِ‭ ‬المنطقة‭.. ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تُصبح‭ ‬هي‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إيران‭ ‬للعبث‭ ‬بأمنهم،‭ ‬بل‭ ‬والسخرية‭ ‬من‭ ‬الأحكامِ‭ ‬القضائيةِ‭ ‬الأوروبية‭ ‬والأمريكية‭ ‬والبريطانية‭ ‬والبلجيكية‭ ‬التي‭ ‬تصدرُ‭ ‬بحق‭ ‬إرهابيين‭ ‬إيرانيين‭ ‬مسجونين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭!! ‬وبذلك‭ ‬يفلتُ‭ ‬الإرهابيون‭ ‬من‭ ‬العقاب‭!!.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى