بلينكن إلى السعودية لمناقشة قضايا أمنية..والتعاون بين البلدين..واجتماع وزاري يعقده مجلس التعاون الخليجي
يؤدي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إلى السعودية الأسبوع المقبل لإجراء مباحثات مع المسؤولين السعوديين تشمل عددا من القضايا الإقليمية والدولية وسبل دفع التعاون بين البلدين، في خطوة تشير إلى تحسن في العلاقات
واتسمت العلاقات بين واشنطن والرياض حين فاز بايدن بالرئاسة وتوليه السلطة في يناير/كانون الثاني 2021 بالفتور بسبب الموقف الأميركي البارد من الاعتداءات الحوثية الإرهابية على المملكة وعلى أبوظبي اضافة إلى مواقف أميركية لينة من أنشطة ايرانية مزعزعة للاستقرار في المنطقة. وتفاقمت التوترات بعد قرار تحالف أوبك+ الذي يضم الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط بقيادة السعودية و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، خفض انتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا، ما أغضب واشنطن لكن الرياض تجاهلت ذلك مؤكدة أن القرار اقتصادي لضمان استقرار الاسعار.
وأعلنت الخارجية الأميركية أن بلينكن سيصل إلى المملكة في السادس من يونيو/حزيران في زيارة تستغرق يومين، فيما تأتي في توقيت يقود فيه البلدان وساطة في السودان من دون أن ينجحا حتى الآن في فرض التزام هدنات عدة بين طرفي النزاع.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلنر في بيان إن “بلينكن سيتطرّق خلال محادثاته مع المسؤولين السعوديين إلى التعاون الاستراتيجي بين البلدين في القضايا الإقليمية والثنائية”.
وسيشارك بلينكن الأربعاء في اجتماع وزاري يعقده مجلس التعاون الخليجي والخميس في اجتماع للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يعقد في الرياض.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى الرياض بعد أسابيع قليلة من زيارة أجراها إلى المملكة مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان وبعد نحو عام على زيارة أجراها الرئيس الأميركي جو بايدن في صيف العام 2022 جاءت نتائجها متباينة.
والعلاقات بين واشنطن والرياض شديدة التعقيد، فإدارة بايدن تتّهم المملكة الخليجية الغنية بالنفط بانتهاك حقوق الإنسان وبالدفع لرفع أسعار النفط الخام.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد دعا إلى إعادة تقييم العلاقات مع السعودية بعد قرار المملكة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي خفض إنتاج النفط،
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي زار بايدن المملكة وشارك في قمة عربية خليجية. وبعد أن كان قد تعهد بعزل الأمير محمد التقاه في حدة وتصافحا، في حين استهدفت الزيارة اقناع المملكة بزيادة انتاج النفط، لكن الحكومة السعودية لم تبد تجاوبا مع المطالب الأميركية.
ودفعت الضغوط الأميركية، الرياض إلى التوجه شرقا حيث عقدت اتفاقيات ضخمة مع الصين وأطلقت خطة لتنويع الشركاء وتنويع مصادر التسلح في ما بدا ردا على تهديدات أميركية بتعليق مبيعات الأسلحة للمملكة وإعادة تقييم العلاقات. كما عزز ولي العهد السعودي العلاقات مع روسيا.
وتأتي زيارة بلينكن للسعودية بينما بدأت المملكة تنتهج دبلوماسية جديدة قائمة على تصفير المشاكل توجت مؤخرا بتوقيع اتفاق تاريخي مع الخصم الإقليمي إيران، منهية بذلك 7 سنوات من القطيعة وهو الاتفاق الذي أقلق الولايات المتحدة وإسرائيل. كما لعبت الرياض دورا بارزا في عودة سوريا إلى الحضن العربي، وهو أمر اعترضت عليه واشنطن.
وتقود الرياض منذ توقيعها اتفاقا تاريخيا مع إيران بوساطة سعودية، جهودا من شأنها أن تعيد رسم المشهد في الشرق الأوسط، فيما تواصل مساعيها لانهاء حرب اليمن ودخلت بالفعل في مفاوضات مع المتمردين الحوثيين بعد سنوات من العداء. ومن المتوقع أن تكون الأزمة اليمنية على جدول زيارة بلينكن للمملكة.
وأكد جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض في وقت سابق أن “الرياض مازالت شريكا إستراتيجيا لواشنطن حتى لو لم يتفق الطرفان على جميع القضايا”، موضحا أن البلدين يعملان على معالجة التحديات الأمنية المشتركة
ويتوقّع أن تشغل مساعي إحلال السلام في اليمن حيّزا كبيرا من المحادثات التي سيجريها بلينكن في السعودية وكذلك جهود تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل في إطار الاتفاقات الإبراهيمية.
هذه الاتفاقات التي بذلت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب جهودا كبرى للتوصل إليها، أتاحت لدول عربية عدة تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، لكن الرياض تشترط للتطبيع الاعتراف بدولة فلسطينية وتطلب من الولايات المتحدة توفير ضمانات أمنية.
وخلال جلسة استماع أمام لجنة في الكونغرس أقرّت باربرا ليف المسؤولة الرفيعة في الخارجية الأميركية المكلّفة ملف الشرق الأوسط، بوجود كثير من “التفاعل” حول هذه القضية، مشيرة إلى “انفتاح تدريجي” بين الإسرائيليين والسعوديين لا سيّما في المجالات الثقافية والرياضية.
لكن الموقف السعودي من التطبيع مع إسرائيل كان واضحا خلال القمة العربية الأخيرة التي أجمع فيها القادة العرب على أن القضية الفلسطينية قضية مركزية وتمسكوا بحقوق الفلسطينيين بما في ذلك إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.
كما ساهمت الحرب اليمنية التي تقود فيها الرياض تحالفا عسكريا دعما للحكومة الشرعية في توتر العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، فيما تبذل جهود دولية وأممية لتثبيت الهدنة في البلد.