عبدالمنعم ابراهيم :(جائزة نوبل للسلام) أصبحت جنرالا عسكريا في حلف الناتو!
هستيريا الغرب لشيطنة كل ما هو روسي لم تكن وليدة لحظة اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، ولكنها كانت موجودة في السياسة الغربية بشكل عام منذ سنوات، وأضيف إلى قائمة (الشيطنة الغربية) الصين أيضاً.. لماذا يفعل الغرب ذلك؟.. لكي يروج للثقافة والسياسة والأيديولوجية الغربية على أنها الشكل النموذجي والمضمون (الملائكي) في العالم أجمع في مواجهة النماذج الشيطانية!!
وقد انعكس ذلك بوضوح شديد في السنوات الأخيرة على (جائزة نوبل للسلام) التي أصبحت (مسيسة) بامتياز، ونتائجها وجوائزها تخدم الأجندة الغربية، وتحويلها إلى سلاح غربي آخر لاستخدامها ضد الآخرين المناوئين للثقافة الغربية.. وليس بالضرورة أن يكونوا مناوئين للمجتمع والسكان والمواطنين في الغرب، ولكن جائزة (نوبل للسلام) تحولت حقاً إلى أداة سياسية تخدم نظام القطب الواحد.. النظام الغربي فقط الذي يحكم العالم حالياً!! وقد عكس ذلك بوضوح منذ أيام قليلة حين منحت لجنة الجائزة في أوسلو النرويجية (جائزة نوبل للسلام) يوم الجمعة الماضي لثلاثة ممثلين عن المجتمع المدني في أوكرانيا وروسيا وبيلاروس، وهي ثلاثة بلدان معنيين في شكل مباشر بالنزاع الأوكراني، ومُنحت المكافأة مناصفة إلى الناشط الحقوقي البيلاروسي (أليس بياليا تسكي) المعارض للرئيس البيلاروسي! ومنظمتي (ميموريال) الروسية المعارضة للرئيس الروسي (بوتين)! ومركز (الحريات المدنية الأوكرانية) الموالية للرئيس الأوكراني (زيلينسكي)!!
ورغم محاولات رئيسة اللجنة النرويجية (بيريت ريس أندرسن) إبعاد الشبهة الانحيازية لجائزة نوبل للسلام وتسييسها لصالح الغرب ضد روسيا وبيلاروسيا، بقولها: (إن اللجنة ترغب من خلال منحها الجائزة للممثلين الثلاثة عن التجمعات المدنية في أوروبا الشرقية تكريم ثلاثة (أبطال) لافتين في الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والتعايش السلمي في البلدان الثلاثة المتجاورة بيلاروس وروسيا وأوكرانيا).. إلا أن رئيسة اللجنة (أندرسن) لا يمكنها أن تحجب بهذه الكلمات المنمقة حقيقة أن اختيارهم لهؤلاء الثلاثة هذا العام يصب في اتجاه ثقافة وسياسة غربية منحازة إلى الحكومة الأوكرانية ورئيسها (زيلينسكي)! ومعادية بشكل واضح ضد الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)!! ومعادية أيضاً للرئيس البيلاروسي (لوكاشنكو)!!
إذن جائزة (نوبل للسلام) في النرويج لم تعد حقاً كما أراد لها مؤسسها العالم (الفريد نوبل) في أن تكون أداة للسلام.. بل انحرفت اللجنة المنظمة للجائزة في السنوات الأخيرة لأن تكون أداة سياسية غربية، مثلها مثل أية (وزارة خارجية) أو وزارة داخلية أو وزارة دفاع! أو جنرال عسكري في (حلف الناتو)!! فقد منحت جائزة نوبل للسلام العام الماضي إلى صحفي معارض للرئيس الروسي (بوتين) وصحفية في الفلبين.. فهل هي صدفة أن يفوز بالجوائز أشخاص معادون لروسيا في عامين متتالين؟!
وفي عام 2008 مُنحت جائزة نوبل للسلام إلى الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) رغم أنه لم يمضي على وجوده في البيت الأبيض 8 أشهر فقط! وقد علقت قناة (سكاي نيوز عربية) منذ يومين على ذلك، بأن الجائزة مُنحت إلى الرئيس الأمريكي (أوباما) عام 2008 ليس لسلام صنعه، ولكن لآمال أن يصنع السلام في العالم.. وبدلاً من أن يصنع الرئيس الأمريكي (أوباما) السلام مثلما تمنى الكثيرون، وجدناه يخطط مع إدارته في (واشنطن) لأكبر جريمة سياسية في الوطن العربي، حيث أشعل ما أسماه بالفوضى الخلاقة في عديد من الدول العربية وروج لما أسماه بـ(ثورات الربيع العربي) في تونس وليبيا ومصر والبحرين واليمن والأردن والمغرب وسوريا ودول عربية أخرى، وقُتل الآلاف من البشر في الأوطان العربية بسبب سياسة (أوباما) الخرقاء عام 2011 متدثراً (بجائزة نوبل للسلام)!!
إذن الغرب لم يبق على أية صفة إنسانية حقيقية لجائزة (نوبل للسلام).. لقد تحولت الجائزة إلى أداة أخرى بيد الحكومات الغربية للترويج لسياساتها المضللة للشعوب، وتقديم الغرب على أنه النموذج المثالي الملائكي!! في مواجهة (النماذج الشيطانية) الرافضة للثقافة الغربية المتفسخة.. كل هذا يحدث لسبب مهم جداً وهو إطالة عمر (القطب الغربي الواحد) في حكم العالم ورفض إقامة عالم (متعدد الأقطاب).