محمد يوسف : متى ينتبهون؟
نستغرب من الذين ما زالوا يعتقدون بأن الإخوان يمكن أن يتعايشوا مع فئات مجتمعاتهم الأخرى، ويصرون على اعتبارهم «طيفاً من أطياف الوطن»، كما يحلو لهم أن يرددوا!
وهذا الاستغراب مرده حال أمة بأسرها منذ 2011 وما بعدها، فقد تمزقت دول، واشتعلت حروب في دول أخرى، وما تكاد تطفو على السطح مشكلة، إلا وكان لهذا التنظيم اليد الطولى في إثارتها، من السودان إلى اليمن إلى سوريا إلى العراق إلى ليبيا، هنا في بلادنا العربية، ولولا تنبه المصريين والتوانسة، لكانت هاتان الدولتان غارقتين في الانقسام والتطاحن بين مكوناتها، رغم أن فترة تسلّم الإخوان للسلطة فيهما، كانت سائرة نحو الخطر الذي استمرت آثاره إلى عشر سنوات من المعاناة، وما يحدث في نيجيريا والصومال والدول الأفريقية المحيطة بالصحراء الكبرى، يكمل الصورة التي آلت إليها أحوال المسلمين، الذين كانوا آمنين مطمئنين قبل أن يصلهم فكر الفئة التي تصر على أنها المميزة من بين كل الفئات المسلمة والمتعايشة تحت راية التوحيد.
كتبهم ونظريات مؤسسي حركتهم، وأفعال قادة تنظيمهم الدولي، وجرائم المتسمين بأسماء أخرى ليبعدوا الشبهات عنهم، من القاعدة إلى داعش إلى الشباب إلى باكو حرام، كل ذلك يفصح عن مكنونات قلوبهم، وأوهام تجمعت في عقولهم، يمكن أن تُقرأ، وأن تُفسر، وأن تُقارن بالواقع الذي وصلت إليه الأمة بسببهم، ولكن الواضح أن البعض لا يريد أن يتعلم، أو على أقل تقدير، لا يريد أن يحتاط حماية لنفسه ولبلاده، وما زال يقبل بأن يضع يده في أيديهم، وأن يترك لهم مساحات ينشرون من خلالها فكرهم المنحرف، والمعادي لكل من لا يتقبل ذلك الفكر.
هناك نموذج يمكن أن يتعلموا منه، وأقصد هنا الغافلين أو المتغافلين، أما النموذج، فهو آتٍ من تركيا التي تداركت الأمور، وتنبهت إلى «آفة الإخوان»، بعد أن نخرت، ورفعت عنهم يدها، وكان آخرها ما تسرب عن إلقاء القبض على «حاكم المطيري»، الذي أدار لعقود نشر الفوضى في البلاد العربية، عبر تدريب الإرهابيين، وتمويل عملياتهم، وهو مطلوب في بلاده الكويت، بعد صدور حكم ضده بتهم أمن دولة، أولها «العمل على قلب نظام الحكم، والتخابر مع دول أخرى»!