حمد بن جاسم.. مهندس التطبيع التطوعي ينتقد تحمّس السودان للتطبيع
أثار هجوم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني على سعي السودان للتطبيع مع إسرائيل التساؤلات، خاصة أن الشيخ حمد بن جاسم هو نفسه كان مهندس التطبيع القطري مع إسرائيل، وإن بدا في تغريداته الأخيرة يحيل إلى أن ذلك التطبيع كان بلا سبب واضح ودون أي حاجة قطرية إليه.
وقال رئيس الوزراء القطري السابق في تغريدات له على تويتر:
وأضاف “إذا كان السودان يعتقد الآن أن هذه العلاقات مع إسرائيل ستقربه من أميركا بناءً على نصيحة فهذه نصيحة فاشلة”، مشددا على أن “الفائدة ستعود على الطرف الذي نصح السودان بإقامة علاقات مع إسرائيل”.
ومن الواضح أن مشكلة الشيخ حمد بن جاسم ليست مع التطبيع، أو التقاط صور مع المسؤولين الإسرائيليين والابتسامة تعلو الوجه، كما في صور سابقة له مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في أكثر من مرة، وإنما المشكلة تكمن في أن “طرفا آخر” ليس قطر نصح البرهان باستقبال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، أي أن الخلاف لا يتعلق بالمبدأ وإنما بالمستفيد إقليميا من هذا التقارب.
وكان القطريون قد سبقوا الجميع في التعامل مع إسرائيل بشكل مباشر ضمن إستراتيجية تهدف إلى التقرب من الولايات المتحدة وتقديم بلادهم كحليف لواشنطن، وهو ما ظهر تأثيره لاحقا في ثورات “الربيع العربي”.
واعترف الشيخ حمد بن جاسم بأن بلاده سبق أن أقامت علاقات مع إسرائيل وسمحت لها بـ”فتح مكتب تجاري”، وأنها جنت “فوائد سياسية في ذلك الوقت”، مستدركا بأن “كل تلك القرارات كانت قرارات ذاتية، بعيدًا عن أي نصيحة من طرف آخر”.
وفي كلام الشيخ حمد بن جاسم اعتراف واضح بأن قطر كانت سبّاقة إلى التطبيع، وكان أغلبه يتم من وراء الستار من خلال تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين من البلدين، وفتح المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، إلى أن جاءت قناة الجزيرة وحولت التطبيع إلى مشهد يومي.
ولعبت قناة الجزيرة دورا محوريا في إعادة صياغة صورة إسرائيل في ذهن المشاهد العربي، إذ منحت معلّقين وكتّابا ومسؤولين في تل أبيب منصة حرة لترويج الرواية الإسرائيلية حول أبعاد الصراع، كما منحتهم فرصة ثمينة لإيصال رسائل إيجابية إلى الدول المحورية في المنطقة، فيما عُرف بـ”نداء التطبيع”.
يضاف إلى ذلك سعي الدوحة لترشيح نفسها وسيطا رئيسيا بين إسرائيل وحركة حماس وتوظيف ورقة المال القطري السخي لجلب الحركة إلى مربع التفاهمات السرية مع تل أبيب.
ورغم أسبقيتها في التطبيع السري والعلني، إلا أن قطر لا تفوت أي فرصة لتوجيه انتقادات لـ”اتفاقات أبراهام” بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
وتوصّلت إسرائيل والسودان الخميس الماضي، خلال زيارة غير مسبوقة لوزير الخارجية الإسرائيلي إلى الخرطوم، إلى “اتّفاق” على العمل من أجل إبرام “معاهدة سلام”.
وأجرى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الخميس في الخرطوم محادثات مع عدد من المسؤولين السودانيين، في مقدّمتهم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إنّه خلال هذه الزيارة التي “استمرت لبضع ساعات”، وهي الأولى لوزير خارجية إسرائيلي إلى الخرطوم، “تمّ الاتفاق على المضيّ قدمًا في سبيل تطبيع علاقات البلدين”.
ولدى عودته إلى مطار بن غوريون في تل أبيب قادما من الخرطوم، قال كوهين للصحافيين “يسعدني أن أبلغكم أنّه في إطار الزيارة اتّفقنا على توقيع معاهدة سلام بين السودان وإسرائيل” بعد أن يتمّ تشكيل حكومة مدنية في الخرطوم.
وأوضح أنّ المعاهدة المرتقبة يفترض أن يتمّ توقيعها “بعد انتقال السلطة في السودان إلى حكومة مدنية يتم تشكيلها في إطار العملية الانتقالية الجارية في هذا البلد”.
وبينما كان العسكريون والمدنيون يتقاسمون السلطة أعلن السودان في يناير 2021 انضمامه إلى اتفاقات أبراهام التي اعترفت بموجبها ثلاث دول عربية بإسرائيل.
*العرب