محمد يوسف : طريق فرعون
إلى أين هم ذاهبون؟
النار بين أيديهم، يتلاعبون بها، وكأنهم مصرون على أخذ العالم كله معهم، يريدون أن يحولوا الأرض إلى جحيم، إصرار عجيب من الذين يفترض أنهم عقلاء، ولكن عقولهم مُنحت إجازة قسرية!
بئساً للسياسة عندما تحرق أوراقها بنفسها.
وبئساً لغاز الشمال وخطوط إمداده، عندما يكون سبباً في دمار مثل هذا الدمار الذي نتابع تطوراته كل يوم، في روسيا وأوكرانيا.
وبئساً للغرور، عندما يركب نفوساً قد ضاقت بالآخرين، وظنت كما ظن «نيرون»، من قبل مئات السنين، أنه الدنيا ومَنْ فيها، وأنه إذا رحل، يجب أن يرحل كل البشر، ذلك الذي قال «أنا ومن بعدي الطوفان»، فذهب إلى حيث المستقر، ولم يأتِ الطوفان، ليموت مع غروره!
هذا بلاء، شبيه بما سبقه على مر العصور، فهذه الأرض ما زالت عامرة، والتاريخ ما زال يلعن كل الذين أحرقوا البلدان والحواضر، ومزقوا الأمم وشتتوا الناس، الإسكندر الذي دُفن في رمال الهند والسند، بعد أن حطم الشرق في زحفه، وجنكيز خان وحفيده هولاكو، اللذين داسا العالم المتحضر بثقافاته وعلومه، وهتلر صاحب الدم النقي، الذي لم تسِلْ منه قطرة لحظة انتحاره، وموسوليني بشعره المستعار وعباءة النساء، الذي عُلّق في المشنقة جزاء من قتل وشرد، و«قلب الأسد»، الذي عاد إلى بلاده وهو يجر خيبة الهزيمة، وموت أحلامه في فلسطين!
صفحات سوداء، رسمتها أوهام القوة والسلطة المطلقة، في تلك الأيام، وفي هذه الأيام، لا تقود إلى مجد، ولا تُعزّ أقواماً يتحدثون باسمها، بل تأخذ كل الذين يسيئون استخدام السلاح وأدوات الدمار، نحو هاوية لا قرار لها، فالحروب ليست لعبة يتسلى بها الكبار، إنها محرقة يشعلها من أصيب بتضخم الذات، وظن أنه الأعلى، كما ظن فرعون من قبل!