إيران تتحضر لقمع الاحتجاجات في ذكرى وفاة مهسا أميني
انتشرت قوات الأمن الإيرانية في مسقط رأس الشابة مهسا أميني الجمعة تحسبا لحدوث اضطرابات في الذكرى الأولى لوفاتها التي تحل السبت، فيما تتحدث تقارير دولية عن حملة قمع مكثفة ضد المواطنين بسبب الاحتجاجات.
وأثارت وفاة أميني (22 عاما) في أثناء احتجاز شرطة الأخلاق لها يوم 16 سبتمبر أيلول احتجاجات مناهضة للحكومة على مدى أشهر وتحولت إلى أكبر أحداث لإظهار المعارضة للسلطات الإيرانية منذ سنوات.
وقبضت شرطة الأخلاق على أميني بتهمة مخالفة قواعد الزي الإلزامية في الجمهورية الإسلامية.
ودعا كثيرون، تقدمهم نساء وشبان في كثير من الأحيان، إلى إنهاء حكم رجال الدين المستمر منذ أكثر من أربعة عقود. وقالت جماعات لحقوق الإنسان إن أكثر من 500 شخص، من بينهم 71 قاصرا، قُتلوا كما أصيب المئات واعتقل الآلاف في الاضطرابات التي سحقتها قوات الأمن في نهاية المطاف.
وقال ناشط يميني في إيران لرويترز “هناك وجود مكثف لقوات الأمن في سقز”، في إشارة إلى مسقط رأس أميني في إقليم كردستان بغرب البلاد. وأفاد ناشط آخر بأن حشدا صغيرا من المتظاهرين ردد شعارات مناهضة للحكومة قبل أن يتفرق بسرعة.
وتحدث الناشطان شريطة عدم نشر اسميهما خوفا من انتقام الحكومة في ظل حملة قمع متصاعدة على المعارضة مع اقتراب ذكرى وفاة أميني.
وذكرت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أن هناك انتشارا لقوات أمنية في عدة مدن، خاصة داخل كردستان.
وقالت منظمة هنجاو لحقوق الإنسان، ومقرها النرويج، في بيان إن عدة مدن كردية في غرب إيران “شهدت أجواء من الترهيب وإعلان حالة الحرب في الأيام الماضية”. وأضافت أن العديد من المواطنين ألقي القبض عليهم.
وأضافت هنجاو أن عسكريين تمركزوا على قمة تل يطل على سقز بينما شهد السكان زيادة في نشاط طائرات الهليكوبتر فوق المدينة.
ونقلت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي عن سكان في سقز قولهم إن السلطات وضعت كاميرات مراقبة جديدة في أنحاء المدينة لمراقبة المتظاهرين وتحديد هوياتهم على ما يبدو.
واتهمت السلطات الإيرانية الولايات المتحدة وإسرائيل وعملاءهما داخل البلاد بالوقوف وراء الاضطرابات لزعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها الشهر الماضي إن السلطات الإيرانية “تعتقل أفراد عائلات الضحايا وتحتجزهم بشكل تعسفي وتفرض قيودا صارمة على التجمعات السلمية في المقابر وتدمر شواهد قبور الضحايا”.
وأخبر أقارب للشابة الكردية رويترز بأن قوات الأمن اعتقلت صفا عالي خال أميني في الخامس من سبتمبر أيلول.
ووفقا لجماعات إيرانية وغربية مدافعة عن حقوق الإنسان، فإن العديد من الصحفيين والمحامين والنشطاء والطلاب والأكاديميين والفنانين والشخصيات العامة وأفراد الأقليات العرقية المتهمين بأنهم على صلة بموجة الاحتجاج وكذلك أقارب المتظاهرين الذين قتلوا في الاضطرابات تعرضوا للاعتقال أو الاستدعاء أو التهديد أو الفصل من العمل في الأسابيع القليلة الماضية.
وذكرت صحيفة “اعتماد” الإيرانية اليومية في أغسطس آب أن صالح نيكبخت محامي عائلة أميني متهم أيضا “بالدعاية الكاذبة ضد النظام”. وسيعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات في حالة إدانته.
وأكدت تقارير أممية أن حكومة إيران ضاعفت قمعها وانتقامها ضد مواطنيها. وقالت لجنة تقصي الحقائق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن النظام الإيراني لم يستجب بعد للطلبات المتكررة من لجنة تقصي الحقائق للحصول على معلومات.
وأعربت اللجنة عن قلقها العميق إزاء تصاعد القمع ضد المتظاهرين والنساء وأسر الضحايا، وأفادت في بيان “إن النظام الإيراني يمارس القوة المفرطة وغير الضرورية، ويقوم ردا على الاحتجاجات بالاعتقالات التعسفية، والمحاكمات غير العادلة، والإعدامات خارج نطاق القضاء، ومضايقة أسر الضحايا”.
وذكرت رئيسة لجنة تقصي الحقيقة، سارة حسين، إنه منذ وفاة مهسا أميني في الاعتقال، رفضت إيران الوفاء بالتزامها بتوفير وضمان الدعاوى القضائية لأسر الضحايا، وبدلاً من ذلك كثفت القمع والإجراءات الانتقامية ضد مواطنيها وإدخال قوانين تقييدية جديدة”.
وفي إشارة إلى جهود البرلمان الإيراني لإقرار مشروع قانون “الحجاب والعفة”، حذرت اللجنة من أن هذه الخطة تعرض النساء والفتيات لخطر متزايد للعنف والمضايقات والاعتقالات التعسفية.
وتطرق البيان إلى نتيجة التحقيق الذي أجرته طهران حول وفاة مهسا أميني وأرجعه إلى “مرض مسبق”، قائلا “لم تمتثل تحقيقات النظام الإيراني للمعايير والقواعد الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك متطلبات الاستقلالية والشفافية في التحقيق”.
وتابع إن عائلة مهسا أميني كانت هدفا للترهيب والمضايقة من قبل النظام. وتم استدعاء والدها، واعتقال خالها ويخضع محامي القضية للمحاكمة بتهمة “النشاط الدعائي ضد النظام”.
وذكرت عضو لجنة تقصي الحقيقة، فيفيانا كرستيشيفيتش: وفقًا للقوانين الدولية لحقوق الإنسان، يجب على الدول ضمان الحق في تقصي الحقيقة، ورفع الدعاوى القضائية، والحصول على تدابير جبر الضرر للضحايا والناجين وأسرهم، والامتناع عن أي تخويف أو مضايقة أو إجراءات انتقامية.