د. احمد بن سالم باتميرا: عمان والسعودية…والمنافع المشتركة
حين يتوجه وفد تجاري رفيع المستوى برئاسة وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قيس بن محمد اليوسف يضم مجلس رجال الأعمال العماني، ورئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان، وعددا من رجالات القطاع الخاص والمستثمرين العمانيين إلى المملكة العربية السعودية فإن هذه الزيارة لا شك ذات أهمية يعوّل عليها، فهي تهدف لتعزيز العلاقات بين البلدين، وتعميق استفادة الاقتصاد العماني من التجربة السعودية في التطور التنموي وتنويع الموارد الاقتصادية.
تأتي أهمية هذه الزيارة في ضوء الأرقام والحقائق الجوهرية التي تؤكد زيادة التبادل التجاري بين البلدين بعد فتح المنفذ الحدودي بينهما مباشرة، وهناك مؤشرات إيجابية تؤكدها اللقاءات والزيارات المستمرة بين المسؤولين في البلدين الشقيقين، والحراك الديبلوماسي لسفيري البلدين.
فالاقتصاد القوي يعتمد على الحراك والزيارات بين الجانبين لاستكشاف فرص متبادلة تسهم في التطور التجاري، وهذا ما يعمل عليه وزير التجارة والصناعة، وترويج الاستثمار عبر زيارته الخارجية، وسعيه لنسج علاقات تعاون بناء ومثمر مع الدول ذات الاقتصادات المتقدمة، إقليميا او اوروبيا او اسيويا.
ومن هنا نرى أن زيارة الوفد التجاري العماني للسعودية تأتي في هذا الإطار الثنائي الخليجي، ومباحثاته مع نظرائه في المملكة من الزيارات المهمة، لأنها تهدف إلى تعميق العلاقات القوية القائمة على مبدأ الشراكة الحقيقية عبر ربط الموانئ بشبكة متواصلة من الناقلات البرية او السفن البحرية وتحقيق تطلعات قيادتي البلدين في الاستفادة من المنافع والعوائد الاقتصادية المشتركة بين الطرفين لا سيما أن رؤيتي البلدين متقاربتان ومنسجمتان في الطموحات والتطلعات ويمكن ربطهما في مجالات عدة التجارية والصناعية، والغذائية، والبحرية، واللوجستية، وغير ذلك من الجوانب التي تحتاج الى التطوير والاتفاق عليها!
ولعل زيارة السلطان هيثم بن طارق الرياض، وكذلك زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسقط، وضعت اللبنة الحقيقية لتفعيل النهج الشفاف في التعاون بين البلدين، والذي انطلق من المفهوم الحقيقي لمعنى التعاون الثنائي البناء والشراكة الحقيقية دون ضرر أو ضرار، ما يحقق الاستفادة المشتركة للجانبين.
ولهذا، فإن هذه الأجواء والمنطلقات الإيجابية لا شك مهيئة للشراكة الحقيقية، فالامر متروك لرجال الأعمال والقطاع الخاص في البلدين، خصوصا مجلس رجال الأعمال العماني – السعودي لتحويل القرارات والتوصيات أفعالا ونتائج على أرض الواقع، فالقطاع الخاص هو المحرك لتعميق الروابط التجارية والاقتصادية مع السعودية.
وحقيقة إن علاقات التعاون الاقتصادي تحتاج إلى كثير من العمل في بناء العلاقات الشفافة المتبادلة ليكون النجاح والمردود أكبر، وعلى النحو الذي يحرص فيه الطرفان على تحقيق شراكة حقيقية ناجحة، وتعظيم الاستفادة المشتركة لكون البلدين يتمتعان بالكثير من الصفات والمساحات والمقومات ولقربهما من دول وقارات مستهلكة، وفي حاجة ماسة للصناعات الممتازة ذات الجودة العالية.
ومن هنا نقول إن زيارة الوفـد التجـاري المملكة العربيـة السعـودية، نحـن أمـام مرحلة سوف تفتح آفاقا واسـعة للتـعاون بين البلـدين الشقيقين في المجالات التجارية وجذب الاستثمارات، وهو النهج الذي توليه سلطنة عمان في العهد الجديد اهتماما كبيرا عبر تعميق الشراكات الخارجية مع القوى الاقتصادية، ولهذا فإن وجود اعضاء مجلس رجال الأعمال العماني أمر مرحب به للاستفادة من نجاح التجربة السعودية.
وللحقيقة والتاريخ أيضا، يمكنني القول إن ما تشهده العلاقات العمانية – السعودية من نشاط وحراك على كل المستويات يجعلنا نتفاءل بأن هذه الشراكة ستثمر الكثير من النتائج والايجابيات، اذا اتفقنا على الكثير من النقاط ،وابتعدنا عن المعوقات والاشتراطات والتعقيدات التي لا تخدم شعبي البلدين ورجال الأعمال والمستثمرين.
فالظروف الحالية تتطلب من دول “مجلس التعاون” الخليجي توسيع علاقاتهما على كل المستويات، والاستفادة من المخرجات والكفاءات الوطنية، في تبادل المعرفة والتكنولوجيا وبناء مصانع مشتركة بينهما.
على ضوء ذلك ندرك أهمية زيارة الوزير والوفد المرافق له للمملكة في تحقيق الأهداف والتكامل الستراتيجي في القطاعات التي تعد عصب الحياة للفرد والمجتمع، ودراسة كل ما تحقق خلال الفترة الماضية والمعوقات التي حالت دون تحقيق بعضها، وأقترح تشكيل لجنة مصغرة لتفعيل العمل المشترك بين الوزارتين، التي ستعمل على تذليل الصعاب وتطوير العملية التجارية، لكون ارتباطات الوزراء كثيرة سعيا للتوصل إلى حلول واقعية وستراتيجية، مما يتطلب المتابعة المستمرة لتحقيق الأهداف المرجوة في القريب العاجل… والله من وراء القصد.