محمد يوسف : اختصرا الحياة
في اليوم ذاته، الثاني من يناير 2023، كرستيانو رونالدو يهبط من الطائرة في مطار العاصمة السعودية الرياض، وجثمان بيليه يسجى في ملعب نادي سانتوس البرازيلي لإلقاء النظرة الأخيرة عليه.
حدثان يختصران حياة الإنسان وتقلباتها، ويشرحان كيف يكون الهبوط والصعود والنجومية بكل أضوائها، الأول هو النجم الذي يتربع على قائمة الأفضل في هذا الزمان، ويقدم صورة للاعب الكرة المجتهد منذ صغره، والرافض لقيود الذين طغى على بريقهم فأطفأه لأنه محاط بهالة مشعة، وهو صاحب الإنجازات الأكبر، واللمسات الأجمل.
أما الراحل، تلك الجوهرة السمراء، فهو من يذكر إذا ذكرت كرة القدم، وهو مضرب الأمثال، وكيف لا يكون كذلك؟ فهو الذي اعتزل اللعب الدولي قبل 52 سنة، وفي اللحظة التي حقق فيها مع زملائه بطولة العالم الثالثة لبلاده، ولم ينطفئ نجمه، ظل حديث العالم طوال نصف قرن، وتحولت حياته في صغره، والبيئة التي تربى فيها، ومميزاته في قيادة منتخب البرازيل، وحياته اللاحقة، والمكانة التي وضع فيها، إلى قصة تروى للأجيال، حيث أجمع الكل على أنه لا يقارن بأحد، مع التقدير والاحترام للأسماء التي ظهرت في وقته والأوقات التي تلته، «فلتات» في الملاعب برزوا، وحققوا إنجازات، ولكنهم لم يقولوا يوماً أنهم يضاهون بيليه.
تدور الأيام، وتتغير النظرات للأمور، ولا تتوقف عجلة الحياة، واحد يودع الدنيا وما فيها فيبكيه الناس، وآخر يودع دوريات الإعلانات ليصنع مجداً جديداً في أرض واعدة، يعرف أنها محبة وصادقة، ويستقبل بعبارات ترحيب وصور تعبر عن مرحلة جديدة ستضاف إلى تاريخه الحافل، وتمنحه رؤية مختلفة للعلاقات مع ناديه، نادي النصر السعودي، وجماهير الكرة التي أحبت فريق ريال مدريد عندما كان رونالدو يلعب له.
هذه هي الحياة، بحلوها ومرها، يرحل نجم كان يملأ الأرجاء بصيته، ويبزغ نجم ما زال شعلة من العطاء.