رأي في الحدث

تمام أبوصافي : عندما ناصروا الحوثيين!

أكثر من 22 مليار دولار هي الزيادة التي طرأت على كلفة شركات الشحن العالمية في البحر الأحمر نتيجة لهجمات جماعة الحوثيين على السفن والناقلات التجارية – وفق تقرير نشرته شبكة بلومبرغ «1».

 هذه الهجمات – التي بدأت تشنها – الجماعة المتمردة التابعة لايران- منذ 19 نوفمبر الماضي – والتي اتخذت من استهداف السفن الاسرائيلية او المبحرة لاسرائيل هدفًا معلنًا لها- وضعت تحديات خطيرة على عمليات الشحن في البحر الأحمر الذي يمر عبره ما بين 12% – 15% من التجارة العالمية باعتباره ممرًا حيويًا يربط ما بين أوروبا وآسيا- لتتزايد حدتها خلال الاسبوعين الماضين بعد أن اتجه الحوثيون الى استخدام الصواريخ البالستية ضد السفن التجارية التي لم يكن من بينها ولا سفينة مبحرة الى اسرائيل، او مملوكة لشركة اسرائيلية – وفق تقرير منصة تايم الاقتصادية «2» مما أدى الى تراجع حركة مرور السفن عبر البحر الأحمر بنسبة 35% نتيجة لاختيار السفن مسارًا أطول، وبكلفة لوجستية أعلى تفاديًا لهذه الهجمات التي أضرت بسفن وشحنات متصلة بأكثر من 40 دولة من بينها الصين التي لا تربطها حتمًا «علاقة غرامية» بـ الولايات المتحدة او الدول الغربية. وبالتالي أصبح توفير الحماية الدفاعية للملاحة والشحن عبر البحر الأحمر مطلبًا اقتصاديًا عالميًا دفع باتجاه إطلاق الولايات المتحدة الامريكية لعملية «حارس الازدهار» كاستجابة دولية اقتصادية وأمنية تتجاوز الدفاع عن مصالح اسرائيل، او تأثر حركة الملاحة بميناء إيلات المطل على البحر الأحمر. وهذا تمامًا ما يفسر ما ذهب اليه مجلس الحرب الاسرائيلي خلال الاسبوع الماضي عندما قرر عدم توجيه ضربات عسكرية للحوثيين، لأن هجماتهم -واقعيًا- لم تعد مشكلة اسرائيلية – حوثية كما يروج الحوثيون عبر مزاعمهم الدعائية ضمن لعبة استغلال ايران للحرب على غزة وتجيرها لمصالحها. 

 كذلك أن تأتي هذه الاستجابة لتأمين الحماية الدفاعية للسفن في البحر الأحمر عبر قوات البحرية المشتركة «سي ام اف» التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية ليست بمسألة جديدة على المنطقة كي يتم وضعها في سياق التحرك غير المسبوق. فهذا التحالف الذي تأسس في العام 2001 ويضم في عضويته 39 دولة من بينها البحرين – يعمل في المنطقة منذ 22 عاماً من اجل تعزيز امن الملاحة، وردع الانشطة غير الشرعية عبر قوات واجب متعددة المهام. كما إن مشاركة البحرين في قوات الواجب المشتركة «سي تي اف 153» التي تنطلق تحت مظلتها عملية «حارس الازدهار» ليست مسألة طارئة على التزامات البحرين إزاء الأمن البحري كي يتعمد البعض تقديمها للجمهور كخطوة منفصلة عن دور البحرين الداعم لأمن الملاحة في المنطقة، وهي التي قادت -لأكثر من مرة- قوات الواجب المشتركة «سي تي في 152» وقوات الواجب المشتركة سي تي في 150. وهذا رصيد يحسب للمملكة وقدراتها العسكرية، ليس فقط وفق منظور عسكري يدرك أهمية التحالفات بين الدول فحسب، بل وفق منظور أمني إقليمي ووطني، فأمن الخليج يعني أمن البحرين الذي لا ينفصل عن أمن أي دولة مطلة على مياه الخليج في منطقة تتعامل يوميًا مع تهريب المخدرات والأسلحة والقرصنة. ويكفي النظر الى الإحصائيات السنوية التي تصدرها قوات البحرية المشتركة عن ضبطيات الأسلحة والمخدرات، والدولة التي تشكل مصدرًا لها، لتكوين فهم أفضل للتحديات التي تتعامل معها دول الخليج. فمن منا يتخيل وجود أكثر من 3،2 مليون ميل من المياه الدولية- والتي تشمل أهم ممرات الشحن في العالم- بدون التزامات دفاعية دولية وإقليمية؟ إلا من يريد أن يغرق الخليج بالسلاح والمخدرات والقرصنة والفوضى، ويؤسس في دول الخليج ميليشيات«تجارة المخدرات»تحت شعار«نصرة فلسطين»كما فعل في ساحات عربية أخرى، حتى بات لدينا دول تنتج الحشيش «البعلبكي» بنكهة المقاومة، وميلشيات«الحشيش»الشعبي، وميلشيات الممانعة لإنتاج حبوب«الكبتاجون»المخدرة بروح وطنية. وجميعهم مخلصون بالنضال من أجل تهريب المخدرات تحت شعار«فلسطين». وما الحرب التي تخوضها الاردن بصمت وبدون«استعراضات»منذ 8 أعوام على حدودها الشمالية مع سوريا بوجه الميلشيات الايرانية المصنعة لمخدر الامفيتامين- الكبتاجون- والتي صعدت ايران وتيرتها ضد القوات المسلحة الاردنية خلال الاسبوع الماضي، ومنحتها شعار «نصرة غزة» لتمرير كافة أنشطتها غير الشرعية، إلا مثال صريح حيال خطورة المشاريع التي نتعامل معها. وأهمية وجود أكبر تحالف دولي بحري في العالم لهذه المنطقة. وبالتالي الانقياد وراء المزاعم الدعائية التي تطلقها ايران لـ«مباركة» هجمات «مرتزقتها» سواء في البحر الأحمر، او على حدود الاردن مع العراق او سوريا، والدفاع عنها كعمل نضالي من أجل الفلسطينيين، أمر لا يروج له إلا جمهور«منتشي» باستخدام «القات» الحوثي المجبول بسموم طهران التي لطالما أرادت فرض واقع جيو-سياسي على الملاحة في المنطقة، لتعزيزموقفها التفاوضي حول ملفها النووي، وأموالها المحتجزة. واليوم تستخدم حرب غزة لتحقيق مكاسبها البعيدة تمامًا عن الانتصار لسكان غزة، وتستغل رفض الانسان العربي لجرائم اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وهو رفض وجداني لا جدل حوله، لكن لا يجب أن نصبح شركاء لايران في استغلالها لجرائم اسرائيل لمصالحها السياسية والنووية والمالية، ففي الوقت الذي كان ولا زال الناس يقتلون في غزة. نجحت ايران الشهر الماضي بالحصول على إعفاء امريكي عن 10 مليارات دولار لصالحها كانت في العراق. وهو إعفاء لا يمكن قراءته إلا كأحد فوائد تأجير حماس لقطاع غزة بسكانه على ايران، والاستثمار الايراني في جيوب قادة حماس السياسيين «المناضلين الأثرياء» الذين غادروا جميعهم القطاع مع عائلاتهم قبل الحرب بأشهر، فالموت تحت القصف او جوعًا او عطشًا لا يليق بمقامتهم «النضالية»، أما الشهادة فهذا «الصك» الذي يمنحه القادة للفقراء في قطاع نهشته الحرب، ويصنعون له تبريرات مثل «نحن شعوب نعشق الموت» لكنهم واقعيًا لا يموتون اليوم مع شعبهم! هذه الحقيقة التي يتنافخ أمامها مكابرة من لا يمانع أن يباد كل سكان غزة ليمارس حالته النضالية عبر «الكيبورد» بالتصفيق لتنظيم لم يضع لأرواح السكان أدنى اعتبار مسبق قبل شن غزوة 7 أكتوبر، ثم نريد من الغزي أن يصمد، ويتنافخوا غضبًا اذا انتقدنا حماس!. واليوم يتمادون بإهانة قضية الفلسطيني عبر تمجيد «ميلشيا ايرانية» مارست كل أشكال التنكيل بحق أهل اليمن، والصاق قرصنتها بنصرة غزة دون ذرة خجل من مأساة أهل غزة، دون ذرة خجل من دماء شهداء البحرين الذين قتلتهم ايران بيد الحوثيين!.

*الايام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى