السيــد زهـــره: إدارة بايدن .. نوايا انتحارية
تحدثت أمس عن حالة التخبط والفوضى والضياع التي تعيشها إدارة الرئيس الأمريكي بايدن في تعاملها مع الأزمة التي افتعلتها مع السعودية في أعقاب قرار أوبك خفض إنتاج النفط.
هذه الأزمة التي افتعلتها أمريكا بما صاحبها من اتهامات أمريكية وحملة إعلامية وسياسية شرسة هي أزمة كاشفة. بمعنى أنها تكشف الكثير عن المستقبل.. مستقبل دور أمريكا في المنطقة وعلاقاتها مع الدول العربية، بل تعد مؤشرا لمستقبل الدور الأمريكي في العالم عموما.
البيان الذي أصدرته الخارجية السعودية تفند فيه الادعاءات الأمريكية بالتفصيل وترد على الاتهامات وتكشف حقيقة الموقف الأمريكي كان نقطة تحول في الأزمة. كما ذكرت أمس بعد البيان بدت الإدارة متخبطة لا تعرف بماذا ترد وماذا تقول.
في خضم هذا التخبط، أدلى مسئولون كبار بتصريحات عجيبة جدا تدين أمريكا في الحقيقة وتكشف تهافت منطقها.
المثال الأبرز على هذا ما قاله مسئول الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي. أصدر بيانا اتهم فيه الخارجية السعودية بتحريف المسار والالتفاف على الحقائق الواضحة. لكن ما هذه الحقائق الواضحة؟
المسئول الأمريكي قال في بيانه: «يحشد العالم نفسه من أجل الوقوف خلف أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، ولقد لعبت الولايات المتحدة دورا محوريا في تشكيل هذا التحالف، ودعت القيادة السعودية إلى الانخراط به».
هو يريد أن يقول كما هو واضح إن السعودية انحازت إلى روسيا بقرار خفض إنتاج النفط وخالفت ما يقول إنه تحالف مع أوكرانيا.
الكلام الذي قاله غريب وينطوي على تزييف ومغالطات وسوء تقدير وفهم.
أولا، ليس صحيحا أن العالم يحتشد كله كما يقول خلف أوكرانيا وضد روسيا. أمريكا وحدها ومعها دول حلف الأطلنطي هي التي تتخذ هذا الموقف، ودول العالم الأخرى موقفها معروف ولم تنضم إلى أي تحالف مزعوم.
وثانيا، من الذي أفهم هذا المسئول الأمريكي أن السعودية، أو أي دولة في العالم، ملزمة بالاستجابة لأي طلب أمريكي بالانضمام إلى تحالف معادٍ لروسيا؟.. من الذي أفهمه أن أمريكا لديها أي حق بفرض موقفها على السعودية أو أي دولة في العالم؟
الأمر الغريب أن إدارة بايدن بحملتها على السعودية وطريقة إدارتها للأزمة التي افتعلتها على النحو الذي أوضحناه كشفت عن غياب أي استراتيجية للمستقبل، وأي رؤية لمستقبل علاقاتها مع الدول العربية ودورها في المنطقة وفي العالم.
هناك أسئلة كثيرة مطروحة تعليقا على الحملة على السعودية، تكشف هذا، ويثيرها حتى بعض المحللين الأمريكيين.
في مقدمة هذ الأسئلة، ماذا تريد إدارة بايدن بالضبط؟.. هل تريد القطيعة الكاملة مع السعودية ودول الخليج العربية؟.. هل تريد إنهاء دور أمريكا في المنطقة؟.. هل هذا يحقق المصلحة الأمريكية؟
ألا تدرك إدارة بايدن أنها حين تعادي السعودية بهذا الشكل السافر فإنها في الوقت نفسه تستعدي كل الدول العربية ضد أمريكا وخصوصا أن هذه الحملة العدائية تقوم على افتراءات وأكاذيب ومنطق استعماري عنصري؟.
أليس من الغريب أن تفعل أمريكا هذا وتتصرف على هذا النحو في وقت يحتدم فيه الصراع العالمي ويشهد العالم تحولا في موازين القوى بين الدول الكبرى لغير صالح أمريكا والغرب، ويتحدث الجميع عن نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب؟
في ظل هذه الظروف يقول المنطق البسيط إن أمريكا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى حلفائها وإلى ترميم العلاقات معهم إن هي أرادت أن تحافظ على مكانة في النظام الدولي في مواجهة القوى العالمية المنافسة.
حقيقة الأمر إن إدارة بايدن بهذه الهستيرية والجنون في إعلانها العداء للسعودية والدول العربية تظهر نوايا انتحارية واضحة.. تبدو كمن يريد أن ينتحر ويضحي بنفسه وبمستقبل دور أمريكا في المنطقة والعالم.