أحمد الجارالله : عاشت دول الخليج الفرح… وعشنا مع قوانين الظواهر السلبية
هل كُتب على الكويت التغريد خارج السرب، ليس في “مجلس التعاون” الخليجي فقط، إنما في العالم، وأن تكون طاردة للفرح، والإبداع والثقافة والفنون؟
فلقد احتفل العالم أمس بالعام الجديد، وعم الفرح والابتهاج كل الشعوب على اختلاف تنوعاتها، وازدهرت صناعة الترفيه، بل حصدت الكثير من الدول، لا سيما بعض الخليجية منها، مزيداً من المال، لأنها أدركت، منذ البدء، أن الفرح صناعة، وليس العبوس، ولا “حكر” الناس، كما في الكويت، وجعلهم يبدون وكأنهم في زنزانة ممنوع عليهم حتى أن يبتسموا، لأن ذلك مخالف لقانون “الظواهر السلبية”، الذي كانت من إحدى نتائجه زيادة انتشار المخدرات.
كل الشعوب فرحت بقدوم هذا العام، لأنها لحظة فرح في عالم تسوده الحروب والأزمات، لكن في المقابل كانت الكويت كئيبة، لأن ثمة قوة نيابية تعارض أي مظهر من مظاهر الفرح، مع حكومات ضعيفة منحتها “الخيط والمخيط” كي تحدد المسموح والممنوع، وما أكثر الممنوعات التي يعيشها الشعب الكويتي منذ نحو عقدين الى اليوم، حتى وصل الأمر الى منع المطاعم من تشغيل الموسيقى في نهاية العام احتفالاً بسنة جديدة.
في أي إجازة يغادر الكويت ما يزيد على نصف مليون نسمة، لتستفيد منهم الدول المجاورة، سواء الإمارات التي ازدحمت فنادقها بالكويتيين خلال الإجازة الحالية، أو السعودية، والبحرين وسلطنة عمان، بينما ممنوع أن يأتي إلينا أي زائر، لأن الدولة العميقة، ونواب العبوس أقاموا أسواراً عالية تمنع دخول أي كان، إلا بمواصفات خاصة، ما أنزل بها الله من سلطان، ومنها أن يكون كئيباً.
حين تنظر الى الدول المجاورة، وناتجها الوطني، وتقارنه مع الكويت تجد وكأننا أشبه ببقالة، وليست دولة تسعى الى تنويع مصادرالدخل، ففي الإمارات درت صناعة السياحة على الدولة ما يزيد عن 25 مليار دولار العام 2022، وكانت حصة دبي وحدها نحو عشرة مليارات، فيما الكويت كانت حصتها أقل من واحد في المئة من السياح في دول الخليج، ومعظمهم من الدول المجاورة.
من المهم الإضاءة على هذا المورد الذي يشكل هدراً بنحو عشرة مليارات دولار سنوياً، نتيجة هروب الكويتيين إلى الخارج في الإجازات، إضافة الى منع الزوار من دخول البلاد، وهو ما يضيف خسائر تقدر أيضا بنحو عشرة مليارات أخرى.
ومما لا شك فيها أن المعضلة الأولى التي تواجه صناعة السياحة في الكويت، ليست عدم وجود مرافق سياحية فقط، إنما القوانين المتخلفة التي تناقض طبيعة الثقافة الاجتماعية التي قامت عليها الدولة منذ نحو 400 عام، فيما هناك سعي الى تشديدها أكثر، وفرض أخرى تزيد من إغلاق البلاد، وهذا يؤثر على الدخل الوطني الذي بات بحاجة ماسة الى التنويع، وليس الهدر من اللحم الحي، عبرما يمكن اعتباره رشوة للمواطنين من خلال زيادات ومكافآت لا تسمن ولا تغني من جوع، بسبب التضخم المتزايد، ومحدودية فرص العمل جراء اعتبارات معقدة وكثيرة أمام إقامة المشاريع.
لعل المقبل من الأيام يحمل البشائرالخيرة، وفقاً لما سمعنا من أميرنا الجديد، الذي وضع في خطاباته النقاط على الحروف، وبشر بعهد أكثرازدهار للكويت، خصوصا في ما يتعلق بتصحيح العلاقة بين السلطتين، وعدم تغول واحدة على أخرى، لكن يبقى القول إننا لا بد أن نشكر نواب التشدد وضعف الحكومات الذين لم يشرعوا قانوناً يمنع المواطنين والمقيمين من تهنئة بعضهم بعضا في الأعياد والمناسبات، لا سيما في مطلع كل سنة جديدة، وإلا كانت قد اكتملت دائرة الإغلاق.