السيـد زهـــره: درس سعودي للإعلام الغربي
أعجبني جدا ما فعله وما قاله وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد قبل أيام في أعقاب قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركائها ضمن تحالف «أوبك بلس» خفض إنتاج النفط.
أعني ما فعله الوزير حين رفض أن يطرح مراسل وكالة «رويترز» عليه أي أسئلة، وما قاله للمراسل تفسيرا لهذا الرفض.
الوزير قال لمراسل رويترز: «دعني أقول لك، لقد أخطأتم، وأخطأتم ثانية. وستخطئون مرة ثالثة لأنكم لم تقوموا بعملكم على الوجه الصحيح». كان يشير إلى تقرير سابق لـ«رويترز» ورد فيه أن السعودية وروسيا اتفقتا في ما بينهما على استراتيجية إنتاج لـ«أوبك» وشركائها تستهدف سعر 100 دولار لبرميل النفط ، وهو أمر غير صحيح اطلاقا.
وقال الوزير للمراسل: «نشرتم أن روسيا تفعل هذا وذاك. والحقيقة أنه في اليوم الذي نشرتم فيه تقريركم لم يتحدث إليّ أحد من روسيا ولا تحدثت إلى أحد في روسيا. ثم كررتم الخبر في تقرير آخر بقصة أخرى، وأن السعودية وروسيا تتفقان على سعر 100 دولار لبرميل النفط وهو أمر ليس صحيحاً».
وانتقد الوزير تلك التغطية التي لا تعتمد على الحقائق من مصادرها، وأضاف: «لقد أمضيت 25 دقيقة مع زميلة لكم من مكتب رويترز في دبي أشرح لها كيف إن السياسة السعودية لا تستهدف سعراً محدداً للنفط. وضاع كل ما قلته سدى، ولا يعجبني ذلك إطلاقاً». وقال إنه بذل كل هذا الجهد في الشرح احتراماً لوكالة «رويترز» ولدور الإعلام، لكن النتيجة أن «رويترز» اختارت أن تنقل عن «مصدر سعودي مجهول»، وأكد: «لن أتحدث إلى رويترز حتى تحترم المصدر الأساس للأخبار عن الحكومة السعودية، وهو وزير الطاقة السعودي».
تعمدت ان أورد ما قاله وزير الطاقة السعودي بالتفصيل لأن له أهمية كبيرة. في الحقيقة، الوزير لقّن وكالة رويترز درسا في أخلاقيات الاعلام والمصداقية المهنية، وكيف يجب ان تكون، وكشف موقفها المرفوض البعيد تماما عن أي مهنية او موضوعية.
لكن ما قاله الوزير تتعدى أهميته هذا الموقف المحدد. الحقيقة أنه بما قاله كشف الأساليب التي يتبعها الاعلام الغربي عموما في تشويه الحقائق والتزييف والتضليل حين يتعلق الأمر بدولنا العربية وما تشهده من تطورات.
بشكل عام، الإعلام الغربي عموما له مواقف معادية للدول العربية، ولديه أجندات سياسية ينفذها. من حق الاعلام الغربي ان يدافع عن دوله ومواقفها وسياساتها. لكن المشكلة أنه حين يفعل هذا وحين يتعامل مع دولنا العربية يتعمد التشويه والتضليل والخداع وتقديم صورة مغلوطة ابعد ما تكون عن الحقيقة، ويلجأ في ذلك الى أساليب كثيرة أصبحت مفضوحة في الحقيقة. في مقدمة هذه الأساليب أن الاعلام الغربي يتعمد استقاء معلوماته من جانب واحد هو في الأغلب الأعم جهات مشبوهة معادية لدولنا، ويتعمد تجاهل أي معلومات أو حقائق رسمية أو غير رسمية أخرى.
المثال الأبرز على هذا بالنسبة لنا في البحرين مثلا ما شهدناه طوال السنوات الماضية. أجهزة الاعلام الغربية، وأيضا المنظمات التي تحمل أسماء حقوق الانسان والديمقراطية، حين تتحدث عن حقوق الانسان في البحرين أو ما تشهده من تطورات سياسية على هذا الصعيد تتعمد الاستناد فقط الى ما تقدمه الجهات المشبوهة المقيمة في الخارج، وتتجاهل تماما أي تقارير او معلومات رسمية موثوقة.
من أكبر أساليب الاعلام الغربي أيضا الاستناد الى مصادر مجهولة ونسبة معلومات ومواقف إليها تكون في الغالب أبعد ما تكون عن الحقيقة.
عادة يستخدم الاعلام الغربي هذا الأسلوب لتمرير أجنداته السياسية التي يريدها والمواقف التي يريد الترويج لها متخفيا وراء هذه المصادر المجهولة.
في الحالة التي تحدث عنها الوزير مثلا، أي ما يتعلق بقرار تخفيض إنتاج النفط والموقف السعودي، من الواضح ان رويترز تريد تسويق الموقف الأمريكي الغربي الذي يزعم أن هناك تنسيقا مع روسيا وتعمدا لاستهداف أمريكا، وهو ما فنده الوزير. رويترز تعمدت اتباع هذه الأساليب المشبوهة التي أشرنا اليها للترويج لهذه الأجندة الأمريكية الغربية.
بالطبع، رغم ما قاله الوزير السعودي وأيا كان ما نقوله، لن يغير الاعلام الغربي مواقفه وأساليبه المشبوهة. لكن على الأقل يجب ان يعلموا وأن يعلم الرأي العام أن ما يفعلون مفضوح وأنه لا هو أخلاقي ولا مهني وأن مصداقيتهم مفقودة.