أحمد الدواس : الكويت لاتعرف صديقها من عدوها
تمر ذكرى الغزو والاحتلال العراقي لبلدي الكويت، هي ذكريات مؤلمة دون شك، فما أصعب ان يخذلك الصديق، أو يطعنك من الخلف وأنت الكريم والصاحب الوفي.
لا أتحدث هنا عن الإخوة العراقيين، بل عن العرب الآخرين، الذين أحسنت اليهم الكويت فانقلبوا فجأة ضدها، وقابلوها بالغدر والخيانة، وإذا تكلمنا بشكل محايد من دون انفعال، نقول ان بعض الفلسطينيين والأردنيين عاشوا وعملوا في الكويت بأمان قبل الاحتلال العراقي، وكانوا ناقمين على صدام لأنه تسبب بقطع أرزاقهم، لكن الكثيرين منهم كان مؤيدا له، مع ان الكويت ساعدتهم طوال 70 عاما، ومازالت.
الكويت لا تعرف صديقها من عدوها، فيؤخذ عن رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد” فتحي بن لزرق، أنه قال في وقت ما:” أنجزت الكويت في اليمن وخلال عام أكثر من 200 مشروع، ولم ترافق هذا العطاء كاميرا الصحافة، الكويت تُعمر اليمن بصمت وتمضي بصمت، فلها من اليمن وأهلها كل شكر وتقدير”.
نقول لفتحي لا تشكرونا، نحن الكويتيين مستاؤون من مساعدة بلدنا لليمن، هذا البلد الذي وقف مع المحتل العراقي ضد الشرعية الكويتية.
ورغم جروح الكويت إلا أنها تدافع عمن ظلمها في المحافل العربية والدولية، فمن المؤسف وقوف رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في اجتماعات المؤتمر البرلماني الدولي مطالبا بطرد المندوب الإسرائيلي من المؤتمر، وهذا دأبه دائما، فيما نسي ان من يسكن الضفة الغربية وغزة خانوا الكويت، وتُنشئ مجلساً للتعاون الكويتي التونسي، مع ان هؤلاء جميعهم تخلوا عنها وقت الاحتلال وجحدوا فضلها.
نعم لتكن لغة كراهية التي ننطق بها، فهذا حقنا، فما تعرضنا له ضربة قاسية في الفؤاد والوجدان، وكانت قلوبنا تتقطع لضياع الوطن.
ولم يكتف بلدنا بذلك، بل أقام علاقات ديبلوماسية مع كوبا، التي رفضت الوقوف الى جانب الكويت في محنتها أثناء الاحتلال، وتركنا دولا مثل هندوراس والإكوادور، اللتين وقفتا معه وأيدتا حقه الشرعي في وطنه.
الكويت قدمت كثيرا من المساعدات للأردن، لكن الأردنيين نسوا هذه المساعدات، وأقاموا مهرجانا في ديسمبر 2021 وصفوه بمهرجان الشهيد صدام، فيما أطلقنا اسم الأردن على شارع ملاصق لمنطقة الرابية، ولما كنا صغارا كنا ندفع ضريبة للجزائر عند دخول السينما وبعد استقلالها أصبحنا ندفعها لصالح الفلسطينيين، ومع هذا فقد اتخذ رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر عباس مدني موقفا أكثر شدة وضراوة من موقف المحتلين أنفسهم، فقد وعد الاحتلال العراقي بتجهيز مليون مقاتل ليقاتلوا معه للاحتفاظ بالكويت.
ويذكر بعض أعضاء الوفد الشعبي الذي زار الجزائر أثناء الاحتلال ضراوة الحرب التي شنها مدني وحزبه ضد الوفد الكويتي لطرده من الجزائر، كذلك كان موقف موريتانيا كان مخزيا أثناء الاحتلال، وصنفت ضمن دول الضد.
إن من يحتاج المعونة حقا هم إخواننا السوريون، فقد وقفت معنا سورية وقت المحنة والعوز وذل الغربة، وفتحوا أبواب منازلهم لنا، والأمر ينطبق على اللبنانيين، وباقي العرب.
رب قائل: “سامح يا أخي”، ونقول له ان ما حدث لنا يتعلق بمصير دولة وشعبها، وما تعرضنا له ضربة قاسية في الفؤاد والوجدان، فالاحتلال ترك عواقب وآثارا مأسوية في النفوس، فقد أضاع ثقة المواطنين بالمستقبل، وحطم معنوياتهم، وكان سببا في نشرالفساد في البلد، فتدهورت الأخلاق وكثرت الجرائم بأشكالها المتنوعة، بينما كانت الكويت رائدة في كل شيء قبل الاحتلال البغيض.
هيا يا حكومتـنا تبرعي للخونة ناكري المعروف، وبالطبع لن يكون مليون دولار، بل قد يكون المبلغ مئة مليون دولار، أو أكثر تـُستـنزف من أموال الكويتيين، بينما تتباكى الحكومة على عجز الميزانية، واحتمال صعوبة دفع المعاشات.
يا حكومة ألا تعرفين صديقك من عدوك؟
ان الشعب الكويتي بأكمله مستاء من أدائك، ومعظم الكويتيين في ضائقة معيشية، والأقربون أولى بالمعروف، فلا تهدري أموال البلاد لمصلحة الخونـة وناكري الجميل، نعم لنقدم المساعدة البسيطة لهم، لكن لا نستميت دفاعا عنهم، وإن سقطت الكويت ثانية فلن يتذكروا معروفها وفضلها.
أعلم أني سأتلقى الشتائم من هؤلاء الجاحدين لفضل الكويت، فهذه أخلاقهم.