السعودية تعيد ضبط الوضع في تحالف أوبك..وتحالف أوبك+ يُظهر جبهة موحدة مع الحفاظ على المسار
توصل تحالف أوبك+ الذي يضم الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط بقيادة السعودية و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، لاتفاق على خفض الإنتاج اليوم الأحد بعد مفاوضات صعبة.
وأعلن التحالف أنه تم الاتفاق على مستوى جديد لإنتاج النفط عند 40.46 مليون برميل يوميا بداية من 2024، بينما سبق الاجتماع أنباء عن تباين في المواقف بين رأسي الكارتل النفطي: السعودية وروسيا.
وانتهى الاجتماع الذي كان محط أنظار العالم بحكم أهميته لأسعار النفط وأيضا بسبب ارتباط أي قرار يصدر عنه بالتقلبات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، ببيان ختامي جاء فيه “ضبط مستوى إجمالي إنتاج النفط للدول الأعضاء في أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك إلى 40.46 مليون برميل يوميا من 1 يناير/كانون الثاني 2024 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2024”.
وأضاف البيان أنّ “أوبك + تعمل بالفعل على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا حتى نهاية 2023 إلى 41.856 مليون برميل يوميا، وبالتالي ستصل التخفيضات في العام الجديد إلى 1.396 مليون برميل يوميا”.
وتابع أنّه “يتعين على روسيا ضبط حجم إنتاج النفط عند 9.828 ملايين برميل يوميا اعتبارا من عام 2024″، مشيرا إلى أنّ “مجموعة أوبك+ اتخذت قرار تعديل حجم إنتاج النفط للحفاظ على استقرار سوق النفط وإرساء قدرة طويلة الأمد على التنبؤ بحركته”.
وأعلنت وزارة الطاقة السعودية، مساء اليوم الأحد، أنّ “المملكة ستواصل الخفض الطوعي لإنتاجها النفطي حتى نهاية 2024”.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الطاقة السعودية، إنّه “كإجراء احترازي ستقوم المملكة بتمديد خفضها التطوعي البالغ 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024 بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في اتفاق أوبك+”.
ويضخ تحالف أوبك+ نحو 40 بالمئة من إنتاج الخام العالمي، مما يعني أن قراراته سيكون له تأثير كبير على أسعار النفط.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إنّ موسكو مددت الخفض الطوعي لحجم إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول، مؤكدا أنّ قرار مجموعة أوبك+ بشأن حجم إنتاج النفط “يصب في مصلحة السوق العالمية ولا خلافات بين روسيا والسعودية”.
وأعلنت المملكة وهي من أبرز البلدان الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، أنها ستقوم بتنفيذ خفض طوعي إضافي في إنتاجها من النفط الخام مقداره مليون برميل يوميا ابتداء من يوليو/تموز.
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع لوزراء منظمة الدول المصدرة للنفط وشركائهم في تكتل أوبك+ بقيادة روسيا إن هذا الإجراء سيسري ابتداء من يوليو/تموز لمدة شهر قابلة للتمديد.
واستغرقت المفاوضات عدة ساعات، فيما أفادت وسائل إعلام بوجود خلافات بين المشاركين الـ23 الذين يمثلون 60 بالمئة من إنتاج النفط في العالم.
وبعد مناقشات صعبة، حصلت الإمارات على زيادة في أساس حساب حصتها من إنتاج الخام، وفقا للجدول الجديد الذي نشرته أوبك.
وتأتي هذه المبادرة من الرياض في الوقت الذي انخفضت الأسعار في الأشهر الأخيرة رغم الإعلان المفاجئ مطلع أبريل/نيسان عن تخفيضات جذرية.
ولم يؤد هذا الإجراء في الواقع إلى رفع الأسعار في سوق يعاني كسادا بسبب المخاوف من ركود اقتصادي عالمي ورفع أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الكبرى والانتعاش البطيء للطلب في الصين مع انتهاء قيود مكافحة كوفيد.
وبلغ سعر برميل برنت نفط لبحر الشمال المرجعي للخام في أوروبا 76 دولارا للبرميل، بينما يبلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط 71 دولارا، بعيدا عن الذروة المسجلة في مارس/اذار 2022 في بداية النزاع في أوكرانيا وبلغت حوالي 140 دولارا.
وفيما شكّلت بوادر خلاف بين الرياض وموسكو تهديدا بتعطيل الاجتماع، أظهرت أوبك+ جبهة موحدة مع الحفاظ على المسار نفسه.
والواقع أن روسيا تبدو مترددة في مزيد من التشديد في تدفق النفط الذي تساعدها عائداته في تمويل هجومها العسكري، فبسبب العقوبات الغربية، لا يمكن تسليم النفط الروسي الذي يتجاوز سعره 60 دولارا. وإذا تجاوز هذا السعر، يحظر على الشركات تقديم خدمات تسمح بالنقل البحري من شحن وتأمين وغيرها.
وقالت باربارا لامبرخت من مجموعة “كوميترس بنك” إن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك “يرى أن لا حاجة لأوبك+ إلى تغيير المسار”. وهذا لأن موسكو بالكاد تستفيد من زيادة في الأسعار.
وأضافت “من جهة أخرى، تحتاج السعودية إلى أسعار أعلى لموازنة ميزانيتها”، مشيرة إلى أن عتبة الربح تبلغ حوالي 80 دولارا للبرميل بالنسبة إلى الرياض.
وقال نوفاك “ليس بيننا خلافات. إنه قرار مشترك اتّخذ لمصلحة السوق”. وفي الخلاف الرئيسي الأخير بينهما في مارس/اذار 2020 رفضت روسيا خفض إنتاجها لدعم الأسعار التي انخفضت بشكل كبير بسبب جائحة كوفيد-19. بعد ذلك أغرقت السعودية السوق بالنفط ما أدى إلى انخفاض الأسعار لفترة طويلة. ورأى الخبير يوسف الشمري أن “الرياض لا تريد أن يتكرر هذا السيناريو مرة أخرى، ومثلها روسيا”.