فوزية رشيد :الإنسان بين سلالة آدم الإلهية وسلالة القرود الداروينية!
{ قلنا سابقا إن هناك نظريتان في تفسير الخلق والوجود والتطور وكيفية وجود الإنسان العاقل، وفي الواقع هما واقعتان بين حقيقة الخلق الإلهية، ونظرية داروين – الافتراضية! الأولى هي السيرورة المنطقية لوجود الإنسان، من سلالة «آدم» الذي خلقه الله ونفخ فيه من روحه، وعلمه الأسماء كلها، ليعرف معنى الربوبية والإله! ويعرف مكانه ككائن استثنائي في الوجود! سخر له الله كل ما خلقه في الأرض، ليكون خليفة، وليبني الحضارات، والمعارف، التي تطورت وطورّت البشرية بها وجودها التاريخي والحضاري في الحياة!
{ أما الأخرى فهي (نظرية التطور الداروينية) وهي نظرية لم ترق إلى مستوى الحقيقة واليقين اللتين أخبر بهما الخالق، وبالتالي هي نظرية افتراضية.. بما يخص تطور الإنسان تحديداً، أو هي النظرية الزائفة في هذا الخصوص، وحيث هي كنظرية تصلح معظم تحليلاتها وسرديتها حول قصة الوجود والنشوء، بما يناسب في تعضيد (الرؤية المادية المطلقة) وقد تصيب في تفسير بعض التطورات المادية ولكنها تقف عاجزة أمام (ماهية الخلق ونشأة الإنسان) والهدف من الوجود نفسه، فالبقاء في النظرية هي للأقوى وليس للأصلح أو الأرقى! وهناك حلقة مفقودة في النظرية تعجز بدورها عن فهم وجود الإنسان العاقل الحضاري، صاحب المعرفة والعلوم وبناء الحضارات ليأتي التقصير الدارويني أنه قد يكون الإنسان قد تطور من سلالة من القرود أو الشامبانزي! فهو الأقرب في الشكل والخِلقة من الإنسان! فيما لا تفسير لماذا بقيت القرود قروداً؟ وكيف امتلك الإنسان كل تلك الملكات المتطورة بل والروحية والفكرية التجريدية! لتبقى الحلقة مفقودة في تفسير ذلك!
{ في حقيقة الخلق الإلهية كل شيء منطقي ومفصل ودقيق، وقد كرم الله الإنسان وأعلى من مقامه بين بقية الكائنات وجعله سيدا وخليفة ومسؤولا عن أفعاله بين أمر التكليف وحقيقة التشريف وأرسل إليه الرسل والأنبياء منذرين ومبشرين وختم الدين له بالقرآن المنزل محفوظا من أي تحريف أو تزوير!
{ والكون في بعده الذي يستوعبه العقل الإنساني مسخر للإنسان، وحيث السموات والأرض متوازيتان في قيمة الخلق والشمس والقمر والليل والنهار كل بحسبان وكذلك النجوم والكواكب! أما (النظرية المادية المطلقة) فقد خسفت بالإنسان كقيمة واستثناء! وجعلته مجرد قرد متطور! وخسفت بقيمة الأرض وجعلتها مجرد كوكب بين مليارات الكواكب ومليارات المجرات! وأن هناك ما قد يشبه الأرض في أكوان أخرى، ليبقى كل ذلك مجرد تأويلات واحتمالات لم يستطع العلم إثباتها!
{ في النظرية المادية المطلقة – يتم التعامل مع الإنسان وكأنه لا قيمة له، ولا أهمية عظمى له في هذا الوجود، ولذلك يتم التعامل معه بكل تلك القسوة والوحشية في الحروب والصراعات، كانعكاس للرؤية التهميشية له في المنظور السياسي – الاقتصادي للرؤية المادية، وآخر تجسيداتها في الرأسمالية المتوحشة والإمبريالية العالمية! حروب وقتل مجاني لتحقيق مصالح مادية وهيمنة وسيطرة، وكأن الإنسان هو الأرخص بين الكائنات وهو الأدنى مرتبة!
{ كرم الله الإنسان فأبخس المنظور البشري بالنظريات الزائفة قيمة هذا الإنسان، حين اعتبره قادماً من سلالة القرود! واعتبر ذلك التبخيس والتهميش تقدماً في الرؤية وتطوراً في المنظور للوجود!
فيما الله جل جلاله يعلمنا في كتبه وفي قرآنه المحكم أن كل شيء خُلق بميزان الحق، بديع السموات والأرض، والإنسان خلقه في أحسن تقويم وحباه بكل الملكات الفكرية والروحية المتطورة ليحقق بها غاية وجوده! لا شيء جاء بالصدفة! لا الطبيعة ولا خلق السموات والأرض، ولا خلق الكائنات، ولا الوجود الإنساني! كل شيء بميزان دقيق وبإتقان وبجمال مشهود، ولكل شيء منطق وهدف وغاية، فلم يخلق الله شيئاً عبثا أو باطلاً! فهل هذا التكريم الإلهي للإنسان جاء صدفة كما في نظرية التطور الزائفة! الإنسان يملك عقلاً ووعياً، وهو من يختار أن يكون كائنا راقيا بتكريم إلهي، وأن يكون مجرد كائن جاء من سلالة القرود! وحتما في البعد الآخر لوجوده سيدرك حقيقة ما اختار وهو مسؤول!