بيت العرب.. السعودية محور رئيسي في السياسات الإقليمية والدولية
أشاد خبراء ودبلوماسيون بنجاح السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية في بناء علاقات واسعة ومتوازنة إقليمياً ودولياً، مما جعلها تشارك بفاعلية وإيجابية في صناعة القرار العالمي، مؤكدين أن المملكة باتت تمثل محوراً رئيسياً في معادلات السياسة الإقليمية والدولية. وأكد الخبراء والدبلوماسيون لـ«الاتحاد»، أن تحركات الدبلوماسية السعودية النشطة والفاعلة عززت المكانة الإقليمية والدولية للمملكة، الأمر الذي جعلها تقود أكبر مجموعة دولية ممثلة في «مجموعة العشرين»، مما يؤكد مدى الثقل الإقليمي والتأثير الدولي للمملكة العربية السعودية.
أوضح السفير السيد شلبي، مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، والمدير التنفيذي الأسبق للمجلس المصري للشؤون الخارجية، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن المملكة العربية السعودية ارتبطت على مدى العقود التسعة الماضية بسياسة خارجية نشطة وعلاقات إقليمية ودولية متوازنة، الأمر الذي يظهر جلياً في شبكة العلاقات الدبلوماسية التي تقيمها المملكة مع مختلف دول العالم، مؤكداً أن الدبلوماسية السعودية «محل تقدير» من قبل مختلف القوى الإقليمية والعالمية ومنظمات وهيئات المجتمع الدولي.
وتُعد السعودية أكثر دولة عربية لديها بعثات دبلوماسية في الخارج بـ183 بعثة حول العالم، وبحسب تصنيف المواقع المعنية بالشؤون الدبلوماسية، جاءت المملكة في المركز الـ30 عالمياً من ناحية البعثات الدبلوماسية في الخارج.
وتضم البعثات الدبلوماسية السعودية في الخارج 158 سفارة، و18 قنصلية، و6 وفود، ومكتباً تجارياً، وتتصدر أفريقيا عدد السفارات السعودية بـ49 سفارة، ثم أوروبا بـ43، ثم آسيا بـ37، ثم أميركا الشمالية والجنوبية بـ24، وأخيراً قارة أستراليا بـ5 سفارات.
وأشار مساعد وزير الخارجية المصري إلى اهتمام غالبية دول العالم بإقامة علاقات كاملة وشاملة مع المملكة العربية السعودية، الأمر الذي قابلته السعودية بمزيد من الاهتمام عبر تحركات دبلوماسية نشطة وسياسة خارجية فاعلة ومتوازنة، مما عزز المكانة الإقليمية والدولية للمملكة، ولعل رئاسة السعودية لقمة مجموعة العشرين تؤكد مدى الثقل الإقليمي والتأثير الدولي للمملكة.
وفي الأول من ديسمبر عام 2019، تسلمت المملكة العربية السعودية، في سابقة تاريخية، رئاسة مجموعة العشرين، وأصبحت أول دولة في المنطقة العربية تقود أكبر مجموعة دولية تشكل دولها 75% من حجم التجارة العالمية، و80% من الناتج الاقتصادي العالمي.
وترأست السعودية في مارس من عام 2020 قمة استثنائية افتراضية لقادة مجموعة العشرين لتنسيق الجهود الدولية في مجال مكافحة جائحة «كورونا»، والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي، وتعهدت القمة الاستثنائية بضخ 5 تريليونات دولار لمواجهة تداعيات أزمة «كورونا».
وشدد السفير السيد شلبي على حيوية وأهمية الدور الذي تلعبه الدبلوماسية السعودية في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما ظهر بشكل واضح خلال رئاسة السعودية لمجموعة العشرين التي قدمت العديد من المساهمات التنموية والمبادرات الإنسانية لصالح الدول المتضررة من جائحة «كورونا».
دور حيوي
أشار الدبلوماسي الفلسطيني، بركات الفرا، سفير فلسطين لدى القاهرة سابقاً، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إلى الدور الريادي والحيوي الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في دعم جهود المجتمع الدولي ومعالجة مختلف القضايا الإقليمية والدولية عبر عضويتها الفاعلة والإيجابية في هيئة الأمم المتحدة، مؤكداً أن المملكة منذ توقيعها على ميثاق المنظمة الدولية في عام 1945 تحرص على إنجاح الجهود الأممية لإحلال الأمن والسلام سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، معتمدة على ثقلها السياسي، وقوتها الاقتصادية، ودورها الحيوي.
وكانت المملكة العربية السعودية ضمن 51 دولة وقعت على ميثاق الأمم المتحدة، وقد مثلها وزير خارجيتها آنذاك، الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وتعهدت المملكة بالعمل على دعم المنظمة ووكالاتها المتخصصة، وقد حصلت على عضوية عدة منظمات ولجان في الأمم المتحدة، منها: منظمة التجارة الدولية، والرابطة الدولية للمندوبين الدائمين، ولجنة التراث الثقافي غير المادي في منظمة «اليونسكو»، وغيرها.
وأكد الدبلوماسي الفلسطيني أن المملكة العربية السعودية باتت تمثل محوراً رئيسياً في معادلات السياسة الدولية، لا سيما بعدما نجحت على مدى العقود الماضية في بناء علاقات متوازنة إقليمياً ودولياً، مما جعلها تشارك بفاعلية وإيجابية في صناعة القرار العالمي.
دعم الأصدقاء
الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد لـ«الاتحاد»، أن السياسة الخارجية السعودية ترتكز على أسس ومبادئ عدة ثابتة وراسخة لعل أبرزها التحرك النشط في مجالات مواجهة الأزمات والتحديات الجسيمة التي يشهدها العالم، والعمل على دعم السلم والأمن على المستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز أوجه التعاون مع مختلف دول العالم، فضلاً عن الحرص على دعم الدول الشقيقة والصديقة في أوقات الشدة والمحن، وغيرها من المرتكزات التي أكسبت المملكة العربية السعودية مكانة سياسية ودبلوماسية مرموقة إقليمياً ودولياً.
وتحرص المملكة العربية السعودية على تقديم مختلف أوجه الدعم للدول الصديقة والشقيقة التي تعاني أزمات اقتصادية أو إنسانية، وعلى سبيل المثال ـ لا الحصر ـ وصل عدد المشروعات الإنسانية التي أقامها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه في مايو 2015 حتى أغسطس 2020 إلى 1350 مشروعاً إنسانياً في 53 دولة حول العالم، وجاء في مقدمة الدول المستفيدة اليمن، تليها فلسطين، ثم سوريا، وبعدها الصومال.
وفيما يتعلق بأزمة أقلية الروهينجا، بلغت قيمة المساعدات السعودية المخصصة للنازحين الروهينجا ما يقارب 88 مليون دولار لتنفيذ 27 مشروعاً إغاثياً، منها 17 مشروعاً نُفذت من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بمبلغ يزيد على 18 مليون دولار أميركي خلال الفترة بين عامي 2016 و2020.
وأكد الدكتور غباشي أن تعزيز التضامن الخليجي يتصدر مرتكزات وأولويات السياسة الخارجية السعودية، ومن هذا المنطلق تحرص السعودية على التوسع في إنشاء مجالس التنسيق لتطوير التعاون مع أشقائها في دول الخليج، مثل مجلس التنسيق الإماراتي ـ السعودي، ومجلس التنسيق السعودي ـ الكويتي، ومجلس التنسيق السعودي ـ العُماني، وغيرها من المبادرات التي تخدم وحدة الصف الخليجي وتحقق أهداف مجلس التعاون الخليجي الذي تحرص السعودية على نجاح تجربته الرائدة منذ أن تأسس في الخامس والعشرين من مايو عام 1981.
علاقات واسعة
كانت المملكة العربية السعودية استضافت في عام 2021 قمتين خليجيتين، الأولي في 5 يناير 2021، وهي القمة الخليجية الـ41 التي عُقدت في مدينة العلا، والثانية في 14 ديسمبر2021، وهي القمة الخليجية الـ42 التي عُقدت في مدينة الرياض، وقد رسمت خريطة طريق شاملة لتحقيق التكامل، وتوحيد صف دول مجلس التعاون الخليجي. وقبل انعقاد القمة الخليجية الـ42، وتحديداً في 22 نوفمبر 2021، افتُتح مقر القيادة العسكرية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي بمدينة الرياض بهدف تعزيز التكامل الدفاعي والأمن الجماعي المشترك بين دول المجلس.
تعزيز الترابط
تحرص المملكة على دعم العمل العربي، وتعزيز أواصر الترابط بين الدول العربية عبر العديد من المبادرات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، ومن هذا المنطلق جاء إعلان السعودية في مطلع عام 2020 عن تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ويضم المجلس دول: السعودية، والأردن، ومصر، والسودان، وجيبوتي، والصومال، واليمن.
خطط استراتيجية
أوضح اللواء الدكتور أنور ماجد عشقى، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية في جدة، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن السعودية واجهت الإرهاب بخطط استراتيجية، وعلى مراحل عدة: المرحلة الأولى تتمثل في الدفاع الإيجابي عن طريق المواجهة بمنعه من تحقيق أهدافه، وتقديم أفراده للعدالة، والمرحلة الثانية تتمثل في الضربة الاستباقية عن طريق إحباط مخططاته، والمرحلة الثالثة تتمثل في تقديم العون للدول الصديقة والشقيقة.
واستضافت السعودية في فبراير 2005 المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي شارك فيه أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، فضلاً عن ممثلين لعددٍ كبير من المنظمات الدولية والإقليمية، وبذلت المملكة جهداً متميزاً لإنجاح هذا المؤتمر الدولي، إيماناً منها بأنه يمثل عزم الأسرة الدولية للقضاء على الإرهاب، وأن القضاء على الإرهاب لن يتم إلا بتعاون دولي في استئصال جذوره ومعالجة أسبابه.
*الاتحاد الاماراتيه