بدر خالد البحر: حلّوا عنا وعن دول الخليج «.. جنبلاط» بيك
طابور طويل عند ديوان زعيم حزب يأتيه أبناء طائفته لحل مشاكلهم، وفجأة لمح الحرس كويتيات ضمن الواقفين، فسألوهن عن سبب مجيئهن ودعوهن للدخول متخطيات الجميع، فقلن له إنهن وافقن على دفع رسوم إيصال كيبل الكهرباء المار أمام بيوتهن، وبقي لبناني في الشارع نفسه يرفض الدفع مما عطل إيصال الكيبل للجميع، فلم يعدن يتحملن متاعب تشغيل وصيانة مكائن الكهرباء لسنوات طويلة، فوعدهن بحل الموضوع، وفجأة وبسرعة دفع الجار اللبناني الرسوم، بسبب المساعي الكريمة وقوة ذلك السياسي، وليد جنبلاط، زعيم الطائفه الدرزية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.
***
لقد قلنا في مقال سابق إن لبنان احتله تسعة عشر مستعمراً على مدى خمسة آلاف عام، وفيه الآن ثمانية عشر مزيجاً عرقياً وطائفياً؛ المسيحيون بطوائفهم والمسلمون سنة وشيعة وآخرين، واليساريون والدروز والناصريون وكذلك العلويون والقوميون والأكراد والأرمن وغيرهم، وكل منهم حتى الطائفة الواحدة تنقسم لتيارات وأحزاب مختلفة، ولديها تحالفات وولاءات خارجية معلنة! لذلك نقول لجنبلاط بيك، الذي زار الكويت مؤخرا، بأنكم من المستحيل أن تتفقوا على شيء واحد لمدة طويلة، فأنتم غير متفقين حتى فيما اتفقتم عليه، وهذا ما يعيب السياسة اللبنانية، فلم ينفع معكم لا اتفاق الطائف ولا الدوحة، كما لم ينفع معكم لا باريس1 لحل مشكلتكم المالية ولا باريس2 ولا باريس3، ولن ينفع معكم حتى لو عقد باريس300، هذا غير قرارات مجلس الامن كالذي صادف اليوم من عام 1978 المتعلق بجلاء إسرائيل، لأنها حلول تلجؤون لها من الخارج وكان الأجدر أن تتفقوا أولا فيما بينكم، وعليه فأنتم لن تستطيعوا إنشاء دولة والاجدر لكم برأيي، فدراليات مستقلة، وهو ما ترفضونه في حين لا تملكون خيارا آخر قابلا للتطبيق.
إن ما يعيب أيضا غالبية السياسيين اللبنانيين تضارب مواقفهم، فأنتم تطلبون العون من الخليج وفي الوقت نفسه تؤيدون حزب الله الحليف الايراني والعدو الصريح للخليجيين، ففي يناير منذ اثني عشر عاما، ونقلته رويترز، صرحتم بأن جماعتكم ملتزمة دعم حزب الله قبل المحادثات البرلمانية، وفي يناير هذا العام جددتم تحالفكم مع حزب الله في أربعة محاور من غير الاشارة لنزع سلاحه الذي يعتبر السبب الرئيسي لدمار لبنان، وجلستم أنتم وبقية الاحزاب تراقبون وصول تدخلاته بالتحديد للكويت والسعودية، حتى إنه دمر المشاريع التي مولناها بلبنان وآخرها صوامع القمح كما تردد، ولقد قلنا بالسابق، بأننا لسنا «بيبي ستر» لعصابات متناحرة على الثروة، تعلم يقيناً أننا سنكنس شوارعهم ونعيد بنيتهم التحتية بعد كل مغامرة لحزب الله مع إسرائيل أو اقتتال فيما بينها! في حين تستخدم إيران لبنان وتستبيح دماء ابنائه لتغليظ شروط تفاوضها مع الغرب للحصول على السلاح النووي والتوسّع بالمنطقة!
وهنا نعيد لجنبلاط بيك ما قلناه منذ ثلاث سنوات في مقال «ليعمّر الدمار مليونيرية لبنان»، بأن على حكومتكم قبل طلب أي مساعدة من دول الخليج إماطة اللثام عن الذمة المالية لزعماء الأحزاب اللبنانية لننصدم بملكيتهم لمليارات الدولارات التي باستطاعتها إعمار لبنان من الصفر، فالأموال المجمدة لساسة لبنانيين بالبنوك السويسرية تفوق الـ70 مليار دولار بسبب العقوبات، أما مجموع أموال سياسييكم التي أعلنتها سويسرا فهي قرابة الـ320 مليار دولار، حيث هربت قرابة الـ175 مليارا من الودائع خلال الأزمات، ناهيك عن أرباح المخدرات وغسل الأموال وملايين أخرى كالتي كشفتها «نيويورك تايمز» لفضائح مناقصات البعض من الطبقة السياسية، كتقاسم أرباح مشاريع مكبات النفايات آنذاك بقيمة 288 مليون دولار، وأخرى بقيمة 242 مليونا كما تردد بالإعلام! أي باستطاعة السياسيين سداد الدين العام للدولة اللبنانية الذي فاق الـ100 مليار دولار!
وعليه فإلى متى ستبقى دول الخليج، وبالأخص السعودية والكويت، ضمن الأوصياء على بقاء هذا التعقيد الذي لا يرغب فرقاؤه بالعيش معاً في دولة تنهب ثرواتها ولا يستطيع المواطن سحب بضعة دولارات من مدخراته بالبنوك لشراء قوت يومه؟ في دولة مهددة بالزوال كما أفاد وزير خارجية فرنسا الاسبق (لو دريان) منذ ثلاث سنوات!
لذلك يجب على حكومات دول مجلس التعاون وقف أي مساعدات للبنان، فثروات سياسييه تكفي لبنائه، كما لا نستطيع كدول خليجية دعم عبثهم السياسي بإعادة بناء ما يقومون بهدمه، وعليه فرسالتنا لضيفنا الكريم: حلّوا عنّا وعن دول الخليج «جنبلاط» بيك.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.