رأي في الحدث

محمد يوسف : لن يهزوا شعرة

مئات الملايين من نسخ المصحف الشريف تنتشر في العالم سنوياً، طبعات تتلو طبعات، ولا يتوقف تزويد المسلمين في كل بقاع الدنيا بنسخ مميزة في الشكل والزخرفة، والمقتنون يبحثون عن النادر منها، نسخاً تباع في المزادات بمبالغ خيالية، قديمة وجديدة، فهي قيمة لدى كل الذين ينتمون إلى هذا الدين السمح، ومعهم أبناء الأديان الأخرى، والطوائف التي تعلم علم اليقين، ماذا يعني اقتناؤهم لمخطوطة أو طبعة من كتاب الله، أبدع على إبداع ما ورد فيها من قول رباني من أرادوا الديمومة لهذه النسخ.

وعندما يظهر إلى العلن حاقد كاره متعصب، ويأتي فعلاً شبيهاً بفعل الهولنديين اللذين ظنا أن القرآن محصور بين دفتي كتاب، أقول لكم، هم يعودون بذلك الفعل إلى الوراء لأزمان غابرة، كان يفترض أن يستقوا منها الدروس، ولكن الجهل العنصري تملكهم، وذهب بهم إلى صبيانة الفكر والتعبير عن السواد الذي ملأ قلوبهم، فالنسخة التي أحرقت في استوكهولم عاصمة السويد، وتلك التي مزقت في مدينة لاهاي الهولندية، استبدلت بآلاف النسخ التي خرجت من المطابع في مكة والقاهرة وأبوظبي ودمشق وبغداد وإسلام أباد ومومباي وباكو وجاكرتا وكوالالمبور وعشق أباد وإسطنبول والرباط ودكار ومومباسا، وكل حواضر بلاد المسلمين والفرنجة والأمريكان!

اثنان أو عشرة أو ألف من هؤلاء الكارهين، لن يهزوا شعرة في جسد هذه الأمة، ولن يؤثروا في قناعاتها، فقد حاول أقوام قبلهم، جيّشوا الجيوش، ودقوا الطبول، وشنوا الحروب، ورفعوا رايات اعتقدوا أنها مقدسة، فهوت تلك الرايات، وسقطت من خلفها إمبراطوريات، وطردهم «حفظة القرآن»، وهم يجرون أذيال العار والخيبة، خرجوا لهم من الصحارى بقلوب مؤمنة، سلاحهم قول عظيم من رب كريم، يملأ الفؤاد إيماناً، ويجري الدماء في العروق، وينتصر به المتقون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى