سوسن الشاعر : أرجو أن تصل الرسالة
الطفل السعودي عمر الأنصاري الذي انتشر له فيديو مع صحفي من بيرو بحوار عفوي تم تصويره في قطر ظهر فيه هذا الطفل الذي يبلغ 13 عاماً فقط خير ممثل للسعودية وللخليج وللعرب وللمسلمين.
«الهوية الوطنية» كانت هي العنوان الرئيس في حديث عمر، كل جواب كان يؤكد عمر فيه على أن مرجعية تصرفهم هو دينهم الإسلامي وتقاليدهم العربية، فلما تحدث عن الكرم قال لأن ديننا يحثنا على ذلك، حين تحدث عن حسن الضيافة، قال لأننا عرب وهذه عاداتنا، حين قال له عن الفوز قال لأننا نحب التنافس، كان يحرص على إبراز الهوية العربية والإسلامية، وكأن أحداً قد كلّفه بتسويق تلك الهوية، في حين أن شخصيته وتربيته وتعليمه وتأهيله وبيئته هي من أعدته ليكون سفيراً دونما تكليف رسمي.
عمر الأنصاري يقول للصحفي من بيرو أتعرف ميسي؟ بالتأكيد تعرفه إنه يعاني مثلي من القصر بسبب ضعف في بعض الهرمونات، فرد عليه الصحفي، لا أعرف كم طولك ولكني أعرف كم هو كبير قلبك لقد لامست قلوبنا جميعاً بلطفك.
هذا ما نقصده بتنشئة وإعداد شباب يشعرون بالمسؤولية تجاه هويتهم وكأن لديهم مهمة مكلفين بها بشكل غير رسمي، إذ عليهم أن يسوقوها ويبرزوا مكامن قوتها إنما لابد أن يعتزوا بها قبلاً، وأن يعايشوها ويعرفوها ويفاخروا الناس بها. هذا الطفل قام بتلك المهمة ونجح فيها دونما حاجة لإتقان تام للغة الإنجليزية ودون حاجة «للاكسنت» الأمريكي، كل مقوماته كانت الاعتزاز بهويته والفخر بها ولهذا كان تسويقها سهلاً عليه.
تلك التنشئة التي نتمناها وهي مهمة مكلف بها البيت بالتربية المنزلية والقدوة وكذلك الدولة بمؤسساتها وتوجهاتها، الأمور لا تُترك عشوائية ونتوقع أنها تنبت كالفطر في أجيالنا، أبداً هي غرس ممنهج، ورعاية وعناية واهتمام كي نصل لمثل عمر.
دولة الإمارات على سبيل المثال وضعت «الهوية الوطنية» مشروعاً أوكلت له مؤسسات ووضعت له استراتيجية شاملة وخصصت له الميزانيات، كي تنشئ جيلاً مرتبطاً بهويته معتزاً بها محافظاً عليها، يقاوم كل عناصر التهديد لها، الهوية أبعد وأوسع من التراث، التراث أحد مقوماتها فقط، الهوية الوطنية ليست منهجاً تابعاً لمدرسة قديمة أكل عليها الدهر وشرب، اسألوا الصين والروس واليابان والكوريين، اسألوا الهند، اسألوا المجتمعات التي نهضت وتقدمت وهي تضع هويتها الخاصة نصب عينيها.
التعلم والتقدم ولا يتطلبان الانسلاخ واقتلاع الجذور، لذلك يبهرك من ينجح ويصل ويظل متمسكاً معتزاً بهويته أياً كانت جنسيته.
هكذا نريد للشاب البحريني مستقبلاً وتأهيلاً، شباب منفتح على العالم وينهل من علوم الدنيا لكنه بحريني الهوى والنشأة والأعراف والتقاليد، فخور ببحرينيته معتز بها.
هل وصلت الرسالة؟