أمير الكويت ينتقد الحكومة والبرلمان والفساد والجمود السياسي
وجه أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح في أول خطاب له للأمة الأربعاء بعد أدائه اليمين الدستورية في البرلمان، انتقادات حادة للسلطتين التشريعية والتنفيذية. كما رسم الخطوط العريضة لخطة العمل السياسية والاقتصادية لمرحلة الحكم ما يشير إلى توجهه لكسر الجمود السياسي والعمل على تنفيذ برامج التنمية المعطلة بسبب المشاحنات بين مجلس الأمة والحكومة متحدثا أيضا عن ملفات الفساد التعيينات والمحسوبيات التي أثقلت كاهل الدولة.
وقال الشيخ مشعل “يحزننا سكوت أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية عن بعض الملفات.. وأوقفنا قرارات التعيين والترقية لوقف العبث في بعض الملفات”، مشدداً على أن “الحكمة تقتضي منا إدراك حجم المسؤولية والتمسك باللحمة الوطنية”، وتعهد للشعب بأن يحافظ على “الوحدة الوطنية ومكافحة كافة صور الفساد وأشكاله”. وأضاف “لم نلمس تغييرا أو تصحيح المسار”.
وشدد أمير الكويت إنه “يتوجب علينا كقيادة سياسية أن نكون قريبين من الجميع.. ونؤكد على أهمية المتابعة والمراقبة والمساءلة الموضوعية في إطار الدستور”. مشدداً على “الحفاظ على الالتزامات الخليجية والدولية”. كما أشار إلى أن الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد كان بحق شيخ التواضع والمتواضعين. وأنه “تسلم زمام الحكم تكليفا لا تشريفا” معاهدا الشعب الكويتي بأن يكون المواطن المخلص لوطنه وشعبه.
وكان مجلس الوزراء الكويتي نادى بالشيخ مشعل الأحمد أميرا للبلاد بعد وفاة الشيخ نواف الأحمد يوم السبت الماضي. وقالت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، إنه سيكون على أمير الكويت الجديد تنفيذ إصلاحات سياسية لمشاكل “قديمة” في البلاد، مضيفة أن التوقعات تشير إلى أنه “لن يكون هناك تغير كبير بالسياسة النفطية أو الخارجية” في الدولة الخليجية.
وقدم رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استقالة الحكومة، حيث جرى العرف على أن تقدم الحكومة استقالتها عقب اختيار أمير جديد للبلاد حيث يقوم الأمير بتكليفها مرة أخرى أو اختيار حكومة جديدة.
والحاكم الجديد مثل سلفه سيكون عليه مواجهة نفس “الخلل السياسي”، الذي يمثل عقبة في وجه الاقتصاد وهناك “جهودا بدأت للتوفيق” بين البرلمان المنتخب وبين الحكومة التي يشكلها الأمير بنفسه، وكان الشيخ مشعل الصباح قد أعرب عن دعمه لضخ وجوه جديدة في الحكومة. وقال الأستاذ المساعد بجامعة الكويت، بدر السيف، “يجب أن يكون التركيز على ما إذا كانت القيادة القادمة سواء ولي العهد أو الحكومة ستحقق النجاح أم لا، بغض النظر عن مسألة العمر”.
وترددت أصداء خطاب الشيخ مشعل على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره لامس أهم القضايا التي تؤرق الكويتيين والتي تعتبر أيضا من أكبر التحديات لحكمه.
وتتجه الأنظار في الشارع الكويتي إلى تسمية أمير البلاد الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وليا للعهد الذي سيكون للمرة الأولى من بين أبناء العمومة وتحديدا أمراء آل صباح وإخوتهم ممن حكموا الكويت في آخر نحو 60 سنة. فبعد وفاة جميع شيوخ الكويت من أبناء الأميرين أحمد الصباح وسالم الصباح الذين تعاقبوا على حكم البلاد خلال العقود الماضية، سيكون أمام الشيخ مشعل الأحمد اختيار ولي عهد جديد بين نجله أو أبناء إخوته وعمومته.
وخلال العقود الماضية ظهر في الكويت مصطلح “صراع الأجنحة” في إشارة إلى خلافات بين شيوخ آل صباح على النفوذ والحكم، كما طفت على السطح مشاكل بين أفراد عائلة الصباح الحاكمة بين اتهامات بالفساد ومؤامرات سياسية. لكن من غير المرجح أن يتجه الأمير الجديد إلى تسليم السلطة لجيل أصغر سنًا إذ حينما يتعلق الأمر باختيار ولي العهد، قضت العادة أن يتم اختياره على أساس الخبرات الواسعة، بجانب ضرورة أن يكون من نسل الشيخ مبارك الصباح، الذي يعتبر مؤسس الكويت الحديثة والذي توفي عام 1915.
والشيخ مشعل الذي يتولى السلطة عن عمر يناهز 83 عاما شغل مناصب رفيعة في أجهزة الأمن والدفاع الكويتية، واعتاد على تسيير شؤون الحكم نظرا لتوليه على مدى العامين الماضيين، المهام الرئيسية للأمير الراحل الشيخ نواف.
ومع توليه رسميا قيادة الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ينتظر منه أن يدير شؤون الكويت التي تعاني من عدم استقرار سياسي. فهو يرث دولة شهدت تشكيل خمس حكومات خلال سنة واحدة وتنظيم ثلاثة انتخابات برلمانية في ثلاث سنوات.
وتمتلك الكويت المتاخمة للسعودية والعراق، سبعة بالمئة من احتياطيات النفط الخام في العالم. وليس لديها سوى القليل من الديون كما تدير أحد أقوى صناديق الثروة السيادية في العالم. ومع ذلك، فهي تعاني من المواجهات المستمرة بين النواب المنتخبين ووزراء الحكومة التي يعين الأمير رئيس وزرائها. ومن ثم فإن أسرة الصباح تمسك بزمام الحياة السياسية على الرغم من النظام البرلماني المعمول به منذ عام 1962. وحال التعثر السياسي دون إقرار الإصلاحات الضرورية لتنويع الاقتصاد وتفاقم الوضع بسبب العجز المتكرر في الميزانية وتدني الاستثمار الأجنبي.
وفيما يتعلق بالسياسة النفطية أو الخارجية للكويت، أشار تقرير بلومبرغ إلى أنه من غير المرجح حدوث “تغييرات جوهرية”، ومن المتوقع أن يُبقي الشيخ مشعل على السياسات الخارجية الكويتية الرئيسية، ومنها دعم وحدة دول الخليج العربية والتحالفات الغربية والعلاقات الجيدة مع الرياض، وهي علاقة ينظر إليها على أنها ذات أولوية قصوى بالنسبة له.
وربما يتطلع الشيخ مشعل أيضا إلى “توسيع العلاقات مع الصين” التي تسعى للعب دور أكبر في المنطقة، خصوصا بعد أن رعت بكين اتفاقا لتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية في مارس/آذار الماضي.
وقال مصدر كويتي إن الشيخ مشعل “يرغب في الاستقرار ويؤكد أهمية علاقة الكويت مع السعودية بشكل خاص”، مضيفا أن أمير الكويت الجديد “قلق إزاء الوضع في المنطقة واندلاع الحروب فيها”. كما أن هناك “ضغوطا متزايدة” تطالب بنوع من الإصلاح السياسي في البلاد.
*قدمت الحكومة الكويتية الأربعاء استقالتها لأمير البلاد الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح بعد وقت قصير من أدائه اليمين أمام مجلس الأمة، في كلمة وجه خلالها انتقادات حادة للسلطتين التشريعية والتنفيذية. ويرث الشيخ مشعل دولة شهدت تشكيل خمس حكومات خلال سنة واحدة وتنظيم ثلاث انتخابات برلمانية في ثلاث سنوات.