فوزية رشيد : المونديال والدرس الذي على قطر أن تعيه!
كان لافتاً المنطق الذي توجّه به «حسن بن عبدالله الغانم» رئيس مجلس الشورى القطري، في رسالة موجهة إلى «عادل العسومي» رئيس البرلمان العربي، حول تعرّض دولة قطر منذ فوزها باستضافة بطولة كأس العالم في 2010، إلى حملات غير مسبوقة والتدخل في الشؤون الداخلية، متحدثاً في رسالته باسم العرب جميعا! وأن الحملات ذات طابع عنصري وبغيض.. وبنزعة تعالي لا مسوغ لها بمعايير مزدوجة!، وأن من قاد هذه الحملات جهاتٌ تكّن العداء للعالم العربي والإسلامي والخليجي بوجه خاص! وأن تلك الحملات لا تسيء فقط إلى قطر بل إلى العالم العربي والإسلامي بأسره، مستشهداً بقرارات «قمة العلا» ولذلك فهو يطالب «البرلمان العربي» بالاستنكار، وإصدار بيان يدعم قطر باعتباره ممثلاً لإرادة الشعوب العربية! وتاريخ الرسالة 16/11/2022.
{ من يقرأ تلك الرسالة يُصاب بالحيرة! فكل التوصيفات التي أوردها رئيس الشورى القطري، هو بالضبط ما قامت به قطر نفسها تجاه أشقائها وإخوتها في العالمين العربي والإسلامي!، وهو الأمر الذي بسببه اتخذ «التحالف الرباعي» موقف المقاطعة، ثم محاولة الإصلاح في «قمة العلا» ومحاولات أخرى من السعودية ومصر، لرأب الصدع العربي، الذي عملت قطر وإعلامها على إحداث كل أنواع الشروخ فيه! كل ذلك يعرفه الجميع، ويعرف الجميع أيضاً حجم «الحملات التشويهية» والإساءة إلى الأشقاء في الخليج ودول عربية أخرى على رأسها مصر! وحجم التدخل القطري في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والعربية! وأن قطر للأسف ارتضت لنفسها أن تكون «أداة» وذات دور وظيفي (في مشروع «الشرق الأوسط الجديد»)! وأنها جنّدت كل إمكانياتها المالية والإعلامية والتحالفية مع إيران وتركيا أيضاً لخدمة ذلك المشروع، الذي تسبب في المآسي والكوارث للعديد من الدول العربية! بل تمادت في دعم كل العناصر الإرهابية، «الإخوانية والمليشيات الشيعية»، وتبنّت إعلاميا ولوجستيا «المعارضة الطائفية» في البحرين!، وقامت بالكثير مما يضرب (معنى الأخوة) بين الأشقاء العرب، حتى تحوّلت «قناة الجزيرة» كمثال إلى منبر للفبركة والتشويه، والعمل على إسقاط الأنظمة في كل المنطقة العربية، تحت وهم أن قطر ستقوى حين يضعف أشقاؤها وإخوتها في الخليج والمنطقة!
{ اليوم ونحن على مبعدة ساعات من انطلاق «المونديال 2022» الذي رغم كل شيء حظي بدعم عربي لإنجاحه، نستغرب أن قطر تزايد في رسالة «رئيس مجلس الشورى» على الأشقاء والأخوة وعلى «البرلمان العربي»! وكأن من كتب تلك الرسالة قد أدرك للتو أن قطر تحتاج إلى قوة ودعم أشقائها، لمواجهة الحملات المغرضة التي تواجهها من الغرب تحديداً، وهو ذات الغرب الذي تبنّت أجندته لضرب ذات الأشقاء والأخوة!
فهل هو «انفصام سيكولوجي» على مستوى الساسة؟! أم هو إدراك لما لم يدركه بعد «النظام القطري» وهو لم يتخلّى عن ممارساته وعبثه بصورة أشقائه، كلما سنحت له الفرصة، وما أكثر افتعال تلك الفرص!
{ لم يشفع لقطر كل «الدور الوظيفي» الذي قامت به لتنفيذ الأجندة الغربية!
فالغرب العنصري كما وصفه «رئيس مجلس الشورى» القطري وجّه عنصريته تجاه قطر نفسها هذه المرة!
ولم يشفع لقطر سماحها وتنفيذها لكل شروط «الفيفا» سواء بما يخصّ «الشواذ» أو شاراتهم في الملاعب، أو بما يخصّ العديد من القيم والأخلاقيات التي تخلت عنها لإرضاء «الفيفا»!
ولم يشفع لها كل الأموال الطائلة (220 مليار دولار) للتجهيز في البنية التحتية لاستقبال المونديال! وهو أكبر مبلغ تصرفه أو صرفته أية دولة في العالم للاستعداد للمونديال!
{ هل وعت قطر ونظامها الدرس؟! هل ستعي الدرس بعد الانتهاء من استضافة المونديال؟! والدرس هو أن عزّتها وقوتها وحصانتها، هي من عزّة أشقائها وإخوتها في الخليج والمنطقة العربية! وأن «الغرب العنصري» حسب وصف الرسالة، هو ذاته تجاه كل العرب والمسلمين، حتى وإن كان العربي كما فعلت قطر، يخدم أجندته! وأن إضعاف دول المنطقة كما أرادت تلك الأجندة، لم ولن يخدم قوة قطر، لأنه بإضعاف المحيط الخليجي والعربي تضعف هي أكثر مما تتصور!
ورغم كل ذلك فإن الخليج ومصر ودول التحالف العربي ازدادوا قوة وحصانة ووعيا ضد كل المخططات التي للأسف شارك فيها النظام القطري!
{ الدرس الذي يجب أن يعيه النظام القطري أيضاً هو أن لا بديل للأشقاء والأخوة الخليجين والعرب، فهم امتدادها التاريخي والجغرافي والقيمي (من القيم) وبقوتهم تقوى هي، وبضربهم تضعف! والغرب يستخدم أوراقه لتحقيق أجنداته ومطامعه ثم يرميها في سلة المهملات!
نتمنى أن يعي النظام القطري الدرس، ولا حجّة لديه في التباكي على قيم الأخوة، بعد أن ضربها بكل ما يمتلك من وسائل! وفي ذلك الدرس ما هو أعمق من التباهي بالعلاقة مع الغرب أو إيران أو تركيا، فكل هؤلاء معاً لن يقفوا إلا مع مصالحهم وأطماعهم، حتى لو اعتقدت قطر غير ذلك! وبالفعل هم أعداء العرب، كل العرب، وقطر ليست استثناء!