سعود السمكة : حفاة عراة لكنهم صنعوا تاريخاً مجيداً
دأبت بعض وسائل الاعلام المصرية، ومنذ فترة على التطاول على دول منظومة دول “مجلس التعاون” الخليجي وتصفها بأبشع الاوصاف، وهذه الوسائل الاعلامية بعضها مملوك بالكامل للدولة، واعلاميوها موظفون لدى الحكومة، وما يثير عجبنا واستغرابنا، كشعوب خليجية، أن دولنا طول عمرها، ومازالت تربطها مع الشقيقة مصر أوثق الاواصر، واطيب العلاقات، والمواقف في كل الظروف والازمنة.
ولم يكن في يوم من الأيام أن تأخرت عن الوقوف جنب شقيقتنا مصر، وهذا طبعنا وشأننا كدول خليجية، مع جميع اشقائنا العرب والمسلمين، وهذا ليس من باب المنة، والعياذ بالله، لكنه لزوم ضرورات الرابط الاخوي، والواجب الشرعي، وأن آخر ما نالنا من تطاول ما سطره احدهم في احدى صحف الدولة المصرية، اذ كتب، لا فض قلمه، يصف الشعوب الخليجية بـ”الحفاة العراة”، من دون مناسبة ولا ادنى سبب.
ومن الغرابة والجهل المتناهي الذي يغرق فيه كاتب المقالة انه يصفنا بـ”الحفاة العراة” بتعبير فاضح لجهل الكاتب بطبيعة تضاريس المنطقة وقساوة طبيعتها، التي فرضت على شعوبها الفقر وحياة البساطة، لكنها، أي هذه الشعوب، لم تعتبرحياة الفقر عيبا، كما يفكر الكاتب المتعالي، فنحن نعم كنا فقراء وحفاة عراة، كما وصفنا، لكننا لم نستسلم، ولم نستكن، ولم نسمح لذلك الفقر أن يجعلنا نستهين بكرامتنا، بل جاهدنا وقاومنا، وركبنا الاهوال والشدائد حتى طردنا الفقر وجعلناه ونقاط الضعف خلف ظهورنا، وبنينا وعمّرنا.
وبعد ان تم اكتشاف ثروة البترول وظفناه للبناء والتعليم، وأشركنا معنا جميع اشقائنا العرب من دون استثناء، وبلا منة، ولا أذى.
فتحنا بلداننا وصدورنا التي تصفها يا هذا بالعارية والحافية لكل ابناء امتنا العربية، بمن فيهم ابناء مصر العزيزة على قلوبنا، على الحب والسعة، ليتعاونوا معنا ويساهموا في بناء أوطاننا، وقد ساهموا مشكورين في جميع الانشطة التي كنا “نجهلها”.
ونقولها بكل تواضع، وليس عيبا أن يعلمنا اشقاؤنا من جميع الدول العربية والاسلامية، فساهموا مشكورين في التعليم، والتطبيب، والبناء، والقضاء.
وأشركنا الجميع بما أفاء الله علينا من نعم، ولم نبخل او نتأخر على اشقائنا يوما من الايام، قديما وحاضرا، لكن احيانا تكون للضرورة احكامها، وللمتغيرات ضروراتها، فتكون بلداننا مضطرة أن تتماشى لمواجهة هذه الضرورات، ويصبح مبدأ الاقربون وأصحاب الحق هم الأولى، وهذا شرع الله، ومع هذا فنحن مازالت ايدينا مفتوحة بالمقدار الذي نستطيع من خلاله المساعدة، من غير منّة ولا اذى، لكن برضانا ومن دون محاولات صبيانية اعلامية ترفع رايات الشتيمة، فنحن نكن كل التقدير والاحترام لكل اشقائنا العرب، ولم يأتنا أذى من أي قطر منهم، الا، للأسف، في الآونة الاخيرة،اذ بدأت تأتينا قذائف سامة من الاعلام المصري، فإذا كان صحيحا لا يصيب فإنه لا شك “يدوش”!
فيا حكومة مصر العزيزة على قلوبنا لتكف عنا هذه الاعيرة التي باتت تدوشنا، وتحاول ان تجعل علاقتنا التاريخية كأشقاء تتصدع، فمصر تبقى عزيزة، فلا تسمحوا لمثل صغائر الدواب تلدغ في اساس علاقاتكم مع اشقائكم.
ولهؤلاء الصغائر نقول: نعم حفاة عراة لكن صنعوا تاريخاً مجيداً.