رأي في الحدث

بدر خالد البحر : ولا ليرة لدمشق قبل لبنان.. وصلت الرسالة؟

«في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم، هناك مصالح دائمة». فعندما نصل لقناعة ونستون تشرشل التي جعلت الدول العظمى تحتل العالم نكون قد وصلنا لبر الأمان السياسي، فقد كلفتنا أخطاؤنا المناقضة لهذه المقولة الكثير، كالغزو وكخسائر المليارات تحت بند مساعدات دول شقيقة، في الغالب سرقتها حكوماتهم وطعننا بعضهم بالخاصرة، ولذلك عندما نرى تجردا يعتنق هذا الفكر كالاتفاق التاريخي السعودي–الصيني–الايراني فنحن أول المؤيدين رغم عدم توافر الضمانات.

فبينما معظم الكويتيين منهمكون بصراع عقيم داخل صندوق السياسة المحلية الذي أكله الصدأ، كنا نراقب بتوجس تداعيات التحول الجيوسياسي المحيط بنا، والمباحثات الاسبوع الماضي مع سوريا لحل أزمتها واستقرارها وبسط سيطرتها على أراضيها والمساعدات وعودة اللاجئين ومكافحة الإرهاب والمخدرات وانهاء الميليشيات والتدخلات الخارجية.

وهنا لا بد أن نذكر البعض في مجلس التعاون الخليجي، الذي اجتمع بجدة، الجمعة الماضي، لمناقشة عودة سوريا للجامعة العربية، بأن الرئيس السوري وحكومته لم يكونا الضحية في ما وصلت إليه سوريا، بل كانا المتسببين مع سبق الإصرار بهذ الكارثة التي قطّعت أوصالها ومزقت شعبها، ومكنت القوى الخارجية لاحتلال أراضيها بتعدٍّ طائفي وعرقي قسري شوّه الديموغرافيا والتاريخ العريق لدمشق.

إن التزلف السوري في محاولة للاستعانة بالخليجيين كحلفاء جُدد بعد فقدها السيطرة على حلفائها الذين ضعفت قواهم الاقليمية، وخاصة روسيا بحربها بأوكرانيا، يجعلنا نعلق الجرس لقضية غاية في الأهمية، وهي أنه على دول الخليج إجراء مباحثات موازية مع من تسميهم الحكومة السورية معارضة أو ميليشيات، لأن غالبية هؤلاء يمثلون الشعب السوري، وذلك برأينا لسببين مهمين أولهما: عدم إعانة الحكومة السورية على إقصائهم بعد أن هزموها في مواقع عدة سيطروا عليها، حتى راحوا يسمون بشار «المحافظ» على جزء من سوريا وليس «الرئيس السوري» كما أكد لنا أحد المهاجرين، وثانياً: أن أي سلام لن يكتب له النجاح ما لم يمر بالمعارضة التي تمثل غالبية السوريين أصحاب الحق.

ثم يأتي الأمر الأكثر تعقيداً وهو ضرورة عودة اللاجئين والنازحين للأراضي السورية من تركيا ولبنان، قبل التفكير بتقديم المساعدات التي يجب أن تذهب للشعب وليس للحكومة، وأن تكون هذه أولوية وشرطاً لعودة سوريا للجامعة، فلا يمكن قبول عودة سوريا على أنقاض لبنان الذي عانى قمع الحكومة السورية، قبل وبعد مقتل الحريري، التي صدّرت لهم كارثة اللاجئين واستمرار دعمها لحزب الله وزعزعة الأمن والاقتصاد واغتيال أحلام اللبنانيين للعودة لحياة كريمة.

والجدير بالذكر، والصادم، أن عملية اللجوء أصبحت شبه مزيفة تستفيد منها بعض الجمعيات الخيرية ومنظمات أممية ومافيات على حساب معاناة اللبنانيين، من تفاقم عمليات القتل والاختطاف والسرقة وتجارة المخدرات، حتى فاقت أعداد السجناء السوريين %40 طبقاً لصحيفة الإندبندنت، علاوة على اختراقهم الحدود المفتوحة من دون رقابة، مما فاقم نمو تعداد السوريين ومواليدهم لتتعدى %60 من نسبة السكان اللبنانيين ببعض المناطق، ليس ذلك فحسب بل صارت المساعدات الخيرية المشبوهة وبالاً على اللبنانيين حين تدعم سكن اللاجئين بالوحدات السكنية التي يطرد منها اللبناني لعدم قدرته دفع الأجرة بمقابل الدولار! حتى راح البنك الدولي يقيم تداعيات الأزمة السورية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي اللبناني، كما صرح محافظ بعلبك، لبيان الأزمة، بان راتبه صار أقل مما يتقاضاه النازح السوري الذي يستطيع دخول المستشفى على نفقة مفوضية اللاجئين التي تخصص لهم ثلاثة مليارات دولار سنوياً، بينما لا يستطيع اللبناني دفع نفقة علاجه! فصاروا جزءاً من انهيار لبنان.

إن ذلك يجعلنا بمناسبة عيد الجلاء السوري بإنهاء الانتداب الفرنسي، الذي يصادف غداً من عام 1946، نعيد ونؤكد مرة أخرى على ضرورة تباحث دول مجلس التعاون مع المعارضة السورية وعدم التورط بدعم بشار وحكومته من دون شروط قاسية، والتريث قبل إعادتهم للجامعة وإجبارهم على إخراج حلفائهم، الروس والإيرانيين، وإلزامهم بالدرجة الأولى إعادة اللاجئين، على ألا يتم تسليم دمشق ولا ليرة واحدة قبل ضمان خروجها وعدم تدخلها في لبنان.

رسالتنا في شرح أسباب تردي وضعنا السياسي تتضمن الكثير غير أن أهمها هو ما يتمحور حول……………….………………

فهل وصلت الرسالة؟

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى