السيــد زهـــره: فضيحة في أمريكا.. فضيحة في ألمانيا
الدول الغربية دخلت تاريخ البشرية من أقذر أبوابه.. باب الهمجية والمشاركة في أبشع صور الإبادة لشعب فلسطين.. باب انعدام القيم والأخلاق السياسية والإنسانية.
كلما تصورنا ان الدول الغربية وصلت الى الذروة في دعمها ومشاركتها في حرب الإبادة الصهيونية في غزة نفاجأ بأن هناك جديدا ما زال لديهم.. جديدا من الانحطاط والهمجية لم يخطر لأحد على بال.
لنتأمل فقط ما جرى في بلدين غربيين هما أمريكا وألمانيا في الفترة الماضية.
أمريكا وألمانيا يقفان في طليعة الدول الغربية التي يجللها العار اذ ذهبتا في دعمهما لحرب الإبادة الصهيونية حدودا بعيدة جدا. أمريكا تشارك مباشرة في الحرب ببوارجها الحربية وبتجنيد كل مؤسساتها السياسية للدفاع عن العدو. والمستشار الألماني شولتس نصب نفسه متحدثا باسم الكيان الصهيوني والصهيونية العالمية.
نقول هذا بمناسبة تطورين غريبين وخطيرين حدثا في أمريكا وفي المانيا في الأيام القليلة الماضية.
في أمريكا، صادق الكونجرس الأمريكي على مشروع قرار ينص على المساواة بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية. أي يعتبر ان كل من يعادي الصهيونية هو معاد للسامية. وصوت 311 نائباً لصالح مشروع القرار مقابل 14 صوتوا ضده.
هذه فضيحة سياسية وقانونية وأخلاقية.
الصهيونية أيديولوجية وحركة استعمارية عنصرية. وقرار الكونجرس يعني ان كل من ينتقد او يعارض سياسات وممارسات وحتى جرائم الكيان الصهيوني يعتبر معاديا للسامية، أي يرتكب جريمة كبرى بحكم القوانين والسياسات الأمريكية.
نواب كثيرون في الكونجرس أفزعهم هذا الأمر ووجهوا انتقادات حادة للقرار. من هؤلاء النائب جيرولد نادلر، الديمقراطي عن نيويورك والعضو اليهودي الأطول خدمة في مجلس النواب. في خطاب ألقاه أمام المجلس قال انه: «بموجب هذا القرار، فإن أولئك الذين يحبون إسرائيل بشدة ولكنهم ينتقدون بعض سياساتها يمكن اعتبارهم مناهضين للصهيونية، وبالتالي معادون للسامية . وهذا ينطبق على كل عضو يهودي ديمقراطي في هذه الهيئة، لأنهم جميعا انتقدوا مثلا حزمة الإصلاح القضائي الإسرائيلي الأخيرة. بموجب القانون يعتبر هؤلاء معادين للسامية بحكم الأمر الواقع».
وقال أيضا أن «القرار يتجاهل حقيقة ان هناك منظمات يهودية تعارض الصهيونية وإسرائيل، فهل هؤلاء أيضا معادون للسامية؟».
اما في المانيا فما حدث فضيحة أيضا على كل المستويات السياسية والقانونية والأخلاقية.
مؤخرا ناقش البرلمان الألماني اقتراحا يشترط على من يريد الحصول على الجنسية الألمانية ان يتعهد كتابيا بدعم «حق إسرائيل في الوجود».
ولاية ساكسونيا الألمانية شرعت فورا في تنفيذ هذا الاقتراح اذ أصدرت تشريعا ينص على أن «الحصول على الجنسية الألمانية يتطلب الالتزام بحق إسرائيل في الوجود». وأضاف أنه يجب على المتقدمين أن يؤكدوا كتابيًا «أنهم يعترفون بحق إسرائيل في الوجود ويدينون أي جهود موجهة ضد وجود دولة إسرائيل».
بموجب هذا التشريع أي أحد ينتقد سياسات الكيان الصهيوني او يعبر عن أي تعاطف او تأييد للشعب الفلسطيني وحقوقه يعتبر رافضا لحق اسرائيل في الوجود وبالتالي يتم حرمانه من الحصول على الجنسية.
الذي ناقشه البرلمان الألماني ونفذته ولاية ساكسونيا على الرغم من انه شاذ ومستفز الا انه ليس غريبا على ضوء المواقف التي تتخذها القيادة الأمامية والتي لا يمكن التفريق بينها وبين مواقف العدو الصهيوني وخصوصا من جانب المستشار الألماني. المستشار الألماني أولاف شولتس قال مثلا في خطاب ألقاه أمام البرلمان: «في هذه اللحظة، لا يوجد سوى مكان واحد لألمانيا. وهذا هو الجانب الإسرائيلي وهذا ما نعنيه عندما نقول أن أمن إسرائيل هو سبب وجود ألمانيا».
حين يصل الأمر بهم في الغرب الى حد هذا الذي حدث في أمريكا وفي المانيا، فإن المرء لا يملك إلا ان يتساءل : هذه الدول الغربية من الذي يحكمها بالضبط ويرسم سياستها ومواقفها؟.. هل يحكمها قادتها ويرسمون سياساتهم وفقا لمصلحة بلادهم الوطنية ام يحكمها الكيان الصهيوني وهو الذي يحدد سياساتها ومواقفها؟.
بقي ان نشير الى ان ما فعله الكونجرس الأمريكي وما حدث في المانيا ما هو الا تجسيد لمكارثية جديدة يشهدها الغرب بالفعل اليوم.
وهذا حديث آخر بإذن الله.