تقارير

حكومة أردوغان تبدأ رحلة البحث عن كباش فداء لكارثة 6 فبراير.. فيما تواجه انتقادات عنيفة

تبحث الحكومة التركية عن كبش فداء في خضم أسوأ أزمة تواجهها بعد الزلزال المدمر الذي اتضح أن جزء من أثاره الكارثية وحصيلته البشرية الثقيلة، كان نتاج الاستجابة الضعيفة والمتأخرة مع متطلبات الكارثة وأيضا نتاج سنوات من الفساد في القطاع العقاري والمقاولات وتساهل الجهات الرسمية في منح رخص الإنشاءات وإصدار قانون أعفى قبل سنوات عشرات آلاف من مالكي العقارات من قيود ومعايير صارمة في البناء.

ويبدو واضحا من خلال أكثر من تصريح رسمي أو من هيئات حكومية مثل الهلال الأحمر التركي، أن حكومة حزب العدالة والتنمية تكابد في التملص من مسؤوليتها عن مقتل الآلاف تحت أنقاض الزلزال.

قبل أيام توارى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلف “القدر” في مخاطبته المنكوبين في إحدى المدن المتضررة بالقول مع “القدر هناك أشياء كثيرة تحدث” وهو أمر رفضته المعارضة وذكّرت بأوجه القصور في التدخل الحكومي ومسؤوليتها عن آلاف البناءات ير المطابقة للمواصفات والمعايير المفترضة في البناء في منطقة صدع زلزالي.

لكن رئيس الهلال الأحمر التركي (كيزيلاى) كرم كينيك ذهب إلى أبعد من ستار القدر لتبرير الإخفاق الحكومي، ملقيا بمسؤولية ضعف استجابة الحكومة للكارثة على منظمة فتح الله غولن التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشل في صيف العام 2016، في اتهام يبدو غريبا.

وأشار ردا على سؤال أحد الصحافيين عن سبب ضعف الاستجابة الحكومية ولماذا جرى التخطيط وتنظيم المسائل المتعلقة بعمليات الإنقاذ والتدخل والإغاثة من خلال رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية التي تأسست في 2009 ولم يتم ذلك عبر منظمة الهلال الأحمر العريقة والتي تأسست قبل 155 عاما، إلى مسؤولية “منظمة غولن”.

وتابع “آلية الحماية المدنية التركية القائمة على التعاون بين المدنيين والعسكريين أسقطتها منظمة غولن الإرهابية”.وتصف السلطات التركية شبكة فتح الله غولن بـ”الإرهابية”.

وعندما سأل الصحفي فاتح بورتاكال رئيس الهلال الأحمر التركي”هل أسقطت منظمة غولن الإرهابية كيزيلاى أيضا؟”، رد كينيك بأن ذلك لم يحدث منذ أن تم “إخراجهم” جميعا من المنظمة الإنسانية.

وتتخذ السلطات التركية من حركة غولن باستمرار كبش فداء في كثير من الأزمات على الرغم من أن العديد من أتباعها يقبعون وراء القضبان بتهم إرهاب تعتبرها منظمات حقوقية كيدية، بينما فرّ كثير منهم إلى الخارج لتجنب اضطهاد الحكومة.

وكان الرئيس التركي يستهدف أتباع حركة غولن وهي جماعة دينية يقودها الإسلامي التركي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة منذ 1999.

والرجلان كان حليفين، لكن تدهور العلاقات بينهما خاصة منذ تحقيقات الفساد في ديسمبر 2013 التي أثيرت حول رئيس الوزراء التركي وقتها الرئيس حاليا رجب طيب أردوغان وأفراد عائلته والدائرة المقربة منه.

وضرب زلزال قوته 7.8 درجة بالقرب من مدينة غازي عنتاب بينما كان الناس نيام فجر يوم 6 فبراير، مما أسفر عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وإصابة أكثر من 80 ألفا في أكثر من 10 مدن في الجنوب الشرقي الأكثر تضررا.

وأعقب الزلزال عشرات الهزات الارتدادية، بما في ذلك زلزال بقوة 7.5 درجة ضرب المنطقة في وقت لاحق من نفس اليوم.

وعرى زلزال 6 فبراير/شباط الفساد المرتبط بقطاعي العقارات والمقاولات وصلة مفترضة بمسؤولين من حزب العدالة والتنمية بملفات الفساد التي ستكون مادة سياسية ساخنة في السجالات بين الحكومة والمعارضة.

وقد سلط تقرير نشرته مجلة ‘ذي ايكونوميست’ البريطانية الضوء على حصيلة ضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا فجر السادس من فبراير وخلف عشرات آلاف الضحايا، مشيرة إلى أن الأمر يعكس في جزء كبير منه الأبعاد المميتة لفساد المقاولات.

ولم تكن المجلة البريطانية أول من فتح هذا الملف فقد سبق للمعارضة التركية أن تحدثت في ذلك، محملة حكومة حزب العدالة والتنمية المسؤولية بسبب إجراءات ومخالفات قانونية في قطاع العقارات والمقاولات، لكن ‘ذي ايكونوميست’ أشارت كذلك إلى أن الجميع مذنب سواء الحكومة أو المعارضة، فثمة مناطق يدير بلدياتها مسؤولون من أحزاب المعارضة.

وكتبت تحت عنوان “الزلازل في تركيا تعكس الأبعاد المميتة لفساد الإنشاءات”، معتبرة أن من أكبر أسباب حصيلة القتلى الثقيلة خلال زلزال 6 فبراير، معايير البناء التي تفتقر للجودة وكذلك استشراء الفساد إلى جانب السياسات السيئة.

ورأت أن مآلات الوضع الراهن بعد الزلزال المدمر هو في الحقيقة جزء من اقتصاد تركيا الذي يعتمد على التطوير العقاري الريعي بما في ذلك المقاولات.

ولاحظت أن كل التحليلات تجمع تقريبا على أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان تتحمل معظم المسؤولية عن الكارثة الأخيرة، لكن التحليلات ذاته تشير إلى أن الإدارات السابقة والبلديات التي تديرها المعارضة بعد فوزها في الانتخابات الأخيرة إضافة إلى المقاولين ومسؤولي التخطيط أيضا “مذنبون أيضا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى